IMLebanon

هل يستهدف الحوثيون كاريش؟

كتب فرزاد قاسمي في “الجريدة” الكويتية:

مع حفاظ مؤشر التوتر في المنطقة على مساره التصاعدي وفشل كل محاولات التهدئة، شهدت إيران سلسلة اجتماعات على أعلى المستويات، وأخرى مع حلفائها في المنطقة، لمناقشة الرد الجماعي المحتمل على اغتيال رئيس المكتب السياسي لحركة حماس إسماعيل هنية في قلب العاصمة طهران ورئيس عمليات «حزب الله» اللبناني فؤاد شكر بالضاحية الجنوبية لبيروت، فضلاً عن ضرب ميناء الحُديدة اليمني قبل 10 أيام، في حين أعلن الجيش الإسرائيلي حالة التأهب القصوى في جميع وحداته القتالية براً وجواً وألغى الإجازات والراحات، كما نشرت الولايات المتحدة 12 بارجة حربية و4 آلاف جندي في الشرق الأوسط.

وفي خضم الاستعدادات لمواجهة مفتوحة على كل الاحتمالات، كشف مصدر بمجلس الأمن القومي الإيراني لـ «الجريدة» عن تلقي الرئيس الجديد مسعود بزشكيان رسالة تحذيرية من إدارة نظيره الأميركي جو بايدن جددت فيها التزامها بأمن إسرائيل وأنها وشركاءها سيدافعون عنها لو حاولت إيران وحلفاؤها الهجوم عليها. وقال المصدر إن الرسالة، التي نقلتها السفارة السويسرية، تطالب إيران بضبط النفس وعدم التصرف بطريقة تؤدي إلى تصعيد لا تحمد عقباه في المنطقة، وتؤكد أن الأميركيين لم يكونوا على علم بعملية اغتيال هنية، وأنهم مستعدون للتوسط لإيجاد صيغة رد منسق يحفظ ماء وجه الإيرانيين.

وأضاف أن المرشد الأعلى علي خامنئي تسلم الرسالة من بزشكيان وأمره بعدم الرد عليها، واجتمع بمستشاريه وأعضاء مجلس الأمن القومي بعد صلاة الجنازة على هنية، وطلب منهم وضع خططهم للرد على إسرائيل، مبيناً أن المجتمعين طرحوا الرد الجماعي الضخم من قبل إيران وجبهة المقاومة على أساس أن العمليات الإسرائيلية في طهران وضاحية بيروت وميناء الحديدة استهدفتهم جميعاً، ولهذا فإن الرد يجب أن يكون شاملاً ومشتركاً. وأفاد المصدر بأن الاجتماع ناقش مهاجمة إيران القواعد العسكرية والاستخباراتية في تل أبيب واستهداف «حزب الله» مقرات عسكرية وأمنية في حيفا، مشيراً إلى أن الحوثيين أعلنوا جاهزيتهم لضرب مصادر الطاقة والمرافق الحيوية مثل حقل كاريش شرط إمدادهم ببعض الأسلحة الجديدة، وعلى الفور أمر المرشد الحرس الثوري بتأمين كل ما يحتاجونه.

وأضاف أن بعض المجتمعين طالبوا بالتريث، نظراً لأن إسرائيل وحلفاءها حالياً في استنفار شامل وينتظرون الرد، وعليه من الأفضل لإيران وجبهة المقاومة الانتظار لمفاجأتهم، موضحاً أن هؤلاء رأوا أن رئيس وزراء الاحتلال بنيامين نتنياهو يحتاج لإشعال فتيل الحرب في المنطقة قبل الانتخابات الأميركية ويسعى لإثارة حرب كبرى تشمل الجميع ومن ضمنهم الدول العربية والخليجية وحتى تركيا وليس فقط إيران والولايات المتحدة، ليتمكن من رمي ورقة الحل الشامل أو الحرب الشاملة على الطاولة، ولهذا لا يجب إعطاؤه هذه الفرصة وتوجيه ضربة في زمان لا يسمح للأميركيين بالتدخل لمساعدة إسرائيل، وهذا يعني الانتظار شهرين قبل توجيه الضربة الشاملة. وأشار المصدر إلى أنه من المقترحات التي لا تزال على الطاولة محاولة اغتيال شخصيات ووزراء إسرائيليين مثل بتسلئيل سموترش وإيتماير بن غفير ويوآف غالانت وحتى نتنياهو نفسه لإسقاط حكومته، وإنهاء كل هذا الجدل الحاصل بسبب سعيه لتوسيع دائرة الحرب ليبقى في السلطة، وبالتالي أيضاً وقف العدوان على غزة والتصعيد في المنطقة بشكل عام.

