كتبت يولا هاشم في “المركزية”:
ذكرت شبكة “سي إن إن” نقلا عن وزارة الدفاع الأميركية أن إيران وحلفاءها سيشنون هجوما واسع النطاق على إسرائيل خلال الـ 72 ساعة المقبلة. في المقابل، أعلنت اسرائيل عن استعدادها لشن هجوم بري على لبنان. فإلى أي مدى يمكن لايران أن تذهب بعيداً في ردّها؟ ماذا عن استعداد “حزب الله” لخرق قواعد الاشتباك؟ وماذا عن خروج الأمور عن السيطرة وجرّ المنطقة الى حرب اقليمية واسعة؟
مدير مركز المشرق للشؤون الاستراتيجية الدكتور سامي نادر يؤكد لـ”المركزية” ان “ايران اليوم لا تريد الحرب خاصة في هذا التوقيت، وبالتالي هي في موقع دقيق لأنها من جهة لا تريد الانزلاق الى حرب، لكنها من جهة أخرى تريد على الاقل حفظ ماء الوجه والرد، لأن ما حصل في طهران يفوق ما حدث منذ شهرين عندما استُهدِفت القنصلية الايرانية في دمشق، وكان اعتداء على السيادة الايرانية، لأن استهداف شخصية تقوم بزيارة لطهران في عقر دارها يُعتَبر إهانة، وبالتالي هي مجبرة على الرد”.
ويضيف نادر: “بالنسبة لحزب الله أيضاً، تم اختراق كل قواعد الخطوط الحمر، من خلال اغتيال قيادي في العاصمة وسقوط مدنيين، وهذه كل الخطوط الحمر التي وضعها، وبالتالي هو مجبر على الرد. لكن الرد، برأي، قد يكون ضمن حدود كي لا يسمح لاسرائيل بجرّه الى حيث تريد”، مشيراً إلى ان “موازين القوى مالت لمصلحة اسرائيل في الفترة الاخيرة، لأسباب عدة، منها سياسية وأخرى عسكرية. فقد استعادت اسرائيل عنصر الردع الذي كانت قد بدأت تفقده. فهي أولاً، انتهت من الجهد العسكري الكبير في غزة، واصبح باستطاعتها التفرغ وتفريغ موارد للجبهة الشمالية، وهذا أمر مهم. وثانياً، استطاعت ان تقوم بعمليات نوعية كانت مُنتظَرة، لاسيما أنها تسعى الى اغتيال محمد ضيف والاعلان عنه، واغتالت اسماعيل هنية، وصالح العروري، وفؤاد شكر، بالاضافة الى سلّة من القياديين في حزب الله. وهذا يمكن ان تُعِدّه انجازاً عسكريا.
ويعتبر نادر ان “الضغط خفّ أيضاً بالنسبة للولايات المتحدة الاميركية، بعد تنحي الرئيس جو بايدن من المعركة، أصبحت الضغوط شبه معدومة على نتنياهو، وبايدن بات يسمى بـ”البطة العرجاء”، المرشحان للرئاسة يتنافسان بحيث لا يُغضبان الجمهور الاميركي المتعاطف مع اسرائيل. ثالثاً وهي ايضا جزئية مهمة، ان اسرائيل تسعى اليوم، وهذا ما كان واضحاً في خطاب الكونغرس، وهذه خطة اليمين الاسرائيلي منذ البدايات، وهي تصوير المعركة من معركة بين اسرائيل والفلسطينيين التي تشكل عبئا على الجميع بما فيها الولايات المتحدة نظرا الى كلفتها الباهظة، الى معركة بينها وبين ايران وحتى بين العرب وايران”.
ويؤكد نادر ان ” اسرائيل قادرة على القيام بهذا الامر، لأنها في السابق كانت منشغلة بما يحصل في غزة. ايران تدرك هذا الامر، وحاولت ان تستدركه من خلال تسهيل وصول شخص وسطي وتحاول ان تنفتح على الغرب وتخفف من وطأة وثائق وملفات لم يحسم شيء منها بعد، من الملف النووي وغيره. لكل هذه الاسباب مجتمعة: استعادة اسرائيل لعنصر الردع، وهذا مهم، والانتهاء والقيام بعمليات نوعية على المستوى العسكري، والانتهاء من المجهود الكبير في الداخل، والظرف السياسي الذي يحررها من الضغط الذي كانت تمارسه الولايات المتحدة الاميركية، أصبح لديها اليوم فترة سماح، وحددت التوقيت وساحة المعركة”.
ويختم نادر: “ايران تُدرِك هذا الموضوع بالطبع، وبالتالي لا تريد ان تنزلق، لكنها في الوقت نفسه تريد تثبيت معادلة ردع وإعادة تلميع صورتها، لذلك اتصور ان الرد سوف يكون ضمن حدود إذا حصل اليوم، لا يستدعي رد فعل اسرائيلي للاستمرار بهذه الخطة، او يتم تأجيله وترحيله الى حين استعادة عنصر المفاجأة وايضا جلاء الصورة في الولايات المتحدة الاميركية”.