جاء في “الأنباء” الكويتية:
تعود الأمور الداخلية إلى إيقاعها الذي يسير بالتوازي مع «جبهة المساندة» في الجنوب اللبناني. وبدا أهل الداخل أقل قلقا من احتمال مبادرة إسرائيل إلى توسيع الحرب مع «حزب الله»، انطلاقا من معطيات عدة، ليس أقلها تمكن «الحزب» من فرض ردع عسكري، ألزم إسرائيل إجراء حسابات دقيقة تتعلق بمقاربتها الملف العسكري مع لبنان.
وإذا كان الركود يفرمل اندفاعة الانفراج السياسي الداخلي المرجو، توازيا مع مجريات الميدان من غزة إلى الجنوب، فإن الحياة تسير بزخم في البلاد، لجهة إصرار الناس على اعتبار الأمور طبيعية، وان الحرب محصورة جنوبا.
وفي الشق السياسي، علمت «الأنباء» من مصادر ان رئيس مجلس النواب نبيه بري لن يدعو إلى جلسات تشاور، حتى «بمن حضر»، قبل تبيان الأمور في غزة، وانعكاسها تاليا هدوءا على جبهة الجنوب.
ومع مغادرة أمين سر دولة الفاتيكان الكاردينال بييترو بارولين بيروت أمس، قال مصدر مقرب من المشرفين على إعداد زيارته لـ «الأنباء»: «لم يحتج بارولين إلى تفسيرات بخصوص مقاطعة نائب رئيس المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى الشيخ علي الخطيب للغداء الذي دعا إليه البطريرك الماروني الكاردينال بشارة الراعي في بكركي الثلاثاء».
وأفاد المصدر وهو من «فرسان منظمة مالطا ذات السيادة» في لبنان، «بأن المحيطين ببارولين استغربوا كلام البطريرك الراعي في عظته الأحد الماضي، وتوقيت هذا الكلام الذي استبق وصول بارولين إلى بيروت بساعات، معتبرين ان الراعي رمى بمشكلة عن قصد او غير قصد أمام الزائر الفاتيكاني الرفيع المستوى».
وأضاف: «كلام البطريرك لم يتم التوافق عليه في وثيقة بكركي التي شهدت اجتماعات كثيرة مند 4 أشهر، لم تسفر عن الوصول إلى صيغة نهائية لها، لرفض أفرقاء عدة تضمينها بندا يؤجج الأمور مع الفريق الآخر. واللافت ان «تيار المردة» لم يشارك في اجتماعات بكركي، في حين حضر رئيسه المرشح الرئاسي سليمان فرنجية الاجتماع والغداء الذي دعا إليه البطريرك الراعي، وأمضى غالبية الوقت متحدثا إلى رئيس «التيار الوطني الحر» النائب جبران باسيل، والأخير من غير مؤيدي طروحات عالية السقف ضد الشريك الآخر في الوطن.
ورأى المصدر ان بارولين قصر زيارته على تفقد الأنشطة الإنسانية والاجتماعية والخيرية الخاصة بالمنظمة، وختمها بتفقد أحد مراكز المنظمة في ضاحية عين الرمانة عصر الأربعاء، علما انه التقى العديد من الشخصيات السياسية بعيدا من الإعلام».
وتابع: «اللقاء الوحيد لبارولين مع البطريرك الراعي كان يوم الثلاثاء الماضي في بكركي، وهو اعتبر نفسه ضيفا غير مشمول بالحسابات بين سيد بكركي ومكون أساسي في الوطن، انتقده الراعي بقسوة قبل يومين».
وخلص المصدر إلى القول: ليس هناك من أزمة بين الفاتيكان و«الثنائي الشيعي»، علما ان الكرسي الرسولي لم يعتبر نفسه معنيا بالمقاطعة من الخطيب، وبالتالي لا يشارك الزعيم وليد جنبلاط بما كتبه على منصة «إكس» من ان المقاطعة مقصود بها مقام البابا فرنسيس.
في أي حال، تم تمرير ما جرى وتسبب في مقاطعة الشيخ الخطيب للقاء كان مفترضا به ان يكون جامعا في بكركي. وفي محصلة زيارة بارولين ان الأخير لم يحمل مبادرة لحل الأزمة الرئاسية، وطبيعة عمله وموقعه تختلف عما يقوم به كل من الموفدين الأميركي آموس هوكشتاين والفرنسي جان إيف لو دريان.
واعتبر المصدر «ان الانفراج الرئاسي مرهون قبل كل شيء بالتوصل إلى وقف للنار في غزة».
وعلى مسار الحرب على الحدود، وعلى الرغم من التهديدات والتحذيرات الدولية والدعوة إلى عدم السفر إلى لبنان، فإن المسؤولين على قناعة تامة بأن الحرب لن تتوسع.
وقال مصدر مطلع لـ«الأنباء»: «تلقى المعنيون بالملف اللبناني مباشرة تطمينات من دول مؤثرة باتخاذ القرار بعدم توسع الحرب، مع رفضها من قبل الجميع. وأبرز هذه التطمينات من الجانب الأميركي، حيث أمضى وزير الدفاع الإسرائيلي يوآف غالانت أياما عدة في واشنطن تمكن خلالها من حلحلة بعض العقد بشأن صفقه الأسلحة. وقد تقاطعت التطمينات مع قول غالانت ان بلاده لا تريد حربا، ولكنها تستعد لكل السيناريوهات».
وبخصوص تحرك الأمين العام المساعد لجامعة الدول العربية السفير حسام زكي الذي أجرى اتصالات يلفها التكتم في بيروت، علمت «الأنباء» ان الهدف هو العمل مع الأفرقاء السياسيين لتقديم التنازلات.
ميدانيا، وعلى الرغم من أجواء التهدئة على الحدود، فقد شنت الطائرات الحربية الإسرائيلية غارة عنيفة على مدينة النبطية في عمق الجنوب، أحيطت بالتكتم رغم تسريب معلومات ان المقصود هدف كبير. وأدت الغارة إلى دمار واسع وأضرار في المنازل المجاورة، وإصابة عدد كبير من المدنيين. كما دمرت غارة منزلا في بلدة عيترون.