جاء في “الراي الكويتية”:
من المَواصي إلى بيروت وصلتْ تشظياتُ المجزرة التي ارتكبتْها إسرائيل وحاولتْ معها «محو» مذبحةٍ طاولت مئات المدنيين بين شهيد وجريح على قاعدة انهم «أضرار جانبية» لِما أعلنتْ أنه عمليةٌ استهدفتْ قائد الجناح العسكري لـ«حماس» محمد الضيف وقائد لواء خان يونس للحركة رافع سلامة.
وبين تَقَصّي إسرائيل عن مصير الضيف وتسريبِ أنها تنتظر تأكيداتٍ عن مقتله، في مقابل نفي «حماس» ما قالت إنه «مزاعم» تل أبيب عن استهداف قادة فلسطينيين، فإنّ ما حصل أمس في خان يونس واندفاعةَ بنيامين نتنياهو نحو تنفيذ أجندة «شطْب» مَن أَدْرَجَهُم على لائحة الـ most wanted من «حماس» كان محطّ معاينةٍ دقيقة في لبنان كونه يؤشّر إلى أن هدنة غزة التي كان يُعوَّل عليها لتشكّل فاتحة طريق، وإن «شائك»، لتبريد جبهة الجنوب، باتت تحت أنقاض عشرات الأطنان من القنابل التي استُخدمت في المواصي، وأن ما حَصَلَ دَفَعَ مرة جديدة بالمفاوضات إلى حفرةٍ لا ينفكّ يعمّقها رئيس الوزراء الإسرائيلي، وكل مَرّة بـ «قناعٍ» جديد.
وفيما كانت كل الأنظار في المنطقة والعواصم المعنية بحرب غزة و«أخواتها» شاخصةً على هجوم خان يونس وصحةِ تحديدِ مكان «شبح» حماس، أي الضيف – الذي يُعتبر من أبرز رموز الحركة – واستهدافه وإصابته، فإنّ لبنان بدا أكثر المعنيين بتداعياتِ ما بدا تدشيناً عملياً من نتنياهو للمرحلة الثالثة من الحرب على القطاع التي تقوم على الحدّ من الهجماتِ العسكرية والاستعاضةِ عنها بالعمليات الخاطفة والمركّزة ورفْع وتيرة الاغتيالات، وكيفية تَفاعُل جبهة الجنوب مع الابتعاد الجديد لاحتمالاتِ الهدنة «الانتقالية» التي أريد أن تمهّد لاستكمال الاتفاق على «مقترح بايدن» ومندرجاته والتي لم يكن ثمة تفاؤل كبير أساساً في أنها ستُفْضي إلى تهدئةٍ بالتماثل على جبهة الجنوب في ضوء تضارُب المرتكزات التي ستقوم عليها بين إسرائيل و«حزب الله».
وإذ جاء قولُ مصدر أمني إسرائيلي إنه «مع تَقَدُّم المفاوضات خرج محمد الضيف من الأنفاق» ليعزّز الاقتناعَ في صفوف «محور الممانعة» بأن نتنياهو يستغّل مساراتِ التفاوض لنصْب «كمائن» بالدبلوماسية لقادة «حماس» ومحاولة استدراجهم إلى «مرمى النار» وأيضاً لكسْبِ وقتٍ إضافي يريده بانتظار الانتخابات الرئاسية الأميركية التي يراهن على أنها ستعيد دونالد ترامب الى البيت الأبيض، فإنّ ما حَصَلَ أمس في خان يونس رَفَعَ المخاوفَ والمَخاطرَ حيال الوضع في جنوب لبنان.
