كتب ناجي شربل وأحمد عز الدين في “الأنباء الكويتية”:
يتواصل السباق المحموم بين التصعيد الميداني والمساعي الديبلوماسية لمنع انفلات الوضع على الحدود اللبنانية ـ الإسرائيلية نتيجة الهجمات بالطيران للضغط على لبنان، في وقت كثفت كل من فرنسا والولايات المتحدة الاتصالات سواء من خلال اجتماع الموفدين الفرنسي جان إيف لودريان والاميركي آموس هوكشتاين في باريس، او من خلال الاتصالات على أعلى المستويات، اذ أجرى الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون اتصالا برئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو حضه على العمل على التهدئة.
كما أكد البيت الأبيض ان هدف الاجتماعات الأميركية ـ الفرنسية استعادة الهدوء في الشرق الأوسط، وان لدى فرنسا والولايات المتحدة هدفا واحدا هو حل الصراع الحالي على الخط الأزرق، ما يسمح للمدنيين من الجانبين اللبناني والإسرائيلي بالعودة الى ديارهم مع ضمانات طويلة الأمد بالسلامة والأمن.
وفي هذا الوقت واصلت إسرائيل الضغط على الجبهة الجنوبية مع لبنان، سواء بالتهديد او بالاغتيال لدفع «حزب الله» الى القبول باتفاق. وقال وزير الدفاع يوآف غالانت الذي لم يستطع الخروج كليا من ثوب التهديد والوعيد: «ان الدبابة التي تخرج من رفح تستطيع الوصول الى الليطاني في جنوب لبنان»، الا انه استدرك وقال ان إسرائيل تعمل للتوصل الى حل بشأن لبنان.
غير ان اسرائيل تواصل استخدام سلاح الاغتيال الفتاك من أجل فرض شروطها بشأن الحدود، ووجهت ضربة قوية الى «حزب الله» باغتيال مسؤول وحدة «عزيز» محمد نعمة ناصر، وهو القيادي الثالث الكبير من الصف الاول تغتاله، بعد وسام الطويل، وطالب عبدالله.
واغتيال ناصر تطلب موافقة مباشرة من نتنياهو، علما ان ناصر كان تعرض لمحاولة اغتيال قبل أسابيع كما ذكرت وسائل إعلام إسرائيلية، الا ان الغارة التي استهدفته في مدينة النبطية أدت الى مقتل فتاتين وإصابة اكثر من 10 اشخاص، فيما نجا ناصر من الهجوم.
وقال متابعون لـ «الأنباء» ان سلاح الاغتيال والتدمير لا يحقق أهداف إسرائيل بفرض مرونة على «الحزب». ويبدو ذلك جليا من خلال الحشود الكبيرة التي تشارك في التشييع في البلدات الحدودية رغم المخاطر.
على ان المشهد العسكري في المواجهات التي اندلعت في الثامن من أكتوبر بين «حزب الله» وإسرائيل، اثر إعلان الأول فتح جبهة مساندة من لبنان لقطاع غزة، يبقى تحت سقوف غير عالية، ويكرس حالة «اللا حرب الكبرى»، واستمرار الضربات بوتيرة منخفضة، مع إفادة إسرائيل من فرص النيل من كوادر كبار وآخرين من «الحزب» كلما سنحت لها الفرصة. في حين يستمر «الحزب» في الإمساك بـ«مفاتيح المواجهة» والتحكم بمجرياتها، من خلال توازن الردع مع الجيش الإسرائيلي، ويواصل «الحزب» تحصين دفاعاته، والعمل لمواجهات قاسية قد تستمر سنتين، في حال اندلاع حرب كبرى. وقد استهدفت المدفعية الإسرائيلية قبل ظهر أمس أطراف بلدة العديسة، وسبقتها غارة للطيران الحربي الإسرائيلي على بلدة عيترون في قضاء بنت جبيل، كما شنت مسيرة إسرائيلية غارة بثلاثة صواريخ على حي المعاقب فوق الملعب في بلدة حولا. وتحدثت «الوكالة الوطنية للاعلام» الرسمية اللبنانية عن سقوط قتيل. وحلق الطيران الاستطلاعي فوق قرى القطاعين الغربي والاوسط، واستهدفت المدفعية الإسرائيلية أطراف بلدتي علما الشعب ومروحين بعدد من القذائف المباشرة، كما استهدفت غارة اسرائيلية منزلا في بلدة القنطرة قضاء مرجعيون ودمرته بالكامل.
وفي المقابل، أعلن «حزب الله» أنه قصف بأكثر من 200 صاروخ من مختلف الأنواع، مقر قيادة الفرقة 91 المستحدث في ثكنة اييلايت، ومقر قيادة اللواء المدرع السابع في ثكنة كاتسافيا، ومقر قيادة كتيبة المدرعات التابع للواء السابع في ثكنة غاملا، ومقر قيادة الفرقة 210 (فرقة الجولان) في قاعدة نفح، ومقر فوج المدفعية التابع للفرقة 210 في ثكنة يردن».
وفي بيان آخر، أعلن «الحزب» شن هجوم جوي بسرب من المسيرات الانقضاضية على مقر قيادة الفرقة 91 المستحدث في ثكنة اييلايت، ومقر قيادة اللواء المدرع السابع في ثكنة كاتسافيا، ومقر قيادة المنطقة الشمالية في قاعدة دادو، وقاعدة استخبارات المنطقة الشمالية ميشار، ومواقع أخرى.
وفي الشأن الداخلي، تستمر الاتصالات لتضييق مساحات الاختلاف بين الفرقاء اللبنانيين، وان كان التعويل على تحرك ميداني من سفراء الخماسية (المملكة العربية السعودية وقطر مصر والولايات المتحدة وفرنسا)، لتزخيم الجهود في الملف الرئاسي المعلق إنجازه منذ 31 أكتوبر 2022.
وكشف مصدر مطلع لـ«الأنباء» عن ان خريطة «الخماسية» تتضمن مشاورات، بصيغة أقل من الحوار الذي طالب به الرئيس نبيه بري، الا ان التوقيت مرهون بالتوصل الى قبول بأسماء مرشحين رئاسيين، لتعطي المشاورات مردودا إيجابيا، وتبقى بعيدة عن التعثر وإدخال الأزمة في نفق جديد.
والتقى رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي في السرايا أمس وفدا من كتلة «اللقاء الديموقراطي» برئاسة النائب تيمور جنبلاط. وتحدث باسم الوفد النائب وائل ابو فاعور، مثمنا دور ميقاتي فيما يقوم به «لتسيير عجلة الدولة، والعمل على درء الأهوال التي يهدد بها العدو الإسرائيلي من بوابة الجنوب».