كتب منير الربيع في “المدن”:
تشهد الكواليس اللبنانية والديبلوماسية نقاشاً بدأ يتجاوز مسألة الحرب في الجنوب أو توسع المواجهات بين حزب الله والإسرائيليين، الى مواجهة شاملة ومفتوحة وواسعة. وبين ما يتجاوزه النقاش بحث في كيفية التجديد لقوات الطوارئ الدولية “اليونيفيل” وتطبيق القرار 1701 الذي يعلن الجميع موافقتهم عليه. وفي خضم هذه المفاوضات التي يدخل على خطها عدد من الوسطاء، يتزايد لدى الجهات السياسية والرسمية اللبنانية منسوب التفاؤل بتجنب الحرب وبان الضغوط نجحت في منع اسرائيل من توسيعها، وهو ما دفع رئيس الحكومة نجيب ميقاتي الى التعبير عن أن التهديدات كلها تندرج في سياق الحرب النفسية.
استعداد للتسوية
هذا الكلام الرسمي اللبناني الذي أطلقه ميقاتي من الجنوب، كان قد سبقه موقفان، الأول لرئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو الذي أعلن أن حكومته جاهزة للتسوية والإتفاق في حال تم الوصول الى تفاهم حول إعادة سكان الشمال الى مستوطناته. والثاني لوزير الدفاع يوآف غالانت الذي قال إن اسرائيل لا تريد الحرب ومستعدة للإتفاق والتسوية. هذا الكلام في المضمون يختلف عن المواقف ذات السقف المرتفع والتي تلوح بالحرب الكبرى، خصوصاً وسط التقاء توجهات الإدارة الأميركية الحالية، وايران حول منع توسع الحرب، والمسارعة في إنجاز تفاهم قبل الإنتخابات الأميركية وإحتمال نجاح مرشح الجمهوريين دونالد ترامب.
ضغط على طهران
بعد المناظرة الأميركية الأولى بين بايدن وترامب، وما حققه الأخير من تقدّم على الرئيس الحالي، سيفرض على الإدارة الأميركية المسارعة الى البحث عن إنجاز يتحقق في غزة وفي جنوب لبنان ومع إيران أيضاً، ليقدمها بايدن للجمهور الأميركي. تلك المناظرة بنتائجها تشكل ضغطاً على طهران أيضاً، التي يفترض بها السعي إلى مساندة بايدن انتخابياً في محاولة لتجنّب فوز ترامب، وإن لم يتحقق ذلك، فإن طهران ستفضل توفير اتفاق مع إدارة بايدن على أن يبقى كل شيء مؤجلاً ومعلقاً الى ما بعد انتخاب ترامب والذي لا يمكن التنبؤ بما ستكون عليه مواقفه وقراراته وتوجهاته.
كل هذه العناصر الضاغطة، بالإضافة الى زيارة نتنياهو الى الولايات المتحدة الأميركية وخطابه أمام الكونغرس، الذي سيعلن فيه انتصاراً غير مكتمل مع الإنتقال الى مرحلة ثانية من العمليات العسكرية والتخلي عن العمليات البرية الموسعة في غزة، يريد له الأميركيون أن ينعكس انخفاضاً في وتيرة العمليات العسكرية على الجبهة اللبنانية مع فتح باب التفاوض على إنجاز الإتفاق والذي يفترض أن يكون متزامناً مع موعد التجديد لقوات الطوارئ الدولية اليونيفيل، وهو الإستحقاق الذي يحلّ موعده في نهاية شهر آب.
التنسيق مع فرنسا
بدأ لبنان التحضير لهذا الإستحقاق من خلال إعداد مسودة النص وتنسيقه مع الفرنسيين، بينما هناك جهات عديدة تسعى الى إدخال تعديلات على هذا النص لا سيما بما يتعلق بتوسيع صلاحيات اليونيفيل أو زيادة عديدها، وهو ما يشهد نقاشاً موسعاً على مستوى الدول المعنية. في هذا السياق أيضاً، تشير بعض المعلومات إلى أن هذه النقاط ستكون مدار بحث بين المبعوث الأميركي آموس هوكشتاين والمبعوث الفرنسي جان ايف لودريان، من دون إغفال زيارة وزيرة خارجية ألمانيا إلى بيروت خصوصاً في ظل معلومات تفيد بأن الألمان يريدون الإضطلاع بدور أساسي وسط معطيات تشير الى أن الأميركيين يقترحون أن يكون لألمانيا مراقبين مهمتهم مراقبة تطبيق القرار 1701 والإشراف على عدم وجود أي تحركات أو أنشطة عسكرية جنوب نهر الليطاني.