كتبت لورا يمين في “المركزية”:
تسجل الضفة السورية – التركية مستجدات سياسية لافتة. منذ ايام، اعرب الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، عن استعداده للقاء الرئيس بشار الأسد، مستذكراً العلاقات العائلية التي جمعت بين الجانبين. واكد ان بلاده لا يمكن أن يكون لديها أبداً أي نية أو هدف مثل التدخل في الشؤون الداخلية لسوريا، مشددا على الاستعداد لتطوير العلاقات مع سوريا تماماً كما فعل في الماضي.
من جانبه، أكد الرئيس السوري بشار الأسد بعد استقباله مبعوث الرئيس الروسي ألكسندر لافرنتييف الاسبوع الماضي، انفتاح سوريا على جميع المبادرات المرتبطة بالعلاقة مع تركيا والمستندة إلى سيادة الدولة السورية. وأوضح الأسد أن الغاية هي النجاح في عودة العلاقات بين سوريا وتركيا، لافتا إلى ضرورة محاربة كل أشكال الإرهاب وتنظيماته.
في ظل هذه المواقف المرنة، تحدث الاعلام السوري عن خطوات مرتقبة وجدية لجلوس الطرفين السوري والتركي على طاولة الحوار مجددا. وأفاد بأن اجتماعا سوريا تركيا مرتقبا يجري التحضير له في العراق. كما أشار الى أن الاجتماع سيكون في بغداد، ويهدف للاتفاق حول المناطق الحدودية، موضحا أن عملية التفاوض مع تركيا ستكون طويلة، لكن ستؤدي لتفاهمات سياسية وميدانية. وأشارت وسائل الاعلام السورية إلى أن الجانب التركي كان طلب من موسكو وبغداد الجلوس على طاولة حوار ثنائية مع الجانب السوري ومن دون حضور أي طرف ثالث وبعيداً عن الإعلام للبحث في كل التفاصيل التي من المفترض أن تعيد العلاقات بين البلدين إلى سابق عهدها.
الجدير ذكره، وفق ما تقول مصادر دبلوماسية لـ”المركزية”، ان روسيا ومنذ اشهر لا بل سنوات تعمل من اجل تحقيق “المصالحة” بين دمشق وانقرة، بعد ان توترت العلاقات بينهما عام 2011 مع اندلاع الحرب في سوريا حيث قدمت أنقرة دعماً أساسياً للمعارضة السياسية والعسكرية، كما شنت منذ العام 2016 ثلاث عمليات عسكرية واسعة في سوريا، استهدفت بشكل أساسي المقاتلين الأكراد، وتمكنت قواتها بالتعاون مع فصائل سورية موالية لها من السيطرة على منطقة حدودية واسعة في شمال سوريا، وقد اشترطت دمشق الانسحاب التركي الكامل لإجراء أي مفاوضات.
اليوم، بحسب المصادر، يبدو ان انقرة بدأت تبدي تجاوبا مع المساعي الروسية – وقد حضر هذا الملف بين الرئيسين التركي اردوغان والروسي فلاديمير بوتين الاربعاء في استانا – كما ان دمشق خفّضت سقفها: فالقوات التركية لم تنسحب من الشمال السوري الا ان سوريا جاهزة للتفاوض مع تركيا. هذا التقارب، اثار بطبيعة الحال مخاوف الاكراد، ذلك انه قد يتهدد مكاسب “الإدارة الذاتية”، وقد يطلق يد أنقرة، وبقبة باط سورية هذه المرة، لتشن عملية عسكرية جديدة ضد مناطق نفوذ الإدارة شمال شرقي سوريا..
يمكن القول اذا ان “المصالحة” هذه ستترك بصمات على الخريطة الاقليمية، سياسيا واستراتيجيا وعسكريا، فكيف سيرد عليها اللاعبون الآخرون، وعلى رأسهم الاميركيون، الحلفاءُ المفترضون للاكراد؟!