IMLebanon

الحياة شبه معدومة في “الوزاني”

كتب أحمد منصور في “الانباء الكويتية”:

تعتبر القرى والبلدات الحدودية الجنوبية مع فلسطين المحتلة، سلسلة واحدة من عدة حلقات، تجمعها القضية والهوية العربية، التي تدفع اليوم أثمانا باهظة من التضحيات، للحفاظ على هذا الوجود الحضاري والمتنوع للشعب اللبناني، الضاربة جذوره عبر العصور والتاريخ، في مواجهة الاحتلال الإسرائيلي.

لسان حال جميع أهالي تلك القرى المحاذية للخط الأزرق على الحدود من الناقورة في قضاء صور، إلى قرى قضاء بنت جبل، مرورا ببلدات قضاء مرجعيون، وصولا إلى قرى العرقوب في قضاء حاصبيا واحد، ومفاده «لن نترك أرضنا وممتلكاتنا وأرزاقنا. هنا تاريخنا، تاريخ أجدادنا وأهلنا، الذي لن تغيره أو تطمسه قذائف إسرائيل وصواريخ طائراتها الحربية ومسيراتها، التي تضرب يوميا الجسم اللبناني الجريح».

قرية الوزاني

ومن هذه القرى، الوزاني (قضاء مرجعيون)، التي تكتسب أهمية كبيرة وموقعا طبيعيا مميزا، كونها تقع على مثلث فلسطين ـ سورية الجولان – لبنان، وعلى ضفاف نهر الوزاني الفاصل بينها وبين قرية الغجر اللبنانية المحتلة بشطريها اللبناني والسوري.
ارتبط اسم القرية بنهر الوزاني، أحد روافد نهر الحاصباني، الذي ينبع من حاصبيا، ويشكل الحدود الجغرافية بين جنوب لبنان ومنطقة الجولان السورية المحتلة. طوله 20 كيلومترا ويجري خمسة كيلومترات في الأراضي اللبنانية قبل أن يتابع مجراه في فلسطين ليصب في بحيرة طبرية.

وعندما أقامت الحكومة اللبنانية مشروعا لسحب مياه نهر الوزاني إلى قرى الجنوب اللبناني، لضخ نحو 9 ملايين متر مكعب من المياه لتغطي جزءا من الاحتياجات المائية لقرى الجنوب اللبناني، سارعت إسرائيل إلى التهديد بالحرب. وأبلغت الولايات المتحدة بجدية هذا التهديد. وعلى الفور أرسلت الولايات المتحدة خبراء في المياه لدرس الأمر على الطبيعة، تمهيدا للسعي من أجل إيجاد حل لهذه الأزمة.
وتحد الوزاني بلدات عين عرب والخيام وكفركلا، بما فيها مرجعيون، وهي من القرى التي تحولت أهدافا لآلة الحرب الإسرائيلية بسبب قربها من الحدود، وقد تهجر أهلها مرات عدة بفعل الحروب التي شنتها إسرائيل على لبنان.
وتعتبر اليوم بلدة شبه منكوبة بعد ان نزح أهاليها ولم يعد يقصدها الزوار، وباتت منتزهاتها على النهر خالية من روادها جراء القصف الإسرائيلي.

رئيس البلدية أحمد المحمد، قال لـ «الأنباء»: الحياة شبه معدومة في البلدة نتيجة عمليات التمشيط بالأسلحة الرشاشة والثقيلة من المواقع الإسرائيلية المقابلة، وتابع: بلدتنا زراعية وتعتمد على تربية الماشية، والقصف الإسرائيلي يستهدف الحقول والسهول والمناطق الزراعية، خصوصا خلال تفقد الأهالي لمزروعاتهم، بهدف تخويفهم ودفعهم إلى ترك المنطقة، لكن الناس تصمد وتتمسك بأرضها.
وأوضح ان المناطق الزراعية، لا تبعد عن حدود فلسطين سوى 50 مترا، مؤكدا إصابة عدد من المزارعين أثناء قطافهم للمزروعات، بالإضافة إلى استشهاد شابين من أبناء البلدة من رعاة الماشي.

