كتب منير الربيع في “الجريدة الكويتية”:
على وقع الترقب اللبناني لمسار تطورات الوضع بالجنوب، وصلت وزيرة الخارجية الألمانية انالينا بيربروك إلى بيروت في دخول ألماني على خط الجهود والمساعي لتفادي اندلاع حرب شاملة بين إسرائيل وحزب الله، وسط بروز مواقف وتقديرات متناقضة بشأن احتمالات التصعيد.
وفيما اعتبر المبعوث الأميركي آموس هوكشتاين، حسبما نقل عنه موقع أكسيوس الأميركي، أن الحل الدبلوماسي لا يزال ممكناً، وهو ما أكده كذلك مستشار الأمن القومي الإسرائيلي تساحي هنغبي، تشير المعلومات الى أن بيربوك ستقدم افكاراً في إطار مسعى جديد لسحب فتيل التفجير لاسيما أنها إحدى الدول الأساسية المشاركة في قوات اليونيفيل الدولية، كما لعبت سابقا أدوارا في صفقات تبادل الأسرى بين حزب الله وإسرائيل.
في سياق متصل، حركت زيارة أمين سر دولة الفاتيكان بيترو بارولين للبنان، التي بدأت الأحد وتنتهي الخميس، المياه السياسية الراكدة. وحمل بارولين في زيارته ملفات وهموما كثيرة، بينها ما يشدد عليه الفاتيكان دوماً، وهو الحفاظ على الوحدة الوطنية اللبنانية التي تحمي الكيان في مواجهات كل طروحات التقسيم أو الفدرالية، وهو يشدد على ضرورة اندماج المسيحيين في مجتمعاتهم والحفاظ على دولهم ومؤسساتها في وقت يعاني لبنان من فراغ رئاسي طويل ومواجهات عسكرية في الجنوب بين حزب الله وإسرائيل، وسط مخاوف كبيرة من احتمال اتساع رقعتها أو تحولها إلى حرب شاملة.
وقد كشفت الزيارة انقساماً لبنانياً كبيراً، انعكس أيضاً في تلبية الدعوات التي وجهتها البطريركية المارونية الى المرجعيات الدينية والسياسية والروحية لغداء في بكركي نظم أمس على شرف الزائر الفاتيكاني.
وكانت هناك محاولة لعقد قمة جامعة لمناقشة ملف لبنان ككل والوصول الى إصدار موقف موحد بين المكونات الروحية حول الحفاظ على الكيان اللبناني، إلا أن عدم موافقة بعض القوى الروحية والسياسية على المشاركة حال دون عقد القمة، فتحول اللقاء الى غداء، قاطعه المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى بسبب مواقف البطريرك الماروني بشارة الراعي، والتي يشدد فيها على ضرورة تطبيق القرارات الدولية، لا سيما القرار 1559، وذلك لمنع شن أي عمليات عسكرية من لبنان.
وهذا الموقف اعتبره حزب الله موجهاً له، كما اعتبر الحزب أن الراعي وصفه في عظة قبل أيام بأنه حزب إرهابي، الأمر الذي نفته مصادر بكركي، وقالت إن الراعي كان يقصد بعض التنظيمات الأخرى التي تشارك في إطلاق الصواريخ، إلا أن هذه الخلافات حالت دون عقد القمة.
في الوقت نفسه فإن اللقاء السياسي بقي ناقصاً في ظل عدم موافقة رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع على الحضور، وكذلك رئيس حزب الكتائب سامي الجميل، علماً أن مصادر متابعة تشير الى أن بارولين كان يحمل مبادرة تتعلق بإنجاز الانتخابات الرئاسية من خلال جمع الأقطاب الموارنة الأربعة، وعقد جلسة نقاش فيما بينهم للاتفاق على انتخاب رئيس، أو بالحد الأدنى لتقديم كل شخص منهم اسمي مرشحين للنزول الى جلسة انتخابية مع تعهدات بعدم تعطيل النصاب.
وأبدى بارولين في كل محطات زيارته خوفاً كبيراً على لبنان، وعلى استمرار مسار الانهيار في ظل عدم قدرة اللبنانيين على التعاون فيما بينهم لإنجاز الاستحقاقات ومنع التدهور، كما أبدى تخوفاً كبيراً على مصير لبنان في حال استمرت المواجهات في الجنوب، واتسعت إلى حرب، ما سيؤدي إلى نتائج كارثية على لبنان واللبنانيين.