كتبت دنيز عطالله في “المدن”:
لا يتردد رئيس حزب الكتائب، النائب سامي الجميّل، في التعبير عن آرائه من دون قفازات. وفي حديثه لـ”المدن”، يؤكد على مجموعة مواقف تعكس قراءته للمرحلة “غير المطمئنة” التي نعيش. ويبدي حرصه على “قيام أوسع جبهة للمعارضة الوطنية. فكل كلام طائفي يجرّنا إلى ملعب حزب الله ويسهّل له السيطرة على البلد”. وهو مقتنع أن “ليس هناك ما يُسمى الثنائي الشيعي. يوجد حزب الله ومن تبقّى أتباع”. وفي حين عبّر عن مخاوف من الوضع الراهن “غير المطمئن ولا الصحي”، وانشغال العالم عن لبنان، أصرّ على “وجوب أن تتمسك المعارضة بجهاد أزعور”، وأنه “لا بد من الصمود والمواجهة”، جازماً أن الكتائب “لن تنتخب سليمان فرنجية أيّاً تكن الاعتبارات والظروف”، وداعياً الوزير عبدالله بو حبيب أن يشفع بضيعته روميه ويستقيل”!
لن ننجر إلى لغة السلاح
يأخذ الجميّل الخطر الأمني بـ”كثير من الجدية”. يستقبل ضيوفه في “منطقته الآمنة” في مكتبه في بكفيا. ويقول لـ”المدن” أن “في البلد عملية تخويف ممنهجة لكل من لديه موقف واضح تجاه تصرفات حزب الله”.
* وهل يعني ذلك أن حزب الله هو من يهددك؟ ومن نقل إليك المعلومات؟
– يرفض الجميّل “الدخول في التفاصيل”. وما لا يقوله بالكلام، تبوح به “لغة الجسد” حين يتحرك مراراً في مقعده منزعجا ومتمسكاً بإجابته “لدي أسبابي ومعلوماتي ولن أدخل في التفاصيل”.
لكن حزب الله حاضر في كل التفاصيل. وكيف لا يكون، والجميّل يكرر أن “البلد مخطوف من حزب الله الذي يأخذ كل اللبنانيين رهائن”.
وبسؤاله عما تفعله المعارضة وعن غيابها عن أي توافقات أو تسوية آتية بعد انتهاء الحرب في غزّة وجنوب لبنان، يقول “هذه بروباغندا حزب الله التي تبالغ في دورها وتحمّل المعارضة كل تقصير. نحن منعنا حزب الله من فرض رئيس، وخضنا معركة بجهاد أزعور واخترقنا صفوف 8 آذار، مما دفع الرئيس نبيه برّي إلى تسكير المجلس. فما هو المطلوب منا؟ كيف نواجه ميليشيا؟ هل نحمل السلاح مثلهم؟ هل ننجر إلى حرب أهلية؟ في ظل التوازنات القائمة فإن ما تقوم به المعارضة من صمود وثبات هو إنجاز كبير”. ويسأل “لماذا نحمّل المعارضة مسؤولية ما سيحصل غدا؟ لكل مرحلة ظروفها ومعطياتها وسنتعاطى معها في حينه”.
يضيف، “هل يُسأل شعب محتل لماذا تقبل بالاحتلال، وكيف ستواجه الموضوع؟ سنواصل مسار الصمود والمقاومة ورفض إملاءات حزب الله، الذي هو جزء من منظومة إيران الأمنية. لقد كان البلد محتلاً من السوري وقاومناه بالطرق السلمية إلى أن خرج من البلد”.
وبسؤاله: “لكن حزب الله ليس احتلالاً خارجياً، هو من نسيج البلد…”، يجيب “لم أقل أن هنالك احتلالاً غريباً. هو احتلال للقرار اللبناني، ونحن نريد تحرير القرار اللبناني من سيطرة حزب الله وسلاحه ومن خلفه إيران”.
انتخاب الرئيس
اتهامات الجميّل تطال حزب الله، فهل يتجنب الكلام عن “الثنائي الشيعي” لعلاقة خاصة مع الرئيس نبيه برّي؟
يقول رئيس حزب الكتائب “ليس هناك ما يُسمى الثنائي. يوجد حزب الله ومن تبقّى أتباع. هل تمكّن الرئيس برّي مثلاً من منع انتخاب ميشال عون؟ كنا نتمنى لو استطاع الرئيس برّي وحركة أمل التمايز عن الحزب. فـ”أمل” لم تشارك في الحرب في سوريا، ولا في فتح جبهة الجنوب في 8 تشرين. لكن المؤسف أنها تعود وتغطي سلوك الحزب وتجاوزاته”.
