IMLebanon

“الحزب” يستعد لردّ عنيف.. ولبنان يفعّل الطوارئ

كتب منير الربيع في “الجريدة الكويتية”:

دخلت منطقة الشرق الأوسط مرحلة أكثر دقة وخطورة منذ عملية طوفان الأقصى في 7 تشرين الاول 2023، واختار رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو السير على حافة الحرب الإقليمية بتنفيذ ضربتين عسكريتين ذات طابع استخباري مرتفع في قلب الضاحية الجنوبية لبيروت لاغتيال المسؤول العسكري الأرفع في «حزب الله»، فؤاد شكر، وفي قلب طهران لاغتيال رئيس المكتب السياسي لحركة حماس، إسماعيل هنية، متجاوزاً كل الخطوط الحمر وجميع الوساطات التي تقودها جهات غربية وأميركية بالتحديد لتجنّب استهداف المدن السكنية المكتظة، لا سيما الضاحية التي أعلنها الحزب اللبناني خطاً أحمر أبلغ الوسطاء أنه بحال تم تجاوزه سيصعّد وتيرة عملياته، وهو بذلك يبدو أنه يستعد لرد عنيف.

وتجاوزت إسرائيل كل الضغوط لمنع استهداف ضاحية بيروت في عملية الردّ على ضربة مجدل شمس، وأصرت على ضربها واستهداف شكر الملقب بـ «الحاج محسن» صاحب أعلى رتبة عسكرية في حزب الله، ويعتبر خليفة عماد مغنية. وقصد الإسرائيليون استهداف الضاحية للقول إنهم لا يخضعون لأي ضغوط دولية، وإنهم قادرون على استهداف أي منطقة يريدونها، ولإيصال رسالة إلى حزب الله بأنهم يعلمون أماكن وجود كل قادته ومسؤوليه وحتى أصحاب الرتب العالية.

وما إن نفّذت العمليتان حتى تم رفع منسوب الاستنفار العسكري لدى حزب الله من جهة ولدى الإسرائيليين من جهة أخرى، مع تخوف دبلوماسي من احتمالات الانتقال إلى أيام قتالية بفعل الضربات والضربات المضادة. وهذا ما سعى إلى التحذير منه دبلوماسيون في لقاءاتهم مع المسؤولين اللبنانيين، خصوصاً سفيري أميركا وفرنسا، وسط تأكيدات بأن الوضع بلغ مرحلة دقيقة وحساسة، وأن أي تصعيد قد يقابل بالتصعيد، كذلك فإن وزيري الخارجية والدفاع البريطانيين سيزوران بيروت اليوم في إطار المساعي المبذولة لاحتواء التصعيد ومنع الانتقال إلى حرب موسعة.

علماً بأن «حزب الله» لم يكن واثقاً بالوساطات ولا بما سيقوم به الإسرائيليون، لذلك لم يعد يتجاوب مع الوسطاء، إنما يصرّ على تنفيذ ردّ متوازن كما أبلغ سابقاً، وفي هذا السياق تشير مصادر متابعة إلى أن اجتماعات تنسيقية كثيرة على المستويات الأمنية والعسكرية في الحزب وضمن المحور الإيراني ككل تجري في سبيل تحديد آليات الرد ونوعيته والأهداف التي سيتم ضربها واحتمالات ردود الفعل الإسرائيلية.

ما جرى يشير إلى أن كل الجهود والوساطات التي بذلت من الأميركيين وغيرهم لم تنجح في ثني إسرائيل عن استهداف الضاحية الجنوبية، وأن ما فعلته إسرائيل هو تكريس معادلتها لوحدة الساحات، وقد فعلت ذلك خلال ساعات، باستهداف الضاحية، ومحافظة بابل في العراق، وطهران، علماً بأن ذلك لا ينفصل عن استهداف الحديدة باليمن قبل حوالي أسبوعين.

في المقابل، فإنه بالنسبة إلى إيران والحزب لا يمكن التسليم بهذه المعادلة التي تسعى إسرائيل لفرض قواعدها، بالتالي فإن الردّ سيكون حتمياً، وإن أدى إلى الاستمرار في هذه المواجهة لفترة طويلة.

ودفعت هذه الأوضاع الحكومة اللبنانية إلى إبقاء اجتماعاتها مفتوحة وتفعيل عمل لجنة الطوارئ الأمنية، الصحية، الغذائية تحسباً لتدهور الأوضاع في المرحلة المقبلة.

وفي اتصال مع رئيس الحكومة نجيب ميقاتي، أعرب وزير الخارجية الإسباني خوسيه ألباريس عن التضامن مع لبنان في الأوقات الصعبة الحالية، وشدد على «العمل في كل المحافل لإبعاد المخاطر عنه»، معتبراً «أن الحل السلمي كفيل بتأمين الاستقرار في المنطقة».

وقبل عقد مجلس الوزراء اجتماعاً طارئاً لبحث الهجوم، أكد «حزب الله»، في بيان طال انتظاره، أن إسرائيل «هاجمت مبنى سكنياً في الضاحية كان القائد الجهادي الكبير الأخ السيد فؤاد شكر (الحاج محسن) حينها يوجد فيه وقتل عدد من المواطنين وأصيب آخرون».

وأضاف: «تعمل فرق الدفاع المدني منذ وقوع الحادثة على رفع الأنقاض بشكل حثيث، ولكن ببطء نظراً لوضعية ‏الطبقات المدمرة، ومازلنا حتى الآن بانتظار مصير القائد الكبير والعزيز ومواطنين آخرين، ليبنى على الشيء مقتضاه».

وأكد مصدر أمني كبير من دولة أخرى في المنطقة أن شكر توفي متأثراً بجراحه. وقالت مصادر طبية وأمنية، إن امرأتين وطفلين على الأقل قتلوا أيضاً.

وزار وزراء ونواب موقع الهجوم، وندد النائب عن الحزب، علي عمار، بالهجوم وكذلك باغتيال هنية في طهران. وقال: «العدو (إسرائيل) يطلب الحرب ونحن لها». وأصدر مجلس الوزراء بياناً، تلاه وزير الإعلام زياد مكاري، ندد بالهجوم وتوقع أن يرد «حزب الله»، وأوضح أن «لبنان لا يريد حرباً» والجهود الدبلوماسية التي تبذلها الحكومة ستركز على تهدئة التوترات.

وقال وزير الخارجية عبدالله بو حبيب إن الحكومة تندد بالضربة الإسرائيلية وتعتزم تقديم شكوى للأمم المتحدة بشأنها. وأضاف: «لم نتوقع منهم أن يقصفوا بيروت، لكنهم قصفوها» آملاً ألا يؤدي رد الحزب إلى التصعيد.