كتب منير الربيع في “الجريدة الكويتية”:
رغم انشغال إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن بهاجس الانتخابات الرئاسية وفرنسا بالدورة الثانية من الانتخابات البرلمانية، وإيران بالجولة الحاسمة للاستحقاق الرئاسي، تتزاحم المساعي والمبادرات الإقليمية والدولية تجاه لبنان، في محاولة لإنتاج حل دبلوماسي يوقف المواجهات المفتوحة على الحدود الجنوبية بين حزب الله والجيش الإسرائيلي، وذلك على وقع المزيد من المواقف التي تبدي قلقاً وتخوفاً من انفجار في حال عدم الوصول الى تفاهمات، والتسريبات حول نية إسرائيل شن هجوم واسع على الحزب.
اجتماع باريس يحضر الملف اللبناني في باريس خلال الاجتماع بين المبعوث الأميركي آموس هوكشتاين الزائر، والمبعوث الرئاسي الفرنسي جان إيف لودريان.
وسيناقش الرجلان سبل التعاون للوصول الى تفاهمات تؤدي الى تطبيق القرار 1701، وتمنع بالتالي حرباً واسعة. في المقابل، برز تحرّك ألماني مكثف تجاه لبنان، بدأ مع زيارة وزيرة الخارجية الألمانية إلى بيروت، واستكمل بزيارة رئيس المخابرات الذي التقى نائب الأمين العام لحزب الله الشيخ نعيم قاسم، وجرى خلاله البحث في الترتيبات التي يمكن الوصول اليها بالجنوب. ووفق المعلومات، فإن حزب الله أكد مجدداً أن جبهة الجنوب مرتبطة بوقف الحرب على غزة، وبعدها يمكن الحديث عن اتفاق سياسي أو دبلوماسي. ميقاتي متفائل في الوقت نفسه، لا يزال رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي مطمئناً لما لديه من معطيات ومعلومات، ومتفائلاً بإمكانية الوصول إلى اتفاقات سياسية تؤسس لاستقرار بعيد المدى، وهو يعتبر أن كل التهديدات والتحذيرات هي في خانة التهويل والحرب النفسية، خصوصاً بعد تصريح وزير الخارجية الأميركية أنتوني بلينكن الواضح لجهة أن الطرفين؛
أي حزب الله واسرائيل، لا يريدان حرباً. وسط هذه المساعي بدأت باريس بالتنسيق مع لبنان لصياغة مسودة التجديد للقوات الدولية العاملة في الجنوب (يونيفيل)، وسط معلومات تؤكد أنه سيتم اعتماد الصيغة التي اعتمدت السنة الماضية، مع توقّعات باعتراض إسرائيلي والمطالبة بتوسيع للصلاحيات أو اعتماد الفصل السابع، لكن ذلك لا يبدو متاحاً، بينما هناك من يقترح أن يتم التمديد لهذه القوات لـ 6 أشهر لا سنة.
ويترقب لبنان لكل هذه المبادرات فيما هناك تجارب ناجحة بالنسبة إلى إيران وحزب الله بما يتصل بمساعي الثلاثي هوكشتاين وألمانيا وقطر. فهوكشتاين نجح في ترسيم الحدود البحرية، ولا تزال مساعيه ناجحة في احتواء التصعيد وإقناع الإسرائيليين بعدم شنّ حرب واسعة على لبنان. وعلى عكس غزة، حيث هناك خلاف على اليوم التالي، فإنه في لبنان يمكن الاستناد إلى القرار 1701 و«تفاهم نيسان» 1996 كمرجعين لأي اتفاق إطاري، فيما الاختلاف الوحيد مع هوكشتاين ليس ببنود مبادرته وتفاصيلها، بل بتوقيت تنفيذها الذي يريده حزب الله بعد وقف حرب غزة.
بدورها، تملك برلين رصيداً من النجاح في رعاية مفاوضات غير مباشرة في محطات كثيرة بين حزب الله وإسرائيل، وصفقة إطلاق الأسرى بعد «حرب تموز» 2006 ودورها في «يونيفيل». أما قطر فلها تجارب ناجحة مع الحزب أيضاً، منذ إعمار الجنوب والضاحية بعد حرب 2006، وصولاً إلى اتفاق الدوحة، كما لديها تجارب ناجحة كثيرة مع إيران، خصوصاً حول ملفات النووي أو التنسيق مع الولايات المتحدة.