جاء في “الأخبار”:
لم تلحظ المنظومة التشريعية في لبنان حق المواطنين والمقيمين بالتمتع بنقل عام، واقتصر الأمر على مجموعة متفرقة من القوانين التي كانت تارة تقدم عطاءات وتسهيلات ومنحاً للسائقين، وطوراً تنظّم مسألة اللوحات العمومية، وكأن قدر اللبنانيين أن يعيشوا في نمرة حمراء. فالقوانين المتعاقبة لزّمت النقل العام الى السائقين العموميين واخترعت مهنة النقل العام من دون أن يكون لها أي دور في هذا النقل الذي لا يحمل الصفة العمومية إلا باسمه، وتشترك كهرباء لبنان مع النقل العام بالانطلاقة، ولا سيما أنهما كانا بإدارة مؤسسة واحدة. لكن الأخطر من ذلك أنهما يشتركان معاً في الفشل الذريع وكذلك في استهلاك المشتقات النفطية
بمراجعة القوانين التنظيمية التي تطاول كلاً من النقل العام وكهرباء لبنان، يتبيّن أن كلا القطاعين انطلقا معاً وفشلا معاً، فغاب النقل العام غياباً شبيهاً بغياب الكهرباء، والمشترك أيضاً بينهما أنهما يرتبطان معاً بالمشتقات النفطية استيراداً واستهلاكاً. عام 1954، أنشئت مصلحة الكهرباء والنقل المشترك لإدارة واستثمار المشاريع التي استردّتها الدولة من شركة «كهرباء بيروت» المغفلة بموجب البروتوكول المؤرخ في 26 آذار سنة 1954 وسواها من المشاريع المتعلقة بإنتاج أو نقل أو توزيع الطاقة الكهربائية أو بالنقل المشترك التي تعهد إليها الحكومة بإدارتها واستثمارها. وتعتبر هذه المصلحة من المؤسسات العامة وتوضع تحت سلطة وزير الأشغال العامة (المديرية العامة لمراقبة الشركات والشؤون المائية والكهربائية) ويكون مركزها بيروت، على أن تتمتع بالشخصية المدنية والاستقلال الإداري والمالي، وتنتقل إليها جميع الحقوق والموجبات التي انتقلت الى الدولة بفعل الاسترداد، كما يطبق قانون العمل على مستخدمي هذه المصلحة وعمالها.
في بداية الستينيات من القرن الماضي، تم فصل النقل المشترك عن الكهرباء، وقضى المرسوم الرقم 6479 تاريخ 14 نيسان 1961 بإنشاء مصلحة سكك حديد الدولة اللبنانية والنقل المشترك لبيروت وضواحيها. وفي نهاية الثمانينيات، تم تعديل تسمية النقل المشترك لبيروت وضواحيها إلى مصلحة سكك الحديد والنقل المشترك، وأصبحت منذ ذلك التاريخ تتولى النقل المشترك على كل الأراضي اللبنانية. إلا أن هذه الأراضي لم تعرف النقل المشترك إلا لفترات وجيزة واستثنائية.
في بداية التسعينيات، استحدثت وزارة النقل بالقانون الرقم 214 تاريخ 2 نيسان 1993، وأتبعت لها مصلحة سكك الحديد والنقل المشترك. ولكن، في عام 2000، ألغيت وزارة النقل المستحدثة وألحق كل من المديرية العامة للطيران المدني والمديرية العامة للنقل البري والبحري والمصلحة المشتركة التابعة للوزارة الملغاة بجميع أجهزتها وملاكاتها بوزارة الأشغال العامة التي أصبحت تسميتها وزارة الأشغال العامة والنقل، ووفقاً للقانون الرقم 481 تاريخ 12/12/2002 أعيدت مصلحة السكك الحديد والنقل المشترك الى كنف وزارة الأشغال العامة والنقل.
من مجلس أعلى للنقل البري الى إصدار بطاقة سائق عمومي
عام 1966 تم إنشاء مجلس أعلى للنقل البري بموجب المرسوم الرقم 5540 – صادر في 17/9/1966، مهمته درس الأسس الاقتصادية التي ترمي إلى تنمية صناعة النقل البري وتنظيم استثمار النقل البري وتنسيقه ومراقبته، إضافة إلى درس تطور النقل بالسكك الحديدية وكثافته ونوعه واتجاهاته.
