كتب وسام أبو حرفوش وليندا عازار في “الراي” الكويتية:
على وقع المفاوضات المفصلية حول وقْف النار في غزة والتي تُدار على طريقة «انفراجٍ أو انفجارٍ» يضع المنطقةَ في «فوهة المدفع» انطلاقاً من جبهة لبنان، اشتدّتْ «حربُ السقوف» بين «حزب الله» واسرائيل واحتدم سباقُ رَفْعِ معدّلات الردع في إطار معادلاتٍ متبادَلة ومتبدِّلة بحسب مقتضيات «زرْع الرعب» الكافي و«النقلة المضادة» التي يقوم بها الطرف الآخَر فوق «رقعة شطرنج» باتت اللعبة عليها: الخطوة بالخطوة.
ولم يكن عابراً أن ترتسم في الساعات الماضية تطوراتٌ نوعية بدت في إطار محاكاةٍ لسيناريويْن متوازييْن بإزاء جبهة جنوب لبنان:
– الأول أن بلوغَ هدنةٍ في غزة يستوجب تكوينَ منظومةِ ردعٍ «شاملة» على المقلبيْن، عسكرياً ونفسياً، وتَمَدّدتْ جغرافياً الى الجولان المحتلّ، بحيث تنطلق في كنفها المفاوضات حول «اليوم التالي» لبنانياً عبر الوسيط الأميركي آموس هوكشتاين الذي يتحيّن تَصاعُد الدخان الأبيض حيال «مقترح بايدن»، ولو عبر وضْع رِجْلٍ في مرحلته الأولى، ليطير فوق بيروت وتل ابيب في حركةٍ مكوكية جديدة لمحاولة إخماد حريق الجنوب أو أقله تبريده قبل أن يلتهم آخِر جسور العودة عن حافة الهاوية.
– والثاني أنّ تحريكَ أحجار الشطرنج القوية هو في إطار استعداداتٍ فعلية لاحتمال أن تندفع اسرائيل نحو «أيام قتالية» بعيد وقف النار في غزة، كي تستدرج «على الساخن» تفاهماً بات إطارُه معروفاً بـ «الأحرف الأولى» حول جبهة لبنان ويمرّ بمرحلة انتقاليةٍ يَعتبر «حزب الله» أن قاعدتها هي العودة بالوضع لِما كان عليه قبل 8 اكتوبر، ما دامت حرب غزة لم ترسُ على حلول نهائية (ومن دون التسليم بأن انتهاءها سيعني تلقائياً قبوله ببحث نقاط تتصل بالقرار 1701 بمعزل عن شموليته على المقلبين وبما يشمل مزارع شبعا المحتلة وتلال كفرشوبا)، فيما تتمسك تل ابيب بأن تنطوي هذه المرحلة على تراجُع الحزب عن الحدود بما بين 8 و10 كيلومترات أو أكثر ليكون هذا الشريط بمثابة «حزام أمان» يريده المستوطنون للعودة إلى منازلهم.
وفي هذا الإطار، توقفتْ أوساط واسعة الاطلاع عند التطورات الآتية والتي عكستْ احتداماً في لعبة «مَن يسبق اولاً» على الجبهة اللبنانية بعد أي هدنةٍ في غزة: هل التفاوض تحت ضغط الصدام المرّوع الذي لا يريده أحد، اقليمياً ولا دولياً، أم توسيعٌ للحرب تعتقد تل ابيب أن بإمكانها «النفاذ» منه لانتزاع شيء ما من حزب الله ولو تمّ «تمويهه»، وذلك عبر تحويل الكابح الإيراني للمواجهة الشاملة «فرصةً»، ظناً منها أن «حرباً ذكية» ستمنع الحزب من الذهاب إلى ضرباتٍ من النوع الذي سيعني «وبعدي الطوفان».
الجولان
– دخول الجولان المحتل في صلب حرب الردع والرعب، عبر «هدهد حزب الله» الذي أَحْدث بشريط الـ 10 دقائق والمسح الجوي لمواقع استراتيجية فيه ربْطَ نزاعٍ (أبعد من معادلة بعلبك مقابل الجولان) بين أي توسيع للحرب وبين هذه الأرض السورية المحتلّة على قاعدة أنها ستكون جزءاً من ملعب النار الأوسع وتالياً على أجندة اي تسوية متعددة الساحة، ناهيك عن قراءة «الاختراق الجوي» من الحزب لـ «عيون اسرائيل» على أنه في جانب منه رسالةً لـ «إبطالِ» سيناريو التفافيّ يقوم على تَقَدُّم بري محتمل من الجيش الاسرائيلي عبر الجولان في اتجاه الأراضي اللبنانية من البقاع.
