كتبت نجوى أبي حيدر في “المركزية”:
كثيرة هي المعطيات التي طرأت على المشهدين الاقليمي والدولي في الايام الاخيرة. اسرائيل تتجه الى انهاء عملياتها العسكرية بعد رفح والانتقال الى المرحلة الثالثة. رئيس وزرائها بنيامين نتنياهو يزور واشنطن لالقاء خطاب أمام الكونغرس في 24 تموز الجاري. فرنسا الغارقة في انتخاباتها تخشى تداعيات فوز حزب التجمع الوطني المنتمي لليمين المتطرف وحلفائه بعدما حصلوا على 33 بالمئة من الأصوات في الجولة الأولى من الانتخابات البرلمانية امس. المبعوث الرئاسي الأميركي آموس هوكشتاين يزور باريس بعد غد في اطار التنسيق الجاري لإبعاد الحرب عن لبنان. الوضع الانتخابي الاميركي ينذر بتبدلات كبرى بعد المناظرة بين المرشحين الرئيس جو بايدن والرئيس السابق دونالد ترامب وما افرزت من نتائج تبدو ستطيح بالرجلين بحسب ما تتوقع مصادر دبلوماسية اذ تقول لـ”المركزية” ان بعد المناظرة ثمة احتمال جدي لانسحاب بايدن لكن الجميع ينتظر الموعد، وتوازيا ، يتعاظم الضغط على القضاء لإدانة ترامب وقطع الطريق على عودته الى البيت الابيض، شأن إن حصل، سيغير المشهد الاميركي الرئاسي في شكل كبير ومؤثر على المنطقة.
ازاء كل ما تقدم، تقول المصادر ان اسرائيل لن تشن حربا واسعة على لبنان، على الاقل ليس قبل زيارة نتنياهو لواشنطن، اذ لا يُعقل ان يفتح حربا ثانية ويزور الولايات المتحدة لالقاء كلمة في الكونغرس وهي تحذر وترفض فتح حرب مع لبنان وتحرّك موفديها في اتجاه الدول لمنعها. وتعرب عن اعتقادها ان زيارة نتنياهو ستؤسس لانفراجات تتصل بالوضع في غزة انطلاقا من تمسك بايدن بمقترحه لوقف اطلاق النار في القطاع لتوظيفه في الانتخابات الرئاسية، وعدم جواز استمرار نتنياهو متمسكا بشروطه للقبول به، والا لما زار واشنطن.
وتعزز المصادر اعتقادها بأن لا حرب وشيكة، بالقول ان ايران تضغط على اسرائيل من بوابة جنوب لبنان عبر حزب الله، فيما تعمل واشنطن لوقف النار في غزة من خلال “تهديد” امين عام الحزب حسن نصرالله الذي يرد بالتصعيد، خصوصا وانه بات يملك سلاحا نوعيا ودقيقا يمكنه بواسطته استهداف العمق الاسرائيلي وتدميره.
وتحاول ايران ان تبعث برسالة الى بايدن “الضعيف” لاستعجال التفاوض معه وانتزاع مكاسب منه عشية الانتخابات خشية وصول دونالد ترامب الى البيت الابيض، لأن وصوله بنظر ايران كارثي كونه سيستكمل حملته عليها ويرفع سقف العقوبات ويحول دون حصولها على النووي. من جهته، يخشى بايدن سلبيات اي اتفاق مع ايران على معركته الانتخابية. انطلاقا من هنا، تعتبر المصادر ان حزب الله ورقة ذهبية بيد ايران لن تتخلى عنها قبل ان تقبض الثمن غاليا، وما يجري في المنطقة هي حرب ايرانية ضد الولايات المتحدة واسرائيل بواسطة حزب الله، الذي فوضت واشنطن تل ابيب بإنهائه.
كل التقديرات بأن الحرب وشيكة وحتمية لا تستند الى اي مبرر موضوعي في هذه المرحلة حتى لدى اسرائيل، تختم المصادر. وتنقل عن خبيرعسكري قوله “يجب التمييز بين حرب من دون ضوابط وسقوف وفق ما قال حسن نصرالله، وبين تصعيد عسكري مضبوط. واستنادا الى المعطيات المتوافرة راهنا ، يُستبعد حتى الان نشوب حرب كبرى. فكلفة الحرب في جنوب لبنان ستكون باهظة ومدمرة لأنها من دون ضوابط. وكذلك على اسرائيل، نظرا لما يملك الحزب من اسلحة متطورة. اضافة الى ان الحرب إن وقعت لن تبقى محصورة بين الدولتين بل ستمتد الى سائر دول المنطقة، وبعد تدميرغزة يُدمر لبنان وتُدمر اسرائيل وتتورط واشنطن في الحرب وتعرض مصالحها عشية الانتخابات الرئاسية للخطر فتنعكس تداعياتها على معركة بايدن الانتخابية، فأين المصلحة في اشعالها؟