جاء في “المركزية”:
في كلمة القاها خلال المنتدى العقاري الثاني في لبنان، اعلن حاكم مصرف لبنان بالإنابة وسيم منصوري “ان الوقت حان ليعيد القطاع المصرفي عملية التسليف فهو يعتبر المحرك الأساسي للنمو” . واشار إلى أن “منذ بداية الأزمة حتى اليوم شهد الاقتصاد انكماشًا وانخفض الدخل القومي من حوالي 55 مليارًا إلى أقل من 20 مليار دولار وفقدت الليرة اللبنانية حوالي 98% من قيمتها، مشددا على “وجوب العمل على إنجاز القوانين الإصلاحية وحل قضية المودعين”.
في معرض قراءتها للواقع هذا وتقييمها للوضعين المالي والاقتصادي وما تعرض له القطاع الذي شكل علامة فارقة طوال عقود وميّز لبنان، تقول مرجعية مصرفية لـ”المركزية” ان هناك اربع محطات لا بد من التوقف عندها لمعرفة من كان وراء ما اصاب القطاع المصرفي والمودعين في آن، ومن يتحمل مسؤولية القضاء على لبنان مصرف الشرق.
اولى المحطات كانت الاشد ضراوة وتمثلت بقرار حكومة الرئيس حسان دياب التمنع عن دفع اليوروبوند المستحق على لبنان، لانه بحاجة الى المبلغ، ما انعكس في شكل كارثي على الدولة اللبنانية التي إن اضطرت لاحقا الى الاستدانة فبفوائد عالية جدا، لانها لم تلتزم بايفاء الدين.
الثانية، اصرار الحكومة على اقرار سلسلة الرتب والرواتب على رغم معرفة المسؤولين واعضاء الحكومة بتداعيات الخطوة والخوف من افلاس لبنان، ونصائح كبار المسؤولين في المصرف المركزي وجمعية المصارف وتنبيههم الى خطورة اقرارها دفعة واحدة، الا ان المسؤولين السياسيين أصروا على موقفهم في زمن الانتخابات النيابية آنذاك ورفضت الحكومة مبدأ التقسيط وهي لم تكن تملك حتى الرقم النهائي لكلفة السلسلة بدليل ارتفاع المبلغ عدة اضعاف بعد اقرارها، فكان ما كان ووقعت الواقعة.
الثالثة، ملف الكهرباء ورفض العروض المقدمة من الكويت وقطر والمانيا وفرنسا واصرار الحكومة على ان تتولى هي معالجة الموضوع من مال الدولة، ما راكم خسائر قدرت بـنحو50 مليار دولار، وما زال لبنان من دون كهرباء حتى الساعة.
اما المحطة الاخيرة والتي شكلت الضربة القاضية، فكانت سياسة الدعم والاقتراض من مصرف لبنان التي اصرّت الحكومة على اعتمادها خلال الازمة الاخيرة ، ما تسبب بخسارة المركزي احتياطه ونفاده، معطوفة على موازنات الحكومة، وهي تصدر بقانون يحتم تنفيذه ، اذ كانت تطلب المحافظة على الاستقرار في سعر الصرف والدعم في المجال الصحي والكهرباء وعدد من المواد كالطحين والخبز وغيررها.
المحطات الاربعة هذه، ولّدت ازمة لبنان الاقتصادية والمالية وادت الى افقاره ، لكن، ومن اجل ابعاد المسؤولية عن السلطة السياسية المتمثلة بمجلس النواب والحكومة، ركزت القوى السياسية حملتها على “المركزي” والمصارف ووجدت فيهم الملجأ لتبرئة نفسها من اقترافاتها امام الراي العام اللبناني والمودعين الذين اقتنعوا للأسف بلعبة السياسيين . وهي وعلى رغم مرور اكثر من خمس سنوات على الازمة ، لم تنجز خطة انقاذ ، لا لشيئ، الا لان القوى السياسية اياها تتجنب الاقرار بمسؤوليتها وترميها على القطاع المصرفي، حتى ان شركات التدقيق في الحسابات كانت تعمل لمصلحة بعض القوى السياسية.