– ردّ اسرائيل سريعاً وفي الملعب نفسه، في إشارةِ «تعطيلٍ» لخطوة «حزب الله» الرادعة، حيث وجّهت رسالة مباشرة للجيش السوري نفسه بأنه سيكون في «عيْنِ» أي مواجهةٍ يُستخدم فيها الجولان.
فقد أعلن الجيش الإسرائيلي أمس، ان الدبابات والمدفعية قصفت أهدافاً للجيش السوري انتهكت اتفاق نزع السلاح الموقع عام 1974 في منطقة هضبة الجولان.
وقال الجيش في بيان، جاء أيضاً غداة مقتل زوجين إسرائيليين بصاروخ أطلقه «حزب الله» على الجولان: «يعتبر جيش الدفاع الإسرائيلي الجيش السوري مسؤولاً عن أي شيء يحدث على أراضيه ولن يَسمح بمحاولات انتهاك اتفاق نزع السلاح».
وكان الجيش الإسرائيلي اعترف بمقتل شخصين رجل وامرأة جرّاء إصابة مركبة بصاروخ في الجولان، عقب استهداف حزب الله (الثلاثاء) بعشرات صواريخ الكاتيوشا مقر قيادة فرقة الجولان 210 في قاعدة نفح، وذلك رداً على اغتيال ياسر نمر قرنبش الذي كان سابقًا مرافقاً للأمين العام لـ«حزب الله» حسن نصرالله.
وفيما ردّت اسرائيل ليل الثلاثاء بغارة، ادعت انها أصابت «هدفاً لحزب الله في منطقة جنتا» في البقاع اللبناني قرب الحدود مع سورية، عاد الحزب واستهدف الجولان أمس، وتحديداً «مرابض مدفعية العدو الإسرائيلي في الزاعورة بعشرات صواريخ الكاتيوشا».
أيام قتالية صعبة
– ما أبلغه مصدر أمني رفيع المستوى لقناة «الحدث» من «أن 50 ألف جندي إسرائيلي إضافي من القوات البرية جاهزون تحت القيادة الشمالية» و«ان الجيش الإسرائيلي أصبح بجاهزية كاملة في القيادة الشمالية على جبهتيْ لبنان وسورية.
وأشار المصدر«إلى أن هيئة الأركان العامة باتت جاهزة بكافة قواتها البحرية والجوية والبرية»و«أنها مستعدة لعملية برية من جهات عدة». كذلك توقّع«أياماً قتالية صعبة على جبهتي لبنان وسورية».
واستبعد تدخل الجيش السوري في حال اندلاع حرب مع«حزب الله»، مؤكداً«رصد آلاف من عناصر الجماعات المحسوبة على الحرس الثوري فوق الأراضي السورية».
– إعلان قائد الحرس الثوري الإيراني اللواء حسين سلامي في ما يتعلق بالهجوم الإيراني على إسرائيل أو ما يُعرف بعملية «الوعد الصادق» أن «تلك العملية أظهرت هذه الحقيقة بأنه إذا تطلبت الظروف سنتخذ خطوات عملية ولن نتفرج بينما الآخرون يواصلون العمل في جبهة المقاومة، وسندعمهم وإذا تطلب الأمر سنشهر سيوفنا».
– توجيه زعيم حزب معسكر الدولة في إسرائيل بيني غانتس تهديداً مباشراً للدولة اللبنانية معتبراً أنها معنية بما يقوم به حزب الله في الجنوب.
وقال: «حان الوقت لتحديد الأهداف العسكرية والبنية التحتية في لبنان، والتي يُعدّ حزب الله جزءاً منها».
وأضاف: «من الضروري مطالبة الدولة اللبنانية بتحمل المسؤولية. كان يجب الانتقال إلى الشمال في مارس كما طلبنا وندفع ثمناً باهظاً بسبب تردد نتنياهو».