IMLebanon

لبنان والسعودية: شروط العلاقة ومعايير الشراكة

كتب زياد علوش في “اللواء”:

شرح المصطلح جزء من تبيان المقصود، والاسقاط بالمثال أوجز لبلوغ الغاية.

التنمية التشاركية: تتأسس هذه التنمية على المقاربة التشاركية، ذلك أن المبدأ المركزي في هذه التنمية هو تقاسم المعرفة وسلطة اتخاذ القرار، وهذا يعني أن نجاح هذه التنمية رهن بتوفر المناخ الديموقراطي والدور الفاعل للمنظمات المحلية وحياد الإدارة واحترام الحقوق الفردية.

مع التفريق بين جوهر مصطلحي عموم العلاقات وما تحتمل من اختلالات، وخصوص الشراكة وما تقتضي من تكافؤ تتيح التقاط الفرص البديلة الممكنة يمكن الولوج لمقاربة العلاقات الرسمية اللبنانية – السعودية الموضوعة راهنا في ثلاجة انتظار جملة من القضايا الداخلية على رأسها انتخاب رئيس للجمهورية واقليمية تتعلق باليوم التالي للحرب على غزة وانعكاسها على الأدوار الإقليمية والدولية في المنطقة.

يعاني الإقليم من تضارب السياستين الدفاعية والخارجية أي الاقتصادية والأمنية.

من جهة تهدف خطة الرياض 2030 الى رفاهية الشرق الأوسط فيما تعمل طهران على تمدد أذرعها العسكرية والأمنية وفق النماذج المعروفة في أكثر من بلد عربي يبدو ان مستقبل الشرق الأوسط من تقاطع وتعارض خصوصا سعودي – إيراني يتوقف على إيجاد التسوية المناسبة للقضية الفلسطينية من عدمها.

المشكل الأساس هو وجود إسرائيل كقوة احتلال فصل عنصري استعمارية بين مكونات المنطقة الأساسية بقصد تشتيت القرار ونهب الثروات أكثر منه تعارض إيراني – سعودي أمني اقتصادي تستغله إسرائيل بدفع أميركي نحو صراع محوري سنّي – شيعي، لان تل أبيب لا تحتمل تحقق رفاهية وتقدم العرب والمسلمين واستقرارهم وإلّا فقدت مبرر وجودها كطليعة للغرب الديمقراطي في شرق البرابرة.

العلاقة اللبنانية – السعودية راهنا والعربية عموما عالقة من تغوّل طهران في بيروت الى حد كبير في إطار هذا التعارض على أمل تقاطعه خصوصا بعد الوجه القبيح الذي أظهرته تل أبيب في غزة كورم سرطاني لا يمكن التعايش معه أو تقبّله أو مكافأته بالتطبيع على مجازره بل الواجب استئصاله، وهذا يرتب على الإيرانيين التعامل بجدية مع أطروحة عدو عاقل خير من صديق جاهل لصالح إثبات صديق عاقل خير من عدو حاقد.

بالنظر لتعقيدات الواقع اللبناني وتشابكه بين العلاقات والشراكات خصوصا ان السياستين الدفاعية والخارجية المتعارضتين في بيروت مع الإجماع الوطني هما محل نزاع سياسي وطائفي ومذهبي حادّ عامود وأفقي.

يمكن الانتقال من العلاقة الرسمية التي تتخطى التكافؤ والتناسب والتناظر الى شراكة سعودية مع المجتمع المدني اللبناني تقوم على أبعاد علمية واقتصادية تقنية وتكنولوجية لا على السياسة والارتباط المؤدلج كما كان في المرحلة الماضية، حيث سيلان الدبلوماسية اللبنانية وتهتك السياسة بين الأحزاب والطوائف والمذاهب المتناحرة، وبالتالي شيء من التوازن الذي يتطلب أبعاد تشاركية حقيقية في المجالات المتعددة.

فالسعودية رسمت مسارات مرنة تناسب اللبنانيين كمجتمع مدني أكثر ما هي مناسبة للعلاقات الرسمية ببُعدها الحالي.
سيق وأعلن ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان عن رغبته بمشاركة الكفاءات اللبنانية في رؤية المملكة 2030 ومشاطرتها النمو والنجاح بشكل ريادي.

المشاركة اللبنانية إياها تتطلب المزيد من التخصصات الدقيقة وهذا ما يبرع به اللبنانيون وهم فعلا تخطّوا عجز واقعهم الرسمي الى رحاب ابداعاتهم فأصبحوا يشكّلون جزءا حيويا بنيويا من رؤية المملكة ونهضتها، وقد وجد اللبنانيون في الرياض الاستقرار والبيئة المناسبة لمراكمة الخبرات والانجازات كدوافع أساسية للتعبير عن ذاتهم الابداعية التي افتقدوها في نزاعات بيروت المستمرة.
هذه المشاركة ستبصم المرحلتين المقبلتين المتوسطة والبعيدة بطابعها فتلقي بظلالها على مستقبل الشراكة الثنائية بين البلدين بما فيها الرسمي منه.

عند المقارنة بين ما هو محتمل ومتوقع وما كانت عليه تلك العلاقة فإن المستقبل يبدو مشرقا لان التأسيس الجديد يقوم على معايير الشراكة الموضوعية أبرز ما تتضمنه هو عنصر التكافؤ بين العرض والطلب مشفوع بأفضلية دوافع معتبرة لدى الطرفين في إطار تكاملي شغوف رابح ورابح.

ومع توقيع الاتفاق الجديد بين مركز الملك سلمان للإغاثة والهيئة العليا للإغاثة في لبنان بعشرة ملايين دولار لتمويل 20 مشروعا تنمويا فإن ذلك مؤشر على عودة حيوية التفاعل بين الرياض وبيروت على هذا الصعيد وانه على اللبنانيين بوجود «المايسترو» سعادة السفير السعودي في لبنان وليد بخاري الاستعداد للإستفادة من القوة السعودية الناعمة الصاعدة نحو العالمية وقيادة الإقليم بقوة وثبات لتحقيق هدف سمو ولي العهد محمد بن سلمان لشرق أوسط متطوّر ومتقدّم بمساري العدالة والإنتاج.