IMLebanon

مجزرة المواصي: نموذج نتنياهو لـ”التغيير”من غزّة إلى لبنان

كتب منير الربيع في “المدن”:

المشهد الذي يريد تثبيته بنيامين نتنياهو كصورة راسخة في أذهان الجميع، هو مشهد مجرزة المواصي في خان يونس. حاول الإسرائيليون خلق تبريرات كثيرة لهذه المجزرة أبرزها أنها محاولة اغتيال للقائد العسكري العام لكتائب عز الدين القسّام محمد الضيف. على الرغم من عدم امتلاك إسرائيل لأي معلومات استخبارية دقيقة حول مصيره، إلا أن المجزرة لها أهداف أخرى، أولها زرع الخوف والرعب في نفوس الفلسطينيين. ثانيها، جعلهم يتأكدون أن مقومات الحياة تفتقد شيئاً فشيئاً في غزة. ثالثها، أن تدفعهم المجازر إلى المغادرة والخروج، وهذا في الأساس هو المشروع الحقيقي الذي يراهن عليه نتنياهو وحكومته اليمينية. ولذلك، تحصل الإستهدافات بشكل متعمد ومقصود للتجمعات السكانية أو للمستشفيات إلى جانب تشديد الحصار ومنع إدخال المساعدات والمواد الطبية والغذائية.

نموذج المرحلة الثالثة

إنه النموذج الذي يريد نتنياهو تكريسه حول المرحلة الثالثة من الحرب التي يريدها، وهو الذي لا يريد أي اتفاق على وقف إطلاق النار، ولا يزال يضع العراقيل في طريق أي صفقة تسعى إليها القوى الإقليمية والدولية. يجهض نتنياهو كل محاولات التسوية. يناور، يماطل، ينتظر موعد إلقائه كلمته أمام الكونغرس الأميركي للحصول على المزيد من الدعم من واشنطن لاستكمال حربه في غزة وربما توسيعها في لبنان. ما بعد مشهد مجزرة المواصي وهو نموذج عن المرحلة الثالثة من الحرب، تصبح

خشية لبنانية

الخشية اللبنانية مشروعة من أن يحاول نتنياهو استنساخ التجربة في لبنان لاحقاً، خصوصاً في ظل معلومات تتحدث عن مخاوف كبيرة من لجوئه إلى تكثيف عمليات الإغتيال بحق كوادر وعناصر حزب الله، أو احتمال انتقاله إلى تغيير نوعية الأهداف وضرب قادة ومسؤولين سياسيين في الحزب، وهذه من شأنها أن تغيّر مسار المواجهة وتسهم في توسيعها.

يتخوف لبنانيون وديبلوماسيون من تكريس نتنياهو لمعادلة المرحلة الثالثة لبنانياً أيضاً، لا سيما أنه كان واضحاً في كلامه الأخير حول الإستعداد لتغيير الوقائع العسكرية على الحدود مع لبنان لأجيال، وهذا يعني أن الرجل يخطط لمواجهة طويلة الأمد وليس إلى تسوية مرحلية مع ضمانات وفق المقترح الأميركي الذي تقدم به المبعوث آموس هوكشتاين والذي ينص على مسار تفاوضي لتثبيت ترسيم الحدود. ما تتخوف منه جهات لبنانية ودولية هو أن يوزع نتنياهو إهتماماته العسكرية في المرحلة الثالثة ما بين غزة ولبنان، وبعدما ينتهي من حرب غزة سيركز اهتمامه على جنوب لبنان، بعض التقديرات تشير إلى أن الإسرائيليين يفكرون في تنفيذ عمليات اغتيال كبيرة في لبنان لاستدراج الحزب إلى الحرب، بمعنى أن ينفذ الإسرائيليون عملية اغتيال كبرى، تستدعي الحزب إلى الردّ بشكل عنيف وعندها ترتفع حدة المواجهات ونوعية العمليات لتتطور رويداً رويداً إلى مواجهة أوسع.

استعدادات الحزب

كل السلوك الذي ينتهجه نتنياهو يشير إلى أن الرجل يرفض إبرام أي اتفاق سياسي، وأنه مصمم على الإستمرار في خوض الحرب وتعميمها على جبهات مختلفة. هو بلا شك يراهن بقوة على نجاح دونالد ترامب، ينتظر وصوله إلى الرئاسة ليستكمل حربه في غزة ولينقلها إلى لبنان، أصبحت هذه الحسابات كلها مأخوذة في الإعتبار من قبل جهات مختلفة ومن قبل حزب الله أيضاً الذي على الرغم من استبعاده لدخول الإسرائيليين في حرب على لبنان، إلا أنه يعمل عسكرياً وتجهيزياً، وكأنها واقعة غداً لأنه مع نتنياهو لا يمكن التراخي ولا يمكن التنبؤ بما يختار أو يقررّ.