كتب معروف الداعوق في “اللواء”:
من يتابع وقائع تحرّك نواب المعارضة، تجاه مختلف الكتل النيابية، لشرح مبادرتهم لإخراج ملف انتخاب رئيس الجمهورية، من دوامة الجمود والتعطيل المتعمد، وكيفية تعاطي كتلة نواب التنمية والتحرير، وكتلة الوفاء للمقاومة مع طلب اللقاء بهم، ومدى الاستهزاء والمماطلة وقلة الاهتمام بتحركهم، لأدرك بسهولة، ما بلغه الواقع السياسي العام من تفكك وتباعد، وسوء تعاطٍ، بين مكونات المجلس النيابي، وزملاء يفترض فيهم الحفاظ على الحد الادنى من اللياقات والتعاطي البنَّاء، مهما بلغت الخلافات السياسية والتباعد بينهم، على اي مشكلة أو موضوع مطروح على بساط البحث، فكيف إذا كان الخلاف على موضوع في حجم رئاسة الجمهورية، لا يهم المجلس النيابي فحسب، وانما يتعلق بتركيبة الدولة اللبنانية ووجوديتها، ويهم كل اللبنانيين على حد سواء.
يؤشر هذا التعاطي السلبي المسبق مع لقاء نواب المعارضة، والاستهزاء بمناقشة مبادرتهم لانتخاب الرئيس، الى الاستهانة بهم والتقليل من أهمية المعارضة، ومحاولة إنكار وجودها، بالرغم من تأثيرها في المجلس، ومسار جلسات انتخاب رئاسة الجمهورية، ومختلف المواضيع والملفات المطروحة، والعمل التشريعي العام. بينما كان يفترض ان يتم التعاطي من قبل كتلتي الثنائي الشيعي مع طلب اللقاء مع نواب المعارضة، بانفتاح والاستماع الى مبادرتهم، وابداء ملاحظاتهم عليها، سلبا او ايجابا، انطلاقا من مواقفهم السياسية، بدلا من التهرب والمماطلة والاستهزاء والتقليل من اهميتها وتأثيرها في مجرى الخلاف الناشب حول انتخابات رئاسة الجمهورية.
أدت المماطلة من قبل كتلتي التنمية والتحرير والوفاء للمقاومة، مع طلب المعارضة اللقاء معهما، لشرح مبادرتها لانتخاب رئيس الجمهورية، إلى نتائج عكسية، تجاوزت سلوكية الاستهزاء والتهاون بالاستماع الى تفاصيل ومضمون المبادرة، وتحديد قواسم الالتقاء الممكنة لانتخاب الرئيس، ونقاط الاختلاف التي تحول دون ذلك، إلى إعطاء المعارضة حجج اضافية، بأنّه إذا لم يكن لهاتين الكتلتين الرغبة في الاستماع إلى وجهة نظر وموقف المعارضة، في لقاء شبه حواري، يفترض تسهيل عقده لتقوية مبدأ الدعوة للحوار قبل الانتخابات الرئاسية، فهذا يعني ان كل مايطرح من دعوات لحوار يسبق إجراء الانتخابات الرئاسية، مشكوك فيه أكثر من السابق، وبالتالي يزيد من تمسك المعارضة برفضها أكثر من السابق.
عن قصد، أو استهزاء، صبّت سلوكية تعاطي كتلتي “الثنائي الشيعي” مع طلب المعارضة اللقاء بهما، ومناقشة مبادرتها إلى استمرار التباعد والانقسام السياسي، وإسقاط كل محاولات التفاهم على صيغة وسطية تجمع بين الحوار او التشاور، بين كافة الأطراف السياسيين أو تجميدها على الأقل في الوقت الحاضر، في انتظار التفاهمات والاتفاقات الاقليمية وانعكاساتها على لبنان.