ويتألف المجلس الأعلى للنقل البري بعد تعديله بموجب المرسوم الرقم 4775 /1994 من:
– وزير النقل رئيساً
– المدير العام للنقل البري والبحري نائباً للرئيس
– المدير العام لمصلحة سكك الحديد والنقل المشترك عضواً
– المدير العام للطرق والمباني في وزارة الأشغال العامة عضواً
– المدير العام للداخلية عضواً
– المدير العام للأمن العام عضواً
– المدير العام لقوى الأمن الداخلي عضواً
– المدير العام لأمن الدولة عضواً
– المدير العام للجمارك عضواً
– المدير العام للاقتصاد والتجارة عضواً
– ضابط من الجيش ينتدبه وزير الدفاع الوطني عضواً
– رئيس مصلحة تسجيل السيارات والآليات في وزارة الداخلية عضواً
– المدير العام للسياحة عضواً.
عام 2012، أكدت المادة 411 من قانون السير الجديد على أنه يعود لوزير الأشغال العامة والنقل اتخاذ سائر الإجراءات اللازمة لتنظيم عمل قطاعَي النقل العام للركاب ونقل البضائع وتحديد أساليب عمل العاملين في هذين القطاعين وإصدار الأنظمة والقرارات اللازمة بهذا الشأن. وفي نهاية أيار 2024، اكتفت وزارة الأشغال بإصدار قرار يتعلق بتعديل القرار الرقم 421/2021 والملحق المرفق به بشأن تحديد تعرفة أجور النقل في كل المناطق اللبنانية بالسيارات السياحية العمومية (السرفيس والتاكسي والميني باصات والفانات والباصات الكبيرة) من دون أن تقارب مسألة النقل المشترك.
قانون 2012 يرخص بمزاولة مهنة النقل العام
حين صدر قانون السير الجديد الرقم 243 في 22 تشرين الأول 2012 المعدّل بموجب القانون الرقم 278 تاريخ 15/04/2014 والقانون النافذ حكماً الرقم 7 تاريخ 03/11/2014 والقانون الرقم 61 تاريخ 27/10/2016 والقانون الرقم 144 تاريخ 31/07/2019 الذي يلغي القانون القديم الرقم 76/1967 تاريخ 26/12/1967، نص على تعريف مركبة النقل العام بأنها «كل مركبة آلية خاصة أو عامة معدّة لنقل الركاب بالأجرة أو لقاء تعرفة».
الثغرات التشريعية في ملف النقل العمومي منذ الخمسينيات ليست إلا دليلاً على نية تغييب النقل العام
أما المادة 123 من القانون المذكور فتنص على وجوب استحصال السائقين العموميين على ترخيص بمزاولة النقل العام للركاب، حيث يتوجب على مالكي وسائقي المركبات العمومية ومؤسسات وشركات النقل العام للركاب الذين يمارسون أو يرغبون في ممارسة النقل العام للركاب على الأراضي اللبنانية أو بين لبنان والخارج، الحصول على ترخيص مسبق من وزارة الأشغال العامة والنقل – المديرية العامة للنقل البري والبحري، يخوّلهم القيام بهذا العمل بناءً على قرار يصدر عن وزيرَي الأشغال العامة والنقل والداخلية والبلديات، يتعلق بتنظيم مهنة النقل العام للركاب، ويتم بموجبه تحديد الشروط اللازمة للحصول على هذه التراخيص، بالإضافة إلى تحديد الأطر التنظيمية التي ترعى عملية إصدار هذه التراخيص وتجديدها وإلغائها والتطبيق العملي لها. ولا يجوز لأي مالك مركبة نقل عمومية، سواء كان فرداً أو مؤسسة أو شركة، ولأيّ سائق نقل ركاب عمومي مزاولة النقل العام للركاب من دون ترخيص مسبق من وزارة الأشغال العامة والنقل – المديرية العامة للنقل البري والبحري، وفق الآلية التي يتم تحديدها في القرار المذكور أعلاه.
وهكذا تحوّلت وزارة الأشغال العامة الى جهة تتولى إصدار ترخيص بمزاولة النقل العام للركاب واكتفت الوزارات المتعاقبة بهذه المهمة.
إنشاء مصلحة النقل البري عام 2018
عام 2018 صدر تنظيم جديد يطال المديرية العامة للنقل البري والبحري في وزارة الأشغال العامة والنقل بموجب المرسوم الرقم 2382 الصادر في 19 شباط سنة 2018، وتم إنشاء مصلحة النقل البري لتتولى إعداد مشروع السياسة العامة لقطاع النقل البري وإجراء المعاملات المتعلقة بشؤون الوصاية على مصلحة السكك الحديد والنقل المشترك، على أن تتولى دائرة المراقبة والسلامة البرية دراسة طلبات التراخيص لإشغال واستثمار الأملاك العامة التابعة لمصلحة السكك الحديد والنقل المشترك وإعداد النصوص اللازمة لها.