وأوضح أن المرشد ما زال مصراً على رد مباشر واستهداف تل أبيب مقابل ما حصل في طهران، وطالب لأول مرة بوضع الخطط السابقة جانباً وعدم الاهتمام أو الخوف من احتمال اندلاع حرب كبرى في المنطقة، لأنه آن الأوان لإفهام اسرائيل والولايات المتحدة أنهما لا يمكنهما اللعب بهذه الورقة من الآن فصاعداً، وأن استراتيجية إيران في تجنب المواجهة انتهت.

وذكر أن المرشد أكد للمجتمعين أنه يريد مشروعاً سريعاً لضربة قوية لإسرائيل لا تخطر على الأذهان، كما أصدر أوامر ببدء عمليات تحقيق واسعة داخل الأجهزة الأمنية، وتم تعليق عمل عدد من كبار مسؤولي الأجهزة الأمنية ريثما تنتهي التحقيقات. وبحسب المصدر، فإن الرئيس بزشكيان كان مستاء جداً من أنه سوف يواجه ظروفاً كهذه مع بدء عمله، في حين أنه وصل إلى الحكم بوعود حل الخلافات الدولية، مبيناً أنه أبلغ بعض المجتمعين بأنه سيحاول الاجتماع مع المرشد ليقنعه بضرورة عدم الوقوع في فخ إسرائيل، لكنه أيضاً يريد أن يجعلها تندم على ما قامت به في طهران.

في هذه الأثناء، التقى مسؤولون إيرانيون كبار بممثلي حلفائهم في المنطقة من لبنان والعراق واليمن لمناقشة «الرد المنسق» على اغتيال هنية وشكر، إلى جانب ضربها ميناء الحديدة اليمني. وشدد رئيس هيئة الأركان محمد باقري على «وجوب اتخاذ إجراءات متعددة تجعل الكيان الصهيوني يندم على فعلته»، بينما أجرى القائم بأعمال وزير الخارجية علي باقري كني سلسلة اتصالات بالسعودية ومصر وتركيا، لبحث آخر مستجدات التصعيد، والتأكيد على عدم التنازل عن حق الرد. في المقابل، رفعت إسرائيل حالة التأهب وفعَّلت منظومات الدفاع الجوي على مدار الساعة وأغلقت العديد من المصانع الكيماوية المتاخمة لجنوب لبنان، بالإضافة إلى تسيير دوريات للطائرات المقاتلة لا تتوقف، وزادت عديد القوات البرية على طول الحدود، كما شددت الحراسة على نتنياهو وأعضاء حكومته. وفي حين حذر وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن من أن مسار الشرق الأوسط يتجه إلى المزيد من العنف والمعاناة وانعدام الأمن، نشرت وزارة الدفاع (البنتاغون) ما لا يقل عن 12 بارجة حربية و4 آلاف من مشاة البحرية والبحارة في المنطقة، بحسب صحيفة واشنطن بوست.

وتأكيداً لخبر «الجريدة» أمس، نفت رئاسة الأركان العامة للجيش الكويتي صحة الادعاء باستخدام أراضي وقواعد دولة الكويت كمنطلق لاستهداف دول الجوار. وقال المتحدث الرسمي باسم وزارة الدفاع العقيد الركن حمد الصقر، في بيان أمس، إن رئاسة الأركان تؤكد أنها لم ولن تسمح باستخدام أو اختراق أجوائها، أو أن تكون أراضيها منطلقاً للاعتداء على أي من الدول الشقيقة والصديقة. نصرالله: دخلنا مرحلة جديدة والاحتلال مسّ شرف إيران أعلن الأمين العام لحزب الله حسن نصرالله، خلال مراسم تشييع شكر بالضاحية، دخول كل الجبهات مرحلة جديدة ومعركة كبرى، داعياً إسرائيل لانتظار «الرد الآتي حتماً». وقال إن «اغتيال هنية مسّ بشرف إيران لا بسيادتها فقط»، مؤكداً أن ذلك يختلف عن قصف قنصليتها بدمشق أبريل الماضي. وسعى نصرالله للفصل بين الرد على ضربة الضاحية واغتيال هنية، الذي يخشى أن يتسبب في «حرب مفتوحة»، والنشاط الاعتيادي لجبهة جنوب لبنان الموازية لحرب غزة، مشيراً إلى أنه طالب عناصره في نقاط الاشتباك بالهدوء لحين تشييع شكر.