كتب منير الربيع في “المدن”:
تتوالى التحذيرات الدولية والديبلوماسية من احتمال تصاعد الوضع العسكري بين حزب الله وإسرائيل. ولا تزال بعض القنوات الديبلوماسية تضرب مواعيد واحتمالات لفترة التصعيد.
لم تكن هذه المرّة الأولى التي يُحكى فيها عن فترات محددة لتنفيذ عملية عسكرية إسرائيلية ضد حزب الله، بل جرى ذلك كثيراً في السابق ولم يتحقق، منذ شهر آذار، إلى منتصف نيسان، وبعدها 15 تموز.. وحالياً، فإن الموعد المضروب حديثاً هو منتصف شهر آب المقبل. وما يضيف أجواء “استنفارية” على هذه المواعيد والرسائل الموجهة إلى لبنان، هو قرار وزير التربية الإسرائيلي تأجيل أو إلغاء افتتاح الموسم الدراسي، بسبب التطورات العسكرية مع حزب الله، ودعوته المباشرة للحكومة باتخاذ قرار بشنّ حرب فورية ضد الحزب.
بعد الأولمبياد؟
أمام هذه الوقائع، تعود الرسائل الدولية لتصل إلى لبنان عبر قنوات مختلفة، بعضها يحذّر من احتمال اندلاع حرب في منتصف شهر آب المقبل، وأن هناك ضغوط مورست على إسرائيل لمنعها من التصعيد قبل انتهاء الأولمبياد في فرنسا، والذي ينتهي في الحادي عشر من شهر آب. هؤلاء يذكّرون بما طلبته الصين من روسيا حول تأجيل الاجتياح العسكري لأوكرانيا إلى ما بعد انتهاء الأولمبياد.
في هذا السياق، تتوالى دعوات عدد من السفارات الأجنبية لمواطنيها بمغادرة لبنان، وآخرها السفارتان السويدية والكندية. وهذا ما يفسّر لبنانياً بطريقتين مختلفتين، الأولى أن هناك معطيات جدية تبدي تخوفاً من اندلاع صراع أوسع أو أكبر في المرحلة المقبلة. والثانية، هي وضع هذه التحذيرات ودعوة المواطنين إلى السفر في خانة ممارسة نوع جديد من الضغط على لبنان وحزب الله، من أجل القبول بخفض التصعيد وعدم مواصلة القتال بما يستدعي الانتقال إلى حالة الحرب.
بعد عودة نتنياهو
كان التصعيد الحوثي ضد إسرائيل من خلال استهداف تل أبيب مباشرة، خطوة على طريق استباق أي تصعيد قد يفكّر فيه الإسرائيليون، وإشارة واضحة للاستعداد إلى توسيع الجبهات في حال تم شنّ حرب على حزب الله. في المقابل، أراد الحوثيون تحقيق جانب أساسي من تشتيت القدرات العسكرية الإسرائيلية، أو تحويل الأنظار والاهتمامات إلى اليمن والبحر الأحمر بدلاً من لبنان، ضمن معادلة توسيع نطاق الجبهات كي لا تتمكن إسرائيل من حصر تركيزها على جبهة لبنان، في مرحلة ما بعد انتقال رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، إلى المرحلة الثالثة من الحرب على غزة.
لا كلام أو توقعات أو تقديرات حتى الآن، قبل عودة نتنياهو من الولايات المتحدة الأميركية، والتي ستحدد نتائجها ملامح المرحلة المقبلة، وإذا كان سيتجه نحو المزيد من التصعيد أم هناك إمكانية فعلية للعودة إلى عقد اتفاق أو ابرام صفقة.
في هذا السياق، تشير مصادر متابعة إلى أن حركة حماس لم يعد لديها أي ثقة بالأميركيين وقدرتهم على ضمان موافقة إسرائيل على أي اتفاق أو صفقة. فللمرة الرابعة تفشل واشنطن في ممارسة الضغط على نتنياهو لتسهيل السير بالصفقة. وفي الأساس، لا ثقة بنتنياهو الذي يريد إطالة أمد الحرب لأقصى فترة ممكنة، وهو لا يمكنه بيع وقف إطلاق النار لإدارة جو بايدن، إنما قد يلجأ إلى التصعيد لاحقاً، لأنه سيبيع ورقة وقف إطلاق النار للرئيس المنتخب حديثاً، ما يعني أن أمد الحرب سيستمر طويلاً إلى ما بعد الانتخابات الأميركية وتسلّم الرئيس الجديد.