كتب معروف الداعوق في “اللواء”:
يعاني لبنان من مخاطر وتحديات غير مسبوقة، من المواجهة العسكرية الدائرة بين حزب الله وقوات الاحتلال الإسرائيلي على طول الحدود اللبنانية الجنوبية مع إسرائيل، وتفاعل الانقسام السياسي الداخلي، ألذي بدأ بين المكونات السياسية الاساسية، منذ ما قبل اندلاع المواجهة جنوبا بعد عملية طوفان الأقصى، وما يزال مستمرا حتى اليوم، الأمر الذي يضاعف التحديات والمشاكل التي تعصف باللبنانيين من كل اتجاه، ويزيد من تفكك الدولة واهتراء المؤسسات والادارات العامة، ويضع المواطنين امام اعباء تفوق طاقاتهم وامكاناتهم، التي تتضاءل إلى مستويات قياسية.
وبدلا من ان تدفع المواجهة العسكرية التي يخوضها حزب الله جنوبا ضد قوات الاحتلال الإسرائيلي،بقرار ذاتي متجاوزا دستور وقوانين الدولة اللبنانية، تارة بذريعة مشاغلة القوات الإسرائيلية والتضامن مع الشعب الفلسطيني في قطاع غزّة، وتارة اخرى بالدفاع عن لبنان، إلى تهدئة الساحة الداخلية، وترييح الوضع السياسي العام، وفك أسر الانتخابات الرئاسية المعطلة ، منذ انتهاء ولاية الرئيس ميشال عون قبل ما يقارب العامين،بقرار من الحزب بذريعة اجراء حوار مسبق بين الاطراف السياسيين قبل انتخاب رئيس للجمهورية، واطلاق عجلة الدولة اللبنانية من جديد، لتقوية الوضع العام، وتوفير مستلزمات المواجهة الجارية سياسيا وماديا، استمر مسار الامور عكس ماهو مطلوب تماما، بعدما امعن الحزب وحلفاؤه بتعطيل الانتخابات الرئاسية وهذه المرة بحجة وقف المواجهة جنوبا بعد انتهاء الحرب على غزّة.
وهكذا، وضع لبنان قسراً، امام مضاعفات المواجهة المحتدمة جنوبا بين الحزب وقوات الاحتلال الإسرائيلي، والاستنزاف البشري والاقتصادي المترتب عنها، وبين تداعيات تعطيل الانتخابات الرئاسية والفراغ بالرئاسة الاولى، وانعكاساته السلبية على آلية تركيبة السلطة ككل، وانتظام عمل المؤسسات والادارات العامة، ما تسبب حاليا بانحسار واضح في هيبة الدولة، وانتشار الفوضى والفراغ في العديد من المراكز والمواقع الحيوية المهمة في مؤسسات الدولة، وسوء التعاطي بين المسؤولين المولجين بإدارة الملفات وتسيير أمور المواطنين، والفشل الذريع بمعالجة الازمة المالية ومتفرعاتها، والاستمرار بالانحدار نحو الازمة.
ويلاحظ بوضوح ان الربط المباشر لوقف المواجهة العسكرية جنوبا، بانتهاء الحرب الإسرائيلية على قطاع غزّة، كما يعلن قادة الحزب في كل المناسبات ، والامعان بتعطيل وعرقلة انتخاب رئيس للجمهورية، تحت اي ذريعة كانت، يعني ربط لبنان بمعادلة مترتبات التسوية الاقليمية والدولية بين ايران الداعم الاساس للحزب والولايات المتحدة الأميركية، الجارية على قدم وساق، باعتراف مسؤولي الدولتين علناً،وما على لبنان، الا الانتظار، ودفع اثمان ما يترتب على هذا الواقع من مضاعفات وتراجع في بنية الدولة، وتدهور الوضع السياسي والاقتصادي والمعيشي.