كتب منير الربيع في “المدن”:
لم يكن تركيز حزب الله في الأيام الماضية على استهداف الجولان بضرباته العسكرية، أو نشر الحلقة الثانية من فيديو الهدهد لمواقع إسرائيلية حساسة هناك، إلا عبارة عن تحول استراتيجي من قبل الحزب في إدارته للمواجهة. في خطابه الأخير أبدى الأمين العام للحزب السيد حسن نصر الله الحرص على الوصول الى وقف لإطلاق النار في غزة ينسحب على الجبهة اللبنانية، لكنه في المقابل أشار إلى أنه في حال عدم تحقيق ذلك، فحينها لا بد من توقّع المزيد من التطورات التي رفض الكشف عنها.
العين على الجولان
على ما يبدو، بحسب ما تشير مصادر متابعة، فإن جزءاً من هذه التطورات ستتركز في الجولان السوري المحتل لمجموعة أسباب أبرزها تسريبات إسرائيلية حول أن أي تصعيد للمواجهة مع حزب الله أو الإستعداد لتوسيع نطاق العمليات أو الإنتقال الى مرحلة جديدة منها، يمكن أن تكون من الجولان.
بعض التسريبات تحدثت عن أن الإسرائيليين يريدون اعتماد سياسة الإلتفاف على الحزب من الجولان باتجاه الجنوب اللبناني، باعتبار أن الجولان يبقى خاصرة رخوة مقارنة مع المناطق اللبنانية المباشرة للمواقع الإسرائيلية والتي فيها وجود عسكري معزز من قبل الحزب وهو يتجهز لأي احتمالات أو تطورات. أما في حال كان الهجوم من الجولان فإن المسألة ستكون مختلفة وأسهل بالنسبة إلى الإسرائيليين، حسبما يعتقدون.
بناء على هذه التسريبات، اختار الحزب أن يكون متقدماً على الإسرائيليين دوماً بخطوة، فاحتفظ بما يمتلكه من معلومات ومعطيات استخبارية، ونشر ما أراد من الصور التي بحوزته عن المواقع الأساسية في الجولان، وهو ما أرفق مع استهداف مواقع اسرائيلية عديدة في تلك المنطقة، بالإضافة إلى معطيات تفيد بوجود بنك أهداف آخر للحزب في طبريا وغيرها. جاءت هذه الضربات مع نشر فيديو “الهدهد2” كجزء من العمليات الإستباقية والإشارات التي يطلقها الحزب حول استعداده وترقبه لما يمكن أن يقوم به الإسرائيليون من هناك.
وحدة الجبهات
لا يمكن إغفال اهتمام الحزب في فتح جبهة الجولان، لتكريس معادلتين، الأولى هي معادلة وحدة الجبهات مع سوريا، وإظهار أن الحزب قادر على الإنخراط في المواجهة إنطلاقاً من الجغرافيا السورية وإن لم يكن النظام السوري راغباً في ذلك. والثانية، ضرب المعادلة التي حاول الإسرائيليون على مدى سنوات فائتة تكريسها وهي إبعاد إيران وحزب الله وحلفائهما عن الجنوب السوري لمسافة ما بين 40 و80 كلم، هنا يقول الحزب إنه قادر على استهداف الجولان ومناطق أعمق منه إنطلاقاً من الأراضي اللبنانية ولا يحتاج إلى الأراضي السورية.
الدعم الإيراني
في المقابل، كانت قد تسربت معلومات قبل فترة نقلاً عن الإيرانيين وحلفائهم في المنطقة، حول الإستعداد لإرسال تعزيزات ودعم بشري وبالمقاتلين لحزب الله لمواجهة أي حرب إسرائيلية وللتصدي لأي توغّل إسرائيلي في الأراضي اللبنانية. في حينها أعلن حزب الله أنه يمتلك فائضاً من المقاتلين ومن الأسلحة، وحصل على أسلحة نوعية ومتطورة حديثاً من إيران. في هذا السياق، برز التركيز الإيراني على جبهة الجولان أيضاً، وسط معلومات تفيد بأن طهران تعمل على تعزيز مواقعها في الجنوب السوري وهناك المزيد من التعزيزات العسكرية التي وصلت وتضم مقاتلين من فصائل عراقية موالية لإيران الى مناطق جنوب سوريا تحسباً لأي تطورات قد تشهدها هذه الجبهة، خصوصاً في حال فشل المفاوضات الدائرة حول وقف النار في غزة، لأنه بعدها، هناك توقع بارتفاع منسوب التصعيد.