كتبت يولا هاشم في “المركزية”:
أكد “تكتل الاعتدال الوطني” أنه في صدد تفعيل مبادرته الرئاسية في الايام المقبلة، في محاولة لإخراج الملف الرئاسي من دوامة الفراغ، وذلك من خلال العمل على تطوير المبادرة التي طرحها التكتل، مع إجراء بعض التعديلات عليها بهدف تسهيل الأمور وتذليل العقبات، على أن تخرج أمام الرأي العام بشكل جديد وهيئة مختلفة. وبالتالي، من المنتظر ان يقوم التكتل بتحرّكات جديدة خلال الأيام القليلة المقبلة، تطال الأطراف السياسيّة كافة.
إلا أن كل المبادرات الرئاسية تصطدم بجدارتمسّك الثنائي الشيعي بمرشحه رئيس تيار “المردة” سليمان فرنجية، ما يعني أن الحلّ الوحيد يقوم على تخليه عن مرشحه والتوجّه نحو الخيار الثالث، وإلا فإن كل المبادرات ستبوء بالفشل. فما الذي يدفع “الاعتدال الوطني” إلى إعادة تفعيل مبادرته؟
عضو تكتل “الاعتدال الوطني” النائب أحمد رستم يؤكد لـ”المركزية” ان “المبادرة لم تتوقف أبداً، لكن بحكم انشغال بعض الزملاء، بداعي الحج او السفر، تروّينا بعض الشيء. كما أننا اجتمعنا أيضاً مع كتلة “اللقاء الديمقراطي” أكثر من مرة، وتبادلنا الأفكار والطروحات. فكل المبادرات هدفها إخراج البلد من هذا النفق المظلم عبر انتخاب رئيس”.
ويشير رستم إلى ان “مبادرتنا واجهت عقبتين، الاولى من سيرأس جلسة الحوار والثانية من سيدعو إلى الجلسة. واستطعنا تذليل أكثر من ثماني عقبات، وخلقنا هامشاً وقرّبنا وجهات النظر بين كل الكتل السياسية”، معتبراً أن “البلد مرتبط خارجياً، بما يحدث في غزة، ويعيش حالة حرب. برأيي كل ما يحصل يؤثر على الملف الرئاسي. نتمنى ان نتمكن دائماً من الفصل، ومن المهم جداً أن يكون لدينا رئيس للجمهورية، خاصة في ظلّ الانهيار الذي يعيشه لبنان، والحرب الدائرة في الجنوب، لكن كل الامور مرتبطة ببعضها البعض”.
ما الجديد الذي ستقدّمه المبادرة ما دام الثنائي الشيعي متمسكا بمرشحه، يجيب رستم: “المبادرة غير محصورة باسم معين، بل دعت إلى وضع الاسماء على الطاولة، وان يتبنى كل فريق المرشح الذي يريد، في النهاية، المسألة تقوم على الانتخاب بكل ديمقراطية وشفافية، فنرى ما هي الاسماء المطروحة، ونذهب بها إلى جلسة شرط ألا يخرج أي فريق ويطيّر النصاب. مجرد حضور الـ86 نائباً الجلسة، فليصل من يصل. ومن ينل العدد الأكبر من الأصوات نبارك له باعتبار أنها انتخابات ديمقراطية. وقد طرحنا مبادرتنا على الرئيس بري الذي كان اول من باركها وأكد أنه كان اول من دعا الى جلسة حوار اقصاها 7 أيام وبعدها نتجه إلى جلسة نيابية، إلا أن بعض الأطراف رفض الفكرة. إذاً الحوار كان مرفوضاً، فجاءت المبادرة، كون تكتلنا كتلة وسطية خارج الاصطفافات السياسية، خرجنا وقلنا لجميع الاطراف بأن لدينا قناعة بأن لا شيء في هذا البلد يحصل من دون حوار، فلنجلس إلى طاولة واحدة، وطرحنا عليهم نقاط مبادرتنا، وقلنا بأن لكل طرف الحق في ترشيح من يريد، شرط الالتزام بتأمين النصاب. تركنا الحرية لكل كتلة بالتمسك بأي مرشح، لأن كل طرف لديه قناعة بشخص معين ولا يمكننا تغيير قناعة الآخر. في النهاية، وصلنا في مبادرتنا إلى هاتين العقبتين: من يرأس الجلسة ومن يدعو إليها، رغم اعتقادي بأن هذه تفاصيل صغيرة في ظل الانهيار الذي يعيشه البلد والحرب في الجنوب. عندما يكون هناك اتفاق على جوهر وندرك أهمية انتخاب رئيس، خاصة في هذه المرحلة، يجب الا نقف على تفاصيل من سيدعو الى الجلسة، فبغض النظر عمن يدعو، لدينا هدف أساسي، يجب تحقيقه”.
ويضيف: “برأيي ليس هناك اتفاق على جوهر بل خلاف على الجوهر، وعندما يكون اتفاق على جوهر، تصبح هذه التفاصيل صغيرة، لكنهم يخلقون منها مشكلة من أجل تأخير الملف الرئاسي. من المفترض اليوم تقديم بعض التنازلات والتخلي عن ذهنية “تكسير الرؤوس” وإلغاء الآخر، لأن تركيبة البلد منذ العام 1975 حتى اليوم مبنية على الحوار والتلاقي. عشنا حربا أهلية وخسرنا فيها زينة شبابنا ومن ثم جلسنا الى الطاولة واتفقنا. شهدنا في العهد السابق شغورا رئاسيا أيضاً، ولم ينته بعد ثلاث سنوات إلا بالحوار”.
لم لا يتم الاتفاق على مرشح ثالث؟ يجيب: “من الوارد اليوم ان يتم الاتفاق على الخيار الثالث، لكن مجرد دخولنا في لعبة الاسماء، خاصة عندما لا تكون الطبخة “مستوية”، يخرج طرف او أطراف ترفض تبني الخيار، لذلك نفضل ان يكون الاسم كائنا من يكون، لأن هدف المبادرة جمع النواب في قاعة المجلس وتأمين النصاب، ومن يفز نبارك له.
اليوم ليس المهم انتخاب رئيس بقدر ما يهم ان ننتخب رئيساً يجد حوله التفافا نيابيا كي يتمكن من تشكيل حكومة، لأن ما الفائدة من انتخاب رئيس وعرقلة تشكيل الحكومة. نكون قد كررنا سيناريو العهد السابق. البلد اليوم بحاجة الى التفاف حول الرئيس وان نؤمن بأن هذا الرئيس سيكون مندفعا ويضع البلد على سكة التعافي السياسي والاقتصادي والاجتماعي. عمل متكامل ما بين رئيس الجمهورية والحكومة وما بيننا كنواب. إذا لم نفكر بمصلحتنا لن يفكر أحد بها”.
ويختم: “الجوهر كلنا نتفق عليه لكن الامور تحتاج الى بعض التنازلات. الرئيس بري وحزب الله، فصلوا موضوع غزة عن الرئاسة ومطلبهم حق، لأن الرئيس بري بحكم أنه رئيس مجلس نواب والاكبر سناً فمن المنطق ان يرأس الجلسة. نحاول حاليا ان نجد صيغة بين من يرأس الجلسة ومن يدعو لها. نتمنى ان تكون الامور ايجابية. وقريباً سيجتمع التكتل لوضع خطة معينة للسير في ضوئها”.