IMLebanon

السياحة الحدودية بين الحرب والقلق الاقتصادي

كتب عامر زين الدين في “الانباء الكويتية”:

القلق الذي يساور اللبنانيين جراء الواقع الأمني الناتج عن التهديدات الإسرائيلية المتصاعدة والمتوتر حدوديا، من شأنه أن يبدد الآمال بموسم سياحي واعد، كان يمكن ان يعيد شيئا من الثقة المفقودة لولا أصوات القذائف والصواريخ والقصف التي تقض مضاجع أبناء المناطق الحدودية ويسمع صداها في مدينة حاصبيا، التي سبق ونالت ما نالته إبان عدوان 2006 وعلى ضفاف نهر الحاصباني الشهير، كواحد من معالم القطاع الأساسي في منطقة لبنان الجنوبية – الشرقية، وهو يفتقد اليوم الدلالة على موسم سياحي زاخر، كان المأمول منه ان يعوض الركود، والذي تظهر تباشيره عادة بداية يونيو من كل سنة.

ثمة ما يبرر تلك الحركة السياحية الخجولة جدا وشبه المعدومة بسبب التطورات والمستجدات الأمنية الراهنة، لكن التعويل على عطل الأعياد أيضا لم يكن في محله، للحصول على الحجوزات التي تعوض النقص. وجاءت النتائج مخيبة للآمال لدى الأطراف الناشطة على خط إرساء فكرة الصمود الاقتصادي وتاليا السياحي في مواجهة الأخطار المحدقة، ظنا منها ان فصل هذا القطاع عن سائر الملمات الحاصلة، تجيز لمنطقة الحاصباني مثلا المحافظة على الحد الأدنى من الاستقرار المطلوب.

غير ان المطاعم المنتشرة على ضفتي النهر، والتي هي مصدر عيش لحوالي 100 عائلة ممن يمتلكون منتجعات ومرافق حيوية، شبه متوقفة بسبب تلك التطورات.

سابقا، كانت هناك مشكلة في التلوث ومجاري الصرف الصحي التي تصب في مجرى نهر الحاصباني. ولطالما شكلت مصدر قلق لدى قاصدي تلك المنطقة، لكن الإجراءات التي قامت بها بلدية حاصبيا متعاونة مع أصحاب المتنزهات، أزالت المشكلة نهائيا، بدليل النظافة الظاهرة وعودة تربية الأسماك وإمكانية السباحة.. الخ. وغيرها من المشاريع الحيوية المهمة، كما يقول رئيس بلدية مدينة حاصبيا لبيب الحمرا لـ «الأنباء»، معتبرا ان «منطقة الحاصباني هي من المناطق السياحية المميزة والتي تحتضن على ضفتي النهر عشرات المطاعم والمسابح والاستراحات».

وأضاف: «نمر اليوم بمرحلة صعبة جدا بسبب الخوف والحيرة على أصحاب المطاعم والمنتجعات السياحية، وبتنا أمام خيارين: إما فتح الأبواب تحت الخطر ومهما كانت الكلفة، أو الإقفال إلى حين تحسن الأوضاع الأمنية، بدلا من تكبد خسائر مادية كارثية نتيجة غياب السياح والزبائن، حيث الأكلاف كبيرة من أجل الحفاظ على مميزات تلك المنطقة».

واسترجع حمرا المراحل السابقة التي كانت فيها العائلات تحجز أماكنها قبل أشهر من افتتاح الموسم، بدءا من شهري فبراير ومارس وطيلة فصل الصيف. «في حين لم تتخط الحجوزات نسبة الـ 10%، وهذا العامل يلقي المزيد من المسؤوليات الإضافية على عاتق أبناء المدينة والعاملين في هذا القطاع، حيث تستفيد مئات الأسر من الموسم السياحي، ويستفيد منه العاملون في بقية القطاعات من الزراعة والصناعة والتجارة وغيرها».

وفي السياق نفسه، قال صاحب استراحة ومشروع J&S السياحي المميز في منطقة الحاصباني في مدينة حاصبيا شوقي ابو ترابي لـ «الأنباء»: «من عادة اللبناني التكيف مع التحديات التي تواجهه والبقاء واقف على رجليه. لكن المشكلة ليست أمنية فقط نتيجة العدوان الإسرائيلي على غزة وتداعياته القاسية على لبنان فحسب، وإنما للواقع الاقتصادي – الاجتماعي المنهار أصلا، والذي يزيد من بؤس اللبنانيين، مذ بدأت احتجاجات 17 تشرين الاول».

وتابع: «أما الأحداث الحاصلة على امتداد مناطق الجنوب فأدت إلى ضرب الموسم نهائيا، والذي كانت تزدهر به سنويا منطقة حاصبيا، بحيث يتوافد إليها الزوار من كل حدب وصوب، للاستمتاع بجمال طبيعتها الخلابة، ولكونها محافظة على تلك الطبيعة وعلى نظافة مياه النهر وتنشق هوائه العليل، وهي تتربع رفوق مجرى نهر الحاصباني، من رأس النبع وحتى جسر الشقعة في منطقة CNN سوق الخان. ورغم حصول العدوان الإسرائيلي المدمر على لبنان عام 2006 والذي نالت منه حاصبيا نصيبا كبيرا، مع ذلك بقي تهافت السياح ورواد المطاعم إلى المنطقة بعدئذ، مما ساهم في تفعيل الدورة الاقتصادية التي تستفيد منها المئات من العائلات التي تعنى بالقطاع السياحي».