وفي موضوع النزوح، أشار إلى ان البلدة «شهدت مع بداية الحرب نزوحا كبيرا. ومنذ مدة، عاد قسم كبير من الاهالي، ليكونوا إلى جانب أرزاقهم وممتلكاتهم».

وتحدث رئيس البلدية عن قرية الغجر التي احتلتها إسرائيل في العام 1967، ولاتزال تحتفظ بشطريها اللبناني والسوري، نظرا إلى موقعها الاستراتيجي، والتي يفصلها عن بلدة الوزاني نهر الوزاني، فقال «توجد مستندات تشير إلى ان الجانب اللبناني من الغجر، يتبع لبلدية الوزاني، والجزء الثاني تابع لسورية».

وتوقف رئيس البلدية عند القوافل التي كانت «تمر بالوزاني وتقصد فلسطين، والتي قطع أوصالها الاحتلال».

بلدة الهبارية

وتقع بلدة الهبارية، التي يبلغ عدد سكانها نحو 8000 نسمة في قضاء حاصبيا، وتنتمي إلى محافظة النبطية في جنوب لبنان. وتبعد عن بيروت 110 كيلومترات، فيما تبعد عن مركز القضاء ثمانية كيلومترا، وتتمركز على المثلث اللبناني ـ السوري ـ الفلسطيني تحديدا على السفح الغربي لجبل الشيخ.

وهي بلدة حملت لقب البلدة السياحية في عام 2004 من وزارة السياحة، كونها بلدة المعالم الأثرية والمعابد التي تركت كأثر مهم من الشعوب الكنعانية والرومانية وغيرها.

الهبارية تقع في قلب قرى العرقوب التي تضم 7 بلدات متنوعة طائفيا ومذهبيا: شبعا وكفرشوبا وكفرحمام والهبارية والفرديس وراشيا الفخار والماري، وتتعرض أطرافها في شكل دائم للقصف من المواقع الإسرائيلية المقابلة، وأهمها موقع الرادار في أعلى جبل الشيخ المطل على شبعا.

ارتبط اسم الهبارية بالمقاومة. ففي أعقاب حرب 1948، استقبلت أعدادا كبيرة من الفلسطينيين، ووقفت إلى جانب المقاتلين في ثورة 1958، وشكلت مركزا لتزويد المقاتلين بالسلاح. وعند اجتياح إسرائيل لجنوب لبنان في 1978 و1982، لم يتأخر أبناء الهبارية في الالتحاق بصفوف جبهة المقاومة الوطنية.

اليوم تحولت هذه البلدة السياحية، إلى ملجأ للعائلات النازحة من القرى والبلدات المجاورة، من كفرشوبا وكفرحمام وشبعا.
رئيس البلدية أيمن شقير، أكد ان بلدته قرية سياحية، ويوجد فيها العديد من الآثار الرومانية ومنها البرج الروماني في وسط البلدة، بالإضافة إلى آثار في أحراجها تعود لعدة حقب تاريخية وعمرها أكثر من 300 سنة.

وقال «الهبارية ومنطقة العرقوب مقاومة، ومنها انطلقت المقاومة، وثقافتها موجودة في دم كل إنسان حر وشريف».
وشدد على أن «العدو الإسرائيلي لا تحكمه ضوابط، ويقصف كل الاماكن والمواقع. وقد ارتكب مجزرة في27 مارس الماضي، عندما استهدف مركزا طبيا في البلدة وادى إلى استشهاد 7 شبان».

وختم «الهبارية صامدة، وقدمت عبر التاريخ الشهداء. ففي العام 1973 قصفت إسرائيل البلدة واستشهد العديد من أبنائها في منازلهم. واليوم نتابع مسيرة الصمود والتصدي والمقاومة مهما كانت التضحيات».