كتبت نجوى ابي حيدر في “المركزية”:
يمر الاول من آب ولبنان وشعبه بالكاد يتذكرون عيد الجيش لكثرة ما اصابهم ويصيبهم من ويلات ونكبات وهلع وقلق على المصير. أزمات متلاحقة متناسلة تبدأ بالسياسة ولا تنتهي بالأمن والخوف من حرب شاملة مدمّرة تطرق ابوابهم وتهدد حياتهم وتطيح جنى اعمارهم على غرار ما يلقاه اهالي قرى الجنوب والشريط الحدودي وما زالوا. غارات يومية تدمر المنازل ، قرى سُوٍيت بالارض، دمار وحرائق، قتلى وجرحى يسقطون يومياً، ليس دفاعا عن لبنان بل عن غزة.
وليس للجيش في كل هذا شأن، ما دام حزب الله قرر من دون مشاورة المؤسسة العسكرية ولا استمزاج رأي الحكومة ولا سؤال خاطر السلطة السياسية فتح جبهة استجلبت الويلات و هي تجرّ لبنان واللبنانيين نحو مواجهة اقليمية مفتوحة لا قدرة للدولة المنهارة على الانخراط فيها، ولا عجب ما دامت الكلمة للحزب وسيده ونقطة عا سطر الدولة.
في بلد سيد حر ووفق منطق الدول غير التابعة او المستلحقة بمحاور ، يكون الجيش وحده حامي السيادة والحدود ومدافعا عن الوطن وضامنا لوحدة الشعب الملتف حوله والرافض المسّ به، الا في لبنان، حيث يوضع دوما في “بوز المدفع” وتوكل اليه مهمات كل الاجهزة الامنية المتقاعسة عن اداء الأدوار المنوطة بها، لعجز او لتجنب مواجهة سياسية حينا واحيانا طائفية او مذهبية . كل ذلك واهل السياسة الذين يمطرون صفحات وسائل الاعلام واثيرها وشاشاتها ببيانات التهنئة بالعيد، هم أكثر من يسيؤون الى المؤسسة العسكرية الشرعية. تارة يتهمونها بالطائفية واخرى بالتسييس وطورا بالفساد وهي ابعد ما تكون عنها ، بدليل ان الجيش بقيادته وحكمة قائده العماد جوزف عون تجاوز اعتى الازمات التي مرت على لبنان في السنوات الاخيرة فحافظ على وحدته واثبت ان لا مكان للمذهبة ولا للتطييف، ودحض زيف الادعاءات بعجزه عن فرض الامن وحماية الحدود. ذرائع يتمسك بها اصحاب الاجندات الاقليمية لتنفيذ مشاريع لا تمت للبنان بصلة ، لا بل أذته وتؤذيه، وتكاد تزيله عن الخريطة العالمية إن لم تجد من يفرمل تهور واندفاعة هؤلاء الجنونية وجموحهم القاتل لاستمرار الامساك بقرار الدولة ومصير شعبها، او من تبقى منه.
في الاول من آب، هذا العام بالتحديد ، وفيما تتسبب القوى الحزبية نفسها بالقضاء على لبنان بدءا من منع انتخاب رئيس جمهورية والسيطرة على المؤسسات الشرعية وليس انتهاء بتعريض البلاد لحرب لا ناقة لها فيها ولا جمل بفعل مغامرات غير محسوبة التداعيات، مطلوب من الجميع من رأس الدولة الى الشعب التسليم بدور الجيش والثقة به واعادة الكلمة والقرار له وحده، بالتشاور مع السلطة السياسية ، لمنع زوال لبنان، والا فإن معطيات الميدان تُؤشر الى مصير قاتم أسود في القريب العاجل.
سياج الوطن ورمز الشرعية، وحامي الحدود عبارات يكررها اهل السياسة من دون ان يؤمنوا بها او بالأحرى لا يرغبون بترجمتها او لا يتجرأون، لأن مصالحهم تتفوق على وطنيتهم. لكنّ الوقت حان لوقفة ضمير ولإعادة القرار الى حيث يجب وفق الدستور وبنوده بدءا من تنفيذ القرار 1701 كمدخل للحل، بحسب ما ابلغ كل المسؤولين اللبنانيين زوارهم الاجانب ممن اتصلوا او حضروا الى بيروت ناقلين رسائل تحذيرية. وفي السياق، يكشف دبلوماسي غربي لـ”المركزية” عن ان واشنطن التزمت تطويع 6 الاف جندي اضافي في الجيش اللبناني وتقديم المساعدات المطلوبة للمؤسسة العسكرية لتتمكن من القيام بالدور المطلوب منها في جنوب لبنان وعلى الحدود مع القوات الدولية بعد سحب السلاح والمسلحين غير الشرعيين من هذه المنطقة تطبيقا للقرارات 1701 و1559 و1860 ويفترض ان يستعد الجيش لهذه المهمة مع انشاء ألوية الحدود في الجنوب والشرق. وينصح الدبلوماسي لبنان بعدم تفويت الفرصة المتاحة في هذه المرحلة ،خصوصا ان المعلومات التي تملكها واشنطن تفيد ان ايران لا تريد الحرب في المنطقة ولا تحبذ الصدام والتصعيد ،كما ان اسرائيل تفضل ايجاد حل دبلوماسي لجنوب لبنان .تبعا لذلك، لا بدّ من ان ينصَبّ التركيز راهنا على حل الازمة في الجنوب دبلوماسياً ، توطئة لاعادة القوى الشرعية الى المناطق الحدودية واستتباعا تسليم القرار للجيش لقيادة البلاد الى برّ الامان.