IMLebanon

طهران بين الثأر لهنيّة وإبقاء التواصل مع واشنطن

كتب معروف الداعوق في “اللواء”:

توعد النظام الايراني على لسان المرشد علي خامنئي، بالرد على قيام إسرائيل باغتيال رئيس المجلس السياسي لحركة حماس اسماعيل هنية في طهران، وبدأ التحضير لهذا الرد، إعلاميًا وسياسيًا وشعبيًا، انطلاقًا من ان جريمة الاغتيال هذه، التي ارتكبتها إسرائيل في عقر دار النظام الايراني، تجاوزت كل الحدود والخطوط الحمر، وهي تمس سمعة وصدقية النظام برمته، وتسقط هيبته الامنية امام الايرانيين وتضعف سطوته لدى خصومه السياسيين بالداخل ومناطق سيطرته ونفوذه في الاقليم.

ويبدو ان الاستهداف الإسرائيلي لهنيّة، وهو بضيافة أعلى سلطة بالنظام الايراني، لتقديم التهاني بتولي الرئيس الايراني الجديد مسعود بزشكيان منصبه، فاجأ المسؤولين وعلى رأسهم المرشد شخصيا، وقادة أجهزة الامن والمخابرات والحرس الثوري، ليس لهشاشة نظام الحماية وسهولة اختراقه من قبل إسرائيل لتنفيذ عملية الاغتيال فقط، وانما لتزامن ارتكاب هذه الجريمة مع مرحلة تغيير جديدة، ينتهجها النظام للانفتاح على الخارج والولايات المتحدة الأميركية تحديدا، مهدَ لها بانتخاب الرئيس الاصلاحي الجديد الذي عين وزير الخارجية الايراني السابق محمد جواد ظريف القريب من الإصلاحيين، والذي وقع الاتفاق النووي مع الإدارة الاميركية عام 2016، مسؤولا عن الشؤون الاستراتيجية، لمباشرة هذا الانفتاح بعد سلسلة من اللقاءات عقدت بين ممثلين عن النظام والمسؤولين الاميركيين في سلطنة عُمان وغيرها، اعترف بها أكثر من مسؤول ايراني، وقطعت شوطًا لابأس به، لانهاء حال القطيعة وبدء مرحلة جديدة، ينتظر ان يتولاها بزشكيان الذي دعا أكثر من مرة، انه ينوي اخراج ايران من عزلتها، ويسعى للانفتاح على الغرب، ويعيد التفاوض على الملف النووي الايراني، لرفع العقوبات عن بلاده، ويعمل على تحسين مستوى عيش الإيرانيين.

يتوقع ان يوازن النظام الايراني في رده على اسرائيل، لارتكابها جريمة اغتيال ضيفه، رئيس المكتب السياسي لحركة حماس اسماعيل هنية بطهران، عبر أساليب وطرق مختلفة، اما مباشرة بقصف صاروخي أو بطائرات مسيرة من الاراضي الايرانية على إسرائيل، بتفاهم مسبق وغير معلن عبر اقنية التواصل المفتوحة مع الاميركيين، على نسق ماحصل في الثأر لاستهداف القنصلية الايرانية في دمشق بشهر نيسان الماضي، واغتيال عدد من مسؤولي وقادة الحرس الