كتب عامر زين الدين في “الانباء الكويتية”:
ساهم الارتفاع في درجات الحرارة في استعجال المزارعين موسم حصاد العدس هذه السنة، ولم تكن المناطق المرتفعة نسبيا في منأى من لهب الشمس الحارقة، كحال «جبل الشيخ» أو ««جبل حرمون» الذي ينتج المواسم المميزة على بساط أربع قمم يحتويها ويتراوح ارتفاعه ما بين 2100 و2800 متر، فيمتاز انتاجه الذي يقدر بنحو 10 أطنان سنويا بجودة كبيرة، ما يجعل المريدين يسارعون للحصول على انتاجه قبل غيره من تلك التي تزرع في السهول.
ولحصاد موسم العدس نكهة خاصة، اذ يجتمع المزارعون على جنيه، من خلال التعاون و«الفزعة» في تقليد درجت عليه العادة القديمة، لإنجاز عملية حصاد تحتاج جهودا استثنائية، بالنسبة إلى زراعته وقطفه وترتيب أوراقه وتجفيفها وتوضيبها وكلها مسائل معقدة. لكن الواقع الاقتصادي المتردي فرض على أبناء الأرياف العودة إلى الارض لتأمين حاجاتهم من المونة، والباقي لتسويقه داخليا وفي القرى المجاورة.
ويبرز ابن راشيا المزارع الشيخ مفيد سليمان محمود أهمية قصوى لزراعة العدس، ويقول لـ «لأنباء»: «موسم العدس في جبل الشيخ له ميزة خاصة من حيث الجودة والطبيعة والطريقة. ومن المعروف عن العدس البلدي قيمته حسب مناطق زراعته، فإنتاج زرع السهول غير مطلوب مقارنة بإنتاج جبل الشيخ، بسب عدم الاستواء السريع. وبالتالي له قيمة ونكهة خاصة ومطلوب جدا للمونة، وزراعته قديمة جدا عبر التاريخ، بحيث يزرع في أواخر فصل الشتاء ويحصد أواخر الربيع في الصباح على الندى، لعدم هرارة المحصول».
ولأن ما دون كل انتاج مشكلات زراعية وعقبات، فإن مشاكل زراعة العدس تأتي بسبب المنافسة الاجنبية، حيث يضعون له المواد الحافظة ويكون قديما، فيباع في أسواق لبنان بنصف قيمة الانتاج البلدي، اذ ان كيلو العدس البلدي عندنا يباع بنحو 3 دولارات، بينما يبلغ سعر الكيلو الاجنبي زهاء دولار ونصف الدولار فقط، كما يقول محمود.
ويتابع المزارع متناولا الأذية التي تلحق بالعدس من الخنازير البرية أولا، ومن الفئران ثانيا. ويقول ان العدس البلدي اللبناني «يصلح لسنين عديدة، ويضاف اليه الملح الخشن بعد الغربلة والغسل، ويخزن في أماكن باردة لكي لا ينمو السوس فيه. فهو أساسي كمكون من الحديد للصحة، وطبخاته من المجدرة والمدردرة وشوربة العدس والعجين بالعدس والقصيقصة تميز الطعام اللبناني. وأصبح اليوم بعد غلاء أسعار اللحوم بديلا عنها، من خلال الكبة بالعدس».
من جهته، يركز المزارع عبدالحميد السيد من البقاع الشمالي على ارتفاع أسعار الأدوية والأسمدة، «التي لم تعد أمرا عاديا. وهذا يضع المزارع في حرج بعد اشتراط التجار تسديد ثمن البذار بالدولار نقدا، ما يرفع التكلفة أيضا، فضلا عن المزاحمة غير المتكافئة وتحكم تجار البذار والكيماويات بالمواد، إلى جانب ارتفاع سعر المحروقات للري، وكله من شأنه إرهاق المزارع ومنع حصوله على الربح المعقول».
ويعزو السيد تقلص بعض الزراعات والمواسم «إلى عدم قدرة المزارع على تحمل الأكلاف الباهظة. بيد ان كلفة زراعة الدونم الواحد اصبحت ما بين 700 و1000 دولار، من دون احتساب أي كلفة للمحروقات، ممن لا تتوفر لديه الطاقة الشمسية البديلة، الأمر الذي يضع المزارع في موقف صعب لناحية رفع الأسعار كي لا تأتي النتائج كارثية».