اللوحات العمومية تحتل مكانة النقل العام المشترك
منذ الخمسينات، بدأت التشريعات تنحو نحو تفضيل تولّي السائقين مهمة النقل العام. فقد أقرّ مجلس النواب قانوناً بتاريخ 06/02/1953 أعطى سيارات السياحة الخصوصية التي تعمل بالأجرة لوحات عمومية، على أن لا يزيد عدد سيارات السياحة العمومية بعد هذا التدبير على 3200 سيارة، وأعطى لوحة واحدة فقط للمالك أو لورثته مهما كان عدد السيارات الخصوصية المسجلة باسمه، على أن تكون بالأفضلية لمن كانت مهنته سائقاً عمومياً. كما حدد عدد مقاعد سيارات الأوتوبيس العمومية بالعدد الحالي، مضافاً إليه ثلثه، وتوزع هذه الزيادة على أصحاب سيارات الأوتوبيس العمومية الحالية بالنسبة إلى عدد مقاعد سياراتهم وبمعدل الثلث، على أن يدفع صاحب العلاقة عن كل مقعد مرة واحدة رسم قدره مئة ليرة لبنانية، ويسلم صاحب المقاعد الجديدة سند تملك بعددها موقعاً من وزير الأشغال العامة وقابلاً للتحويل لأيٍّ كان. ويحق لصاحب سيارة أوتوبيس أن يضم هذه الزيادة لسيارته بعد موافقة مديرية كانت تحمل اسم المواصلات تأميناً للشروط الفنية أو أن يتصرف بها من أجل تسجيل سيارة أوتوبيس جديدة يوازي عدد مقاعدها عدد المقاعد المبيّنة في سندات التمليك المبرزة.
12 ألف لوحة لسيارات عمومية إضافية
تتالت قرارات إصدار وبيع اللوحات العمومية من قبل الدولة لمصلحة أفراد لتولّي مهمة نقل الركاب، ومنها مثلاً ما صدر بناءً على القانون الرقم 384 تاريخ 04/11/1994 تعديلاته (وضع لوحات تسجيل عمومية في التداول). وقد ارتأت الحكومة في سبيل حل مشكلة النقل والحدّ من المضاربة وتخفيف أزمة ازدحام السير إعداد مشروع القانون الذي يجيز لمصلحة تسجيل السيارات والآليات في السوق وبيعها من السائقين الذين يحملون رخص سوق عمومية، على أن لا يتعدى عددها عدد لوحات التسجيل العمومية التي ستعطى لمالكي مثل هذه اللوحات بتاريخ صدور هذا القانون، وذلك وفقاً للأسباب الموجبة الواردة في متنه. كما يعطي مشروع القانون كل صاحب لوحة تسجيل عمومية لوحة عمومية مجاناً شرط وضعها في السير خلال سنة من تاريخ تملكها وأن توضع على سيارة لا يتعدى تاريخ صنعها الثماني سنوات.
ولحظ مشروع القانون إمكانية تحويل لوحات تسجيل الأوتوبيس العمومية الى لوحات تسجيل سيارات عمومية وتحويل لوحات تسجيل سيارات السياحة العمومية الى لوحات أوتوبيس عمومية ضمن شروط ومهل حددها مشروع القانون وترك حرية الخيار لمالكي هذه اللوحات في إجراء التحويل.
في نهاية أيار 2024 اكتفت وزارة الأشغال بإصدار قرار يتعلق بتعديل تعرفة النقل من دون أن تقارب مسألة النقل المشترك
وصدر في عام 1994 القانون 384 الذي أجاز لوزارة الداخلية، مصلحة تسجيل السيارات والآليات في وزارة الداخلية – أن تضع في التداول 12 ألف لوحة عمومية للسيارات السياحية لبيعها من السائقين العموميين.
كما أجيز لوزارة الداخلية أن تضع في التداول سبعة آلاف لوحة عمومية للشاحنات وأربعة آلاف لوحة عمومية للأوتوبيسات الصغيرة (MINI BUS) التي لا يتعدّى عدد مقاعدها الخمسة عشر مقعداً وألف لوحة عمومية للأوتوبيسات الأخرى. وبسرعة قياسية، صدر المرسوم التطبيقي الرقم 6501 تاريخ 13/03/1995 وتعديلاته (تحديد أصول تقديم الطلبات والمستندات المطلوبة والشروط الواجبة للحصول على لوحة عمومية).
الفانات تتقدّم: تحويل لوحات الأوتوبيسات العمومية الى لوحات أوتوبيسات صغيرة Mini Bus
عام 2017، تبيّن لوزارة الأشغال العامة والنّقل أن عدد اللوحات العمومية العائدة للأوتوبيسات العمومية الصغيرة Mini Bus يبلغ 4000 لوحة، بينما العدد الفعلي للأوتوبيسات الصغيرة العاملة يبلغ حوالي 16.000 أوتوبيس، وأن هناك 12.000 منها تعمل بلوحات مزورة ومكررة، فطلبت من المجلس النيابي إصدار قانون لتحويل لوحات الأوتوبيسات العمومية الى لوحات أوتوبيسات صغيرة Mini Bus، وصدر القانون الرقم 63 بتاريخ 17/10/2017، وكان يُستوفى لمصلحة الخزينة عند تسجيل اللوحات العمومية المحوّلة الى لوحات أوتوبيسات عمومية صغيرة ميني باص رسم قيمته 80% من قيمة اللوحة المحددة بموجب القانون الرقم 384 تاريخ 4/11/1994 يضاف رسم مقداره 3% على هذا الرسم.
15 ألف لوحة لسيارات عمومية إضافية عام 2019
عام 2019، تم تعديل القانون الرقم 63 تاريخ 17/10/2017 المتعلق بتحويل لوحات الأوتوبيسات العمومية إلى لوحات أوتوبيسات صغيرة Mini Bus، ومدّد لمرة واحدة فقط العمل بأحكام القانون الرقم 63/2017 بتاريخ 17/10/2017 وذلك لمدة سنتين من نفاذ هذا القانون، بموجب القانون الرقم 124 تاريخ 29/03/2019
وفي عام 2019، أجيز لوزارة الداخلية والبلديات – هيئة إدارة السير والآليات والمركبات – أن تضع في التداول 15 ألف لوحة عمومية لبيعها من السائقين العموميين بموجب المادة 96 من قانون الموازنة العامة والموازنات الملحقة، كما أجيز لها أن تضع في التداول 6500 لوحة عمومية للشاحنات، و500 لوحة للصهاريج، و15 ألف لوحة عمومية للأوتوبيسات الصغيرة (MINI BUS) التي لا يتعدى عدد مقاعدها الـ 15. على أن تتولى وزارة الداخلية والبلديات – هيئة إدارة السير والآليات والمركبات – بيع اللوحات العمومية الموضوعة في التداول بموجب البند الأول من هذه المادة وفقاً للشروط الآتية:
1- أن يكون صاحب الطلب لبناني الجنسية.
2- أن يسجل اللوحة على اسمه خلال مهلة أقصاها 31/12/2019 وخلال مهلة ستة أشهر من تاريخ التمديد في حال تم تمديد المهلة بمرسوم يتخذ في مجلس الوزراء بناءً على اقتراح وزير الداخلية والبلديات.
3- أن يضع اللوحة في السير على مركبة خلال سنة على الأكثر من تاريخ تسجيل اللوحة على اسمه تحت طائلة سقوط حقه بها، ويعاد له المبلغ الذي يكون قد دفعه محسوماً منه نسبة 10% من الثمن المحدد للوحة.
4- أن يتم تسديد ثمن اللوحة نقداً أو بالتقسيط، على أن يسدد الدفعة الأولى البالغة 25% في مهلة أقصاها 31/12/2019، أو خلال ستة أشهر من تاريخ تمديد المهلة، ويسدد الباقي على 12 قسطاً فصلياً مع فائدة معدلها 7% سنوياً. وفي حال التخلف عن تسديد أحد الأقساط بتاريخ استحقاقه تستحق الأقساط المتبقية كافة مع فائدة نسبتها 12%.
وحدد سعر اللوحة العمومية للسيارة السياحية بـ 40 مليون ليرة، وللأوتوبيس الصغير بـ 50 مليون ليرة، وللشاحنة بـ 55 مليون ليرة، وللصهريج بـ 50 مليون ليرة.
