كتبت ندى أيوب في “الأخبار”:
توفيق كرم مجدداً. وهذه المرة ليس عن إبقاء كرم في منصبه مديراً لوحدة المعلوماتية في وزارة التربية والتعليم العالي بشكلٍ مخالف للقانون، وإنّما عن مخالفاتٍ ارتكبها من يُلقّب بـ«إمبراطور» الوزارة وزوجته في فتراتٍ سابقة، وتمّ تسريبها بعد اختراق بريده الإلكتروني، علماً أنه هو المؤتمن على بيانات الوزارة والطلاب وكل ما يُعنى بالـ«داتا» وحمايتها. وبصفته مديراً للمعلوماتية منذ 15 عاماً، يُعتبر بمثابة «خزنة الوزارة»، وبين يديه «الداتا» الخاصة بالتعليم، وهي الأضخم بما تتضمّنه من معلومات حول طلاب لبنان في القطاعين الرسمي والخاص وعن ذويهم وأوضاعهم الاجتماعية وأماكن سكنهم وأرقام هواتفهم.
من بين ما كشفته التسريبات (اطّلعت «الأخبار» على بعضها)، أنّ زوجة كرم، ألين ضاهر، كانت ترسل إليه «ايمايلات» لها صِلة بِعملها في وزارة العدل، حيثُ كانت مسؤولة عن أحد المشاريع المموّلة من وكالة الأمم المتحدة للتنمية (UNDP). أحد «الإيمايلات» يتضمّن مستندات عن تفاصيل المشروع. ويظهر في أسفل النص أنّ ضاهر كانت قد أرسلت الـ«ايمايل» نفسه إلى شخصين معنيين في وزارة العدل هما القاضي و. ح. وشخص آخر يُدعى عُمر، قبل أن تحوّله إلى كرم للاطّلاع عليه.
وهناك «إيمايل» آخر تلقّاه كرم من شقيق زوجته إيلي ضاهر يتضمّن عنوان البريد الإلكتروني لوزارة العدل، والـ«Username» والـ«Password» الخاصيْن بألين ضاهر، وDocument، كي يستخدمها توفيق لإرسال «إيمايل» نيابةً عن زوجته إلى سيدة تُدعى م. س. وبذلك تكون زوجة كرم خرقت اتفاقية عدم الإفصاح (NDA) التي يوقّعها في العادة العاملون في مشاريع مع الوكالات الدولية، وتحظّر تسريب أي معلومات عن المشاريع.
وأظهرت التسريبات أيضاً أنّ الوزارة عندما كانت في صدد تنفيذ مشروع «Microsoft Ifrastructure Services Support Proc. Ref.»، شكّلت لجنة فاحصة ضمّت كرم لاختيار مستشار تقني للمشروع، وللمصادفة فاز في الاختبارات شادي غزال زوج شقيقة كرم، ليصبح مستشاراً تقنياً لمشروع يرأسه… توفيق كرم نفسه، في تضاربٍ واضح للمصالح يُخالف كل معايير الحوكمة الرشيدة ومبادئ الإصلاح التي تنادي بها الجهات المانحة، ويفترض أنها تفرض الالتزام بها.
تضارب المصالح يبرز كذلك، بتحويل وحدة المعلوماتية، منذ سنوات طويلة، إلى ما يشبه الـ«Family business» من خلال توظيف إيلي ضاهر، شقيق زوجة كرم، في دائرة المعلوماتية نفسها التي يرأسها الأخير، وذلك منذ حوالي الـ13 عاماً، وتوظيف نجيب الهاشم، أحد أقرباء زوجة كرم، وهو معنيّ بـ«داتا» الامتحانات. أما عباس عباس، أحد الموظّفين المقرّبين جداً من كرم في وحدة المعلوماتية، ولديه مهام محددة في ملف الامتحانات الرسمية، فيعمل صهره محمد السوقي مسؤولاً عن كل ما هو مرتبط بالبنية التحتية في قسم المعلوماتية وبالكاميرات وعمليات المراقبة.
اختراق بريد كرم أعاد إلى الواجهة ملف تسريب وبيع الامتحانات الرسمية لفرع الاجتماع والاقتصاد للعام الدراسي (2011 – 2012)، الذي سُلّم في حينها إلى كل من النيابة العامة التمييزية والتفتيش المركزي، من دون أن يتوصلا إلى كشف الفاعل. فيما تشير المصادر إلى أنّ «تسريبات بريد كرم أدّت إلى الوصول إلى طرف خيط سيكون الأساس في تحقيقٍ يُعمل على إطلاقه للتأكّد مما إذا كان ضالعاً في عملية تسريب أسئلة الامتحانات».
هذا المشهد يرفع مستوى القلق تجاه أمن البيانات في الوزارة، وإلى من وصلت وكيف تُستغل. وتنبغي الإشارة إلى أنّ السنوات الـ15 الماضية لم تمر بسلاسة، إذ خضع كرم أكثر من مرةٍ للتحقيق، وهناك أكثر من طلبٍ تقدّمت به «شبكة التحوّل الرقمي في لبنان» للحصول على معلومات حول المشاريع والـ«الداتا»، مستفيدة من قانون حق الوصول إلى المعلومات، إلا أنّ استفساراتها بقيت من دون إجابات، على زمن الوزير السابق طارق المجذوب ومن ثم المدير العام فادي يرق، وحالياً مع الوزير عباس الحلبي.