IMLebanon

الحرب الشاملة وحسابات نتنياهو

كتبت نجوى ابي حيدر في “المركزية”:

بالركون الى المواقف المعلنة من قادة اسرائيل وحزب الله وتهديداتهم المتكررة والى المخاوف الجدية المطروحة من الدول المهتمة بلبنان والمُحَذِرة من انفجار واسع يعمّ المنطقة، يصبح التشكيك بإمكان اندلاع حرب شاملة، قريباً من الواقع أكثر منه توقعات ومخاوف. ذلك ان ما توعد به وزير الدفاع الإسرائيلي، يوآف غالانت خلال تفقده لقوات الجيش على الجبهة الشمالية امس ، حيث قدم قادة الجيش استعراضا للوضع على الحدود مع لبنان، وتطورات القتال ضد حزب الله، وما اعلنه امين عام حزب الله السيد حسن نصرالله لجهة الاصرار على ربط جبهة جنوب لبنان بحرب غزة والكشف عن استهداف مستوطنات جديدة يرفع مستوى المخاطر الى الحد الاقصى، في ظل استمرار تعثر مفاوضات الدوحة بفعل شروط رئيس حكومة اسرائيل بنيامين نتنياهو المستجدة، وتكثيف العمليات الامنية جنوبا وبقاعا وآخرها اغتيال القيادي في “الجماعة الإسلامية” ابو محمود محمد جبارة بغارة في بلدة غزة البقاعية صباحا.

غالانت لوّح بإمكانية الانتقال إلى حرب مع حزب الله في لبنان بشكل “سريع ومفاجئ وحاد جداً”، وقال: “نشن حرباً محدودة في الشمال (لبنان)، نستخدم جزءاً صغيراً من قوة الجيش الإسرائيلي، لكن الأمور يمكن أن تتغير في ثانية، من جهد رئيسي في الجنوب (قطاع غزة) إلى جهد رئيسي في الشمال (لبنان) وهو أمر سيكون سريعاً ومفاجئاً وحاداً جداً”، على حد قوله. وأضاف: “نقترب من اتخاذ القرار وسنعرف كيف نسير على الطريق الذي سيحقق الأمن لسكان الشمال”.

التصعيد العسكري ولغة التهديد الاسرائيلية المتواصلة، رد عليها نصرالله في خطابه العاشورائي امس ، مؤكدا استمرار جبهات المساندة لغزة ومهددا ‏العدو “بأنّ التمادي في استهداف المدنيين سيدفع المقاومة إلى إطلاق الصواريخ واستهداف مستعمرات جديدة ‏لم يتم استهدافها في السابق”.

عليه، هل يقترب الطرفان من الخط الاحمر المرسوم للحرب، وهل يقدم نتنياهو على “دعسة ناقصة” تنزلق معها المنطقة الى حيث يطمح لانقاذ نفسه ،أم ينتظر نتائج زيارته لواشنطن الاسبوع المقبل ومن بعدها نتائج الانتخابات الرئاسية ‏الاميركية علّ حليفه دونالد ترامب المرتفعة حظوظه، بعد محاولة اغتياله وسقطات غريمه الرئيس جو بايدن، يمنحه الضوء الاخضر ومعه ما يلزم من السلاح للقضاء على حزب الله وإبعاده عن حدوده وفق ما يتوعّد؟

تقول مصادر دبلوماسية غربية لـ”المركزية” ان مفاوضات غزة وعلى رغم شروط نتنياهو ، دخلت في التفاصيل العملانية لمعالجتها وهي في اي حال لا يمكن ان تنسف مقترح بايدن للهدنة وقد مضت اسابيع على اعلانه ولم يسقط. وتضيف : يتوجه نتنياهو الى واشنطن وفي يده اليمنى الحل السياسي واليسرى العسكري.اما خياره فيتعلق بمدى نجاح زيارته والتجاوب مع طروحاته ، لذلك يحاول تأخير قراره الى ما بعد 24 الجاري، في حين تصرالادارة على اعلانه القبول بالمقترح تاركا للجان متابعة البحث في التفاصيل. بيد ان نتنياهو لا يريد اعطاء ورقة رابحة لبايدن، لانه يدعم وصول ترامب، وسيضع الخيار العسكري تحت عنوان “ساعدوني لإنهاء خطر حزب الله على مستوطني الشمال المفترض ان يعودوا قبل مطلع ايلول الى ديارهم، اي قبل بدء العام الدراسي، وقدموا ما يلزم من الدعم لتوقف ايران استهدافها اسرائيل عبر اذرعها المنتشرة في الجوار ، ومنعها من الوصول الى النووي.

يريد نتنياهو اذا ما هو أبعد من غزة ، ويطمح الى حل سياسي يرتكز الى تفاهمات تثبيت الهدنة ووقف اي عمليات عسكرية على شمال اسرائيل . فإن ناله تنتفي حاجته للحرب وينجح في رهانه على كسب مبتغاه من دون تكبّد خسائر وويلات ستستجلبها حرب تتجنبها واشنطن، وقد تضغط للغاية في سبيل منحه ما يريد بالسياسة، علما ان جميع الاطراف أُرهقت وتفضل عدم الانزلاق الى وحول غزة او غزّات اخرى. فهل تنجح واشنطن حيث فشل الاخرون حتى الساعة ام يُدمر نتنياهو الهيكل الاقليمي على من فيه…ولبنان اول الخاسرين؟