كتبت نجوى أبي حيدر في “المركزية”:
بغض النظر عن اسباب وخلفيات انسحاب الرئيس الاميركي جو بايدن من السباق الرئاسي الى البيت الابيض، وهو لم يفاجئ احدا، اذ كانت فرضيته تتفوق على استمراره في الترشح اثر سلسلة هفوات “قاتلة”، قلب اعلان انسحابه امس المشهد رأسا على عقب، ليس فقط داخل الولايات المتحدة الاميركية، بل في مجمل الدول حيث للسياسة الاميركية تأثيرها من اسرائيل وحروبها في المنطقة وصولا الى ايران ومصير ملفها النووي، وما بينهما من عواصم واقعة تحت نفوذها.
اسئلة كثيرة تدافعت غداة اعلان القرار الشهير. كيف سيؤثر الانسحاب على حظوظ ترامب؟ ما هي حظوظ كاميلا هاريس بالفوز بعدما دعا بايدن الى تأييد ترشيحها وكلام الرئيس مُطاع داخل الحزب ؟ هل يتبنى الحزب الديموقراطي ترشيحها وهي على راس القائمة ، لكنها تواجه بعض المشكلات بعد بداية متعثرة في منصبها وتراجعها في استطلاعات الرأي؟ من تُعين هاريس في حال تبنيها من الحزب الديموقراطي نائبا لها؟ وما مصير اموال حملة بايدن ؟
وابعد من الشأن الاميركي الداخلي، تذهب اوساط دبلوماسية الى السؤال عن الاتجاه الذي ستسلكه ازمات منطقة الشرق الاوسط، وحرب غزة في مقدمها في ما لو دخل دونالد ترامب الى البيت الأبيض متفوقا على مرشح الحزب الديموقراطي؟ هل يفاوض ويهادن ويدفع للتهدئة عبر المفاوضات ام يلبي رغبات حليفه الاقرب بنيامين نتنياهو بإعلان الحرب للقضاءعلى حماس وحزب الله والحوثيين ولجم نفوذ ايران المتمدد والذي تخشاه اسرائيل في ضوء تطورها السريع في تخصيب اليورانيوم؟
في يد نتنياهو اليوم اوراق قوة كثيرة، تقول الاوساط لـ”المركزية” ، فانسحاب بايدن الذي زعزع العلاقة ولو بنسبة ضئيلة بين الحليفين التاريخيين، على خلفية المجازر المرتكبة من الجيش الاسرائيلي في غزة بعدما استنفرت الرأي العام العالمي ضد حكومة نتنياهو وأحيت القضية الفلسطينية، يخدم رئيس حكومة اسرائيل الذي يلقي بعد يومين كلمة امام جلسة مشتركة للكونغرس الاميركي ويجتمع غدا مع بايدن، ذلك ان الرجل سيرفع سقف مطالبه الى الحد الاقصى ولن يرضخ لرغبات رئيس سيغادر البيت الابيض في 5 تشرين الثاني المقبل، اي بعد اقل من خمسة اشهر، مراهنا على فوز ترامب، ومعززا بتصويت الكنيست ضد اقامة دولة فلسطينية ، بحيث لن تؤثر فيه مقاطعة اعضاء من الحزب الديموقراطي او تظاهرات واحتجاجات ضد الزيارة في شوارع واشنطن. وتعرب الاوساط عن اعتقادها ان نتنياهو سيستخدم اوراق قوته هذه كلها في اجتماعاته في واشنطن وأمام الكونغرس، متيقناً ان الحزب الديموقراطي بعد انسحاب بايدن سيصبح اكثر حاجة للصوت اليهودي في الانتخابات ما يضطره لمسايرة اسرائيل ووقف الضغط على حكومتها لقبول مقترح وقف النار كما هو ، والا وان حصل على ما يريد في اجتماعه مع بايدن غدا، يعلن من واشنطن آنذاك وقف النار وتنحصر المناقشات بهذا الاطار عوض ان تتوسع الى قرار حل الدولتين.
نتنياهو وقبل إقلاع طائرته متوجها الى الولايات المتحدة الاميركية اليوم ، قال للصحفيين “سأخبر أصدقائي في كلا الحزبين، الديمقراطي والجمهوري،أن بغض النظر عمن سيختاره الشعب الأمريكي رئيسا مقبلا له، فستظل إسرائيل حليف أميركا القوي والأساسي في الشرق الأوسط”. كلام تعتبره الاوساط مقدمة لكسب المزيد من الودّ الاميركي وتلطيف الاجواء قبيل اجتماعه مع بايدن لمحاولة إعادة ضبط العلاقات وتنسيق تعامل إسرائيل والولايات المتحدة مع الوضع المضطرب في الشرق الأوسط في ضوء تزايد خطر امتداد نطاق حرب غزة إلى صراع إقليمي أوسع.