وأعفى القانون هذه المركبات من 50% من الرسوم الجمركية المتوجبة، شرط أن تكون جديدة وغير موضوعة في السير، وطاول الإعفاء الباصات الصغيرة والسيارات السياحية والشاحنات والصهاريج التي تستورد خلال مهلة أقصاها 31/12/2019 شرط وضعها في السير وعليها اللوحة العمومية خلال ستة أشهر من تاريخ استيرادها، وأن تبقى كذلك خلال مدة لا تقل عن خمس سنوات، وإلا توجّب على صاحبها إعادة دفع الرسوم الجمركية التي كانت متوجبة عليها. وفي حال البيع بعد هذه المدة، ونزع اللوحة العمومية عنها وجب دفع الرسوم الجمركية على أساس السعر الرائج بتاريخ البيع.
عام 2020 مددت لغاية 31/12/2020 المهل المنصوص عليها المتعلقة بوضع لوحات عمومية في التداول.
اللوحات العمومية: ديون تترتّب على الدولة لمصلحة الضمان
كان المرسوم الرقم 4886 تاريخ 18/2/1982 وتعديلاته الذي قضى بإخضاع سائقي السيارات العمومية اللبنانيين لأحكام قانون الضمان الاجتماعي، قد نص على إخضاع جميع سائقي السيارات العمومية اللبنانيين لأحكام قانون الضمان الاجتماعي، سواء كانوا مالكين أو غير مالكين.
في مرحلة تالية صدر القانون الرقم 1 تاريخ 5/1/1989 المتعلق بضمان سائقي السيارات العمومية الذين يقودون سياراتهم بأنفسهم، وخصّصهم بأحكام مختلفة في ما يتعلق بالاشتراكات، وأفرد نصوصاً خاصة بفئة معينة من سائقي السيارات العمومية اللبنانيين (فئة الذين يقودون السيارات التي يملكونها)، حيث يخضع بموجبه السائق العمومي اللبناني الذي يقود السيارة التي يملكها بنفسه لأحكام قانون الضمان الاجتماعي بصورة إلزامية، ومنذ المرحلة الأولى، لمختلف الفروع المحددة في المادة السابعة من القانون المذكور. وتم تحديد الاشتراكات عن السائق المذكور أعلاه كما يأتي:
أ – وفق المعدل العادي المفروض في ما يتعلق بفرع تعويض نهاية الخدمة، و5.50% في ما يتعلق بفرع ضمان المرض والأمومة، والتعويضات العائلية محسوبة كلها على أساس الحد الأدنى الرسمي للأجر. ويتحمل السائق كامل المبلغ الناتج من هذا الحساب.
ب – المعدل العادي في ما يتعلق بفرعَي ضمان المرض والأمومة والتعويضات العائلية محسوبة على أساس ضعفي الحد الأدنى الرسمي للأجر محسوماً منها قيمة ما يتحمله السائق عن هذين الفرعين وتحميل الرصيد الباقي خزينة الدولة.
ويتم إيداع وزارة العمل في نهاية السنة بياناً بالاشتراكات المتوجبة عن السائقين العموميين اللبنانيين عن السنة المنصرمة وفق ما ورد في البند (ب) من الفقرة (ثانياً) أعلاه كي تتمكن الوزارة من رصد الاعتمادات اللازمة في موازنتها لهذه الغاية، ما يعني بصورة أوضح أن الدولة تتحمل عبر خزينتها العامة النسبة المتبقية من اشتراكات هؤلاء السائقين الذين يملكون السيارات التي يقودونها. وبطريقة أخرى، يمكن القول إن الحكومة كلما أصدرت لوحات عمومية جديدة تقوم بتحميل الخزينة أموالاً وديوناً بذمّتها عن هؤلاء السائقين.
في الختام، سبب غياب هدف تعزيز النقل العام يكمن في غياب النية لإنشاء نقل عمومي حقيقي تتولاه الدولة مباشرة أو بواسطة مزوّدي هذه الخدمة عبر تطبيق أحكام قانون تنظيم الشراكة بين القطاعين العام والخاص الرقم 48 بتاريخ 07/09/2017، وخاصة أن قانون تنظيم الشراكة بين القطاعين العام والخاص يتضمن أحكاماً تتعلق بمشاريع تكون البلديات جزءاً منها، ما يؤمن تعاوناً فعالاً على صعيد النقل المشترك، وكذلك قانون الشراء العام. ولكن الظاهر أن الثغرات المشار إليها في هذا البحث ليست إلا دليلاً على تغييب النقل العام.