* لكن الرئيس برّي أكثر حرصاً وقناعة بانتخاب سليمان فرنجية رئيساً للجمهورية، حتى ربما من حزب الله؟
– صحيح لأنهم جميعاً جزء من محور واحد، يتشاركون الخط السياسي الواحد من زمن الاحتلال السوري إلى حزب الله. والأكيد أن الرئيس برّي مقتنع بهذا الترشيح لأنه مرشح محور بكامله.
*ماذا لو حصلت تسوية انتهت بتأمين التوافق على سليمان فرنجية، هل تشاركون بانتخابه، أم تكررون الموقف نفسه كما فعلتم بعدم انتخاب الرئيس عون؟
– كان شعارنا الانتخابي: الكتائب لا تساوم. بالتالي، لن ننتخب سليمان فرنجية أيّاً تكن الاعتبارات والظروف. فنحن لا نقدم على أي خيار نعرف أنه يؤذي البلد.
وفي السياق الرئاسي يشدد الجميّل على “وجوب أن تتمسك المعارضة بترشيح أزعور طالما لا إمكانية لتأمين إجماع أوسع على أي شخص آخر”. يضيف “الجميع يحتاج إلى خرق في الموضوع الرئاسي، لكن طالما لا نستطيع تأمين توافق أوسع على اسم آخر، التخلي عن أزعور يعني تشتيت الأصوات وتقديم هدية لحزب الله والمساهمة بانتخاب فرنجية”.
* ولكن ماذا لو كان بإمكان حزب الكتائب اختيار الرئيس من كان ليسمي؟
– طبعاً نحن نعتبر أننا الأجدر في حزب الكتائب. لا أحد يكون في حزب ويفضل شخصاً ينتمي إلى حزب آخر. لكننا نعرف أنه في ظل واقع البلد اليوم، لا إمكانية تتيح لهذا “البروفيل” الوصول؛ ولو وُجدت لكنا طرحنا الموضوع”. المهم أن نذهب لاختيار الأفضل. وهو اليوم شخص في الوسط”.
معارضة وطنية
يكرر الجميّل وجوب انتخاب رئيس “كمدخل أساسي لاستعادة الدولة وانتظام عمل المؤسسات، بدءاً من تشكيل حكومة وانتهاء بأصغر تفصيل إداري. فنحن بلا رئيس جمهورية، والحكومة يسيطر عليها حزب الله والمجلس النيابي مشلول والحرب دائرة في الجنوب…”.
*أوليس مشروعاً بالتالي أن يُكرر السؤال ماذا تفعل المعارضة؟ هل تقوم مثلاً بالتواصل مع العواصم المؤثرة؟
-لا نتوقف عن التواصل مع كل السفراء ومع الجهات الخارجية لشرح الواقع اللبناني، وعدم ترك البلد، لكن مع الأسف العالم مهتم بقضايا أخرى…
* حتى الفاتيكان؟ وأنت التقيت الكاردينال بيترو بارولين؟
– الفاتيكان يركز على موضوع الرئاسة بأي ثمن…
* بـ”أي ثمن” يعني مؤشرات غير صحية أو مطمئنة للمعارضة؟..
– ومن قال أن المؤشرات صحية أو مطمئنة؟ لكن يجب أن يبقى لدينا “رُكب” للصمود والمواجهة، وأن نخلق جبهة معارضة وطنية صلبة، تحمل خطاباً وطنياً جامعاً، بعيداً عن أي كلام طائفي أو فئوي. فكل كلام طائفي يجرّنا إلى ملعب حزب الله ويسهّل له السيطرة على البلد. وفي السياق، كل كلام مسيحي طائفي اليوم وكل تقوقع هو ضد مصلحة لبنان، أي ضد مصلحة المسيحيين”.
وفي سؤاله عن الزيارة المرتقبة لـ”الرفيق” القديم في الحزب الوزير عبدالله بو حبيب إلى سوريا، يقول الجميّل: “يجب على عبدالله بو حبيب أن يشفع بضيعته روميه ويستقيل من الحكومة عوض أن يتحول إلى ناطق رسمي باسم حزب الله في الداخل والخارج”.
وعن “التيار الوطني الحرّ”، يتمنى “أن يعود إلى تاريخه ومبادئه وخطابه السياسي منذ الـ1990 إلى 2005 التي أتبناها من ألفها إلى يائها، سواء لحصرية السلاح في يد الجيش اللبناني أو الدفاع عن الحرية والسيادة ومكافحة الفساد. يدي ممدودة دائماً لعودة التيار”.
* وهل تظن أنه سيعود؟
-لا أظن. فبعد شراكته لـ20 سنة مع حزب الله، التي بدأت مصلحية، صار متشبّعاً بطباعه، ألا يًقال: عاشر القوم 40 يوماً..؟”.