IMLebanon

الحرب المحتمَلة والرئاسة الممنوعة جنباً إلى جنب!

كتب وسام ابو حرفوش في الراي الكويتية:

مع اقتراب شهر تموز الذي يتمّ التعاطي معه على أنه سيكون مفصلياً في تحديد وُجهة الحرب على الجبهة اللبنانية التي تتقاذفها حالياً رياحُ تهديداتٍ بآتٍ أعظم «بات مسألة وقت» وأخرى بأنّ الصِدام الكبير ممنوعٌ باعتبار أنه سيعني انفجاراً إقليمياً، «استفاق» ملف الشغور المُتمادي في رئاسة الجمهورية على وقع محاولاتٍ عربية وفاتيكانية متجدّدة لإنجاز هذا الاستحقاق من دون أن يَبرز أي مؤشرٍ إلى أنه سيكون متاحاً فكّ الارتباط الذي أصبح بحكُم الأمر الواقع بين هذا الاستحقاق وحرب غزة و«ملحقها» في جنوب لبنان.

وفيما كانت الأمم المتحدة تُصْدِر أقوى تحذير من أنّ اتّساع الحرب إلى لبنان يمكن أن يكون «مروّعاً»، وعلى وقع خشيةٍ من أن تستبدل تل أبيب الحربَ الواسعة بتوسيع المواجهات الحالية ضمن رقعة جنوب الليطاني لزيادة الحماوة تحت نارِ حلٍّ ديبلوماسي تفضّله وبات محكوماً بـ«مهل إسقاطٍ» يَفرضها خريفٌ رئاسي في الولايات المتحدة وتحبيذٌ إسرائيلي لعودة سكان الشمال إلى منازلهم في سبتمبر، تحرّكت المياه الرئاسية الراكدة في بيروت بالتوازي مع استمرار الانشغال الكبير بـ«الأيام الراكضة» في سباقٍ مع «ساعة رملية» بدا أنه تم قلْبها في سياق بتِّ اتجاهات الميدان في الجنوب وكيفية إطفاء الحريق وهل بتصعيد يمهّد للتهدئة.

وجاء هذا التوازي في الاهتمام بين مساريْ «الاشغال الحربي» جنوباً والشغور في رأس الجمهورية، والذي عبّرتْ عنه حركةُ كل من أمين سر دولة الفاتيكان الكاردينال بييترو بارولين والأمين العام المساعد للجامعة العربية السفير حسام زكي في اتجاه بيروت التي زارتْها أيضاً (الثلاثاء) وزيرة الخارجية الألمانية أنالينا بيربوك، في الوقت الذي كان «حزب الله» – المشدود إلى محاكاةِ كل السيناريوهات والاحتمالات في ما خصّ ما يمكن أن تندفع إليه إسرائيل، رغم «توازن» الردع والتدمير الذي يُرسيه – يُعطي إشاراتٍ إلى أنه انتقل إلى مرحلةٍ عنوانها «لا تَساهُل بعد اليوم» بإزاء خصومه في الداخل ومواقفهم وأي جهة أو مرجع من الحرب التي أعلنها في 8 أكتوبر، وهو ما عكسه أمران: الأول «البيان الناري» من المفتي الجعفري الممتاز الشيخ أحمد قبلان رداً على مواقف لرأس الكنيسة المارونية البطريرك مار بشارة بطرس الراعي. والثاني تصريحاتٌ لا تقلّ «سخونة» من نواب وقادة في الحزب بلغة تخوينيةٍ من العيار الثقيل.

وإذ كان «حزب الله» وبلسان نائب أمينه الشيخ نعيم قاسم يحدّد المقاربةَ لـ «الجولة المقبلة» من الحرب التي يُفترض أن تتكشّف طلائعها مع بدء إسرائيل المرحلة الثالثة من حرب غزة على قاعدة تخفيف العمليات العسكرية، والتحول إلى عمليات محدودة مع «الاستدارة» نحو جبهة الشمال، بتأكيده «أن المساندة ستبقى حتى تتوقف (الحرب) في غزة ولن تتوقف قبل ذلك، ولتقُم إسرائيل بما تريد وبإمكاننا أن نقوم بما نريد»، بدا أن الحزبَ يتحسّب لإمكان تطوير إسرائيل الحرب في الجنوب على خطين:

– الأول ميداني غير معلَن يتّصل بالجهوزية العسكرية والصاروخية و«أخواتها».

– والثاني عملياتيّ ونفْسيّ بهدف وضْع ضوابط و«قواعد اشتباك» جديدة تظلّل المرحلة الثانية المحتمَلة إذا دفعتْ تل أبيب في اتجاهها بخلفية الضغط لتسويةٍ بشروطها، ودائماً تحت سقف أنه ومن خلفه إيران لا يريدان حرباً كبرى لا يخشيانها بحال فُرضتْ، ولكنهما لن يساهما بما قد يفجّرها، وهي نقطة تقاطُع غير مباشرة مع تل أبيب (وواشنطن) التي بدورها لا تحبّذ اصطداماً مريعاً وتسعى في الوقت نفسه إلى استدراجِ حلٍّ ديبلوماسي ولو عبر «ممرّ ساخن» تعتقد أن بالإمكان ضبْط حماوته بحال حُصر جغرافياً بجنوب الليطاني، وسط توقف أوساط متابعة عند ما نقلتْه وسائل إعلام إسرائيلية عن أنّ «طرفاً ثالثاً» نقل رسالة من«حزب الله»إلى الأميركيين، مفادها بأنّ «أيّ اجتياح بريّ أو استهداف لمطار بيروت، سيكون الردّ عليه غير متوقّع».