وفي رأي أوساط سياسية أن إخراج رئيس الوزراء الإسرائيلي المزيد من «السلاح الأبيض» في «ظهْر» كل المحاولات الرامية لكبْح حرب غزة عبر هدنةٍ كانت ستُقابَل بوقف نارٍ موازٍ من «حزب الله» – وذلك رغم بدء العد التنازلي لزيارته لواشنطن وإلقائه كلمة أمام الكونغرس بعد 10 أيام – يؤشر لمرحلةٍ بالغة الدقة والحراجةِ على الجبهةِ اللبنانيةِ التي لم تَخرج بعد من دائرة الخطر الكبير من أن تكون تتجه إلى تسخينٍ قبل تبريدٍ تعتقد تل أبيب أنه ممكن على متن تَفاهُمٍ يعمل عليه الوسيط الأميركي آموس هوكشتاين واصطدم بأمرين: أوّلهما استحالة إطلاق مساره ما دامت الحرب في القطاع قائمة أو على وتيرتها العنيفة. وثانيهما عدم «تَطابُق الأهداف» بين ما يريده نتنياهو كمنطلقٍ وهو تراجُع حزب الله بين 8 و10 كيلومترات عن الحدود، وبين ما يتطلّع إليه الحزب الذي لا يرى «موجباً» لتنازلاتٍ أمام إسرائيل لا تعبّر عن توازنات الميدان.
ولم يكن عابراً أنه حتى قبيل هجوم المواصي، تَقاطعتْ مخاوف غربية من احتمالات انزلاق الوضع في جنوب لبنان الى تصعيدٍ، وهو ما عبّرت عنه المؤشرات الآتية:
– تلقّي رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي اتصالاً من وزير خارجية بريطانيا ديفيد لامي الذي شدّد على «السعي لمعالجة الأوضاع المتوترة في جنوب لبنان وغزة، والعمل معاً من أجل السلام والأمن في الشرق الأوسط»، مشيراً إلى «أنه سيقوم بزيارة للبنان في وقت قريب»، وقال: «لقد أثرتُ مخاوفي بشأن تصاعد التوترات على حدود لبنان وتزايد احتمال سوء التقدير»، معتبراً أن «توسيع الصراع ليس في مصلحة أحد، وتريد المملكة المتحدة أن ترى هذا الأمر يتم حله سلمياً من خلال تسوية تفاوضية».
تدمير مطار بيروت
– ما نقلتْه قناتي «العربية» و«الحدث» عن أن تصرفات الإدارة الأميركية خلال الساعات الماضية توحي بأنها تتصرف على أساس أن الانفجار ممكن جداً، وعن تسرُّبِ معلومات من الإدارة الأميركية تقول إن الإسرائيليين قادرون على شنّ هجوم ضخم، وأن يتسببوا خلال ساعات بتدمير مطار بيروت وعشرات الأبنية في محيط المطار والضاحية الجنوبية، وأن الإدارة الأميركية ستأخذ إجراءات محدَّدة لإجلاء الأميركيين.
ونقلت المحطتان عن مصدر موثوق «أن الأميركيين عيّنوا نقاط الإجلاء أولاً للدبلوماسيين عن طريق قاعدة عسكرية في منطقة حالات شمال لبنان، كما أن البحرية الأميركية عيّنت مناطق تستطيع القوارب والسفن الأميركية الاقتراب منها لإجلاء الرعايا الأميركيين المقيمين في لبنان، وأن القوات البحرية التي يقول عنها المسؤولون الأميركيون إنها في انتشار دوري وبحسب جدول معروف مسبقاً، إنما هي الآن تعمل على خطط الإجلاء كما تسرّب منذ حين، وعلى رغم نفي الإدارة الأميركية لذلك».
وترافق ذلك مع تقارير في بيروت عن أن وفداً أمنياً وقنصلياً رفيعاً «جال الجمعة في زيارة سرية منسقة مع جهاز أمن المطار، في مطار رفيق الحريري الدولي واطلع على الإجراءات المتخذة التي طلبتها السفارة في عوكر ضمن خطة إجلاء الرعايا الأميركيين، في حال حدوث أي طارئ».
– تذكير السفارة الألمانية في لبنان، في منشور عبر حسابها على منصة «إكس» للمواطنين الألمان: إذا كنتم موجودين في لبنان على الرغم من تحذير السفر الصادر والطلب الملح بوجوب مغادرة الأراضي اللبنانية، نود تذكيركم بضرورة التسجيل في لائحة التأهب للأزمات الخاصّة بوزارة الخارجية الإتحادية«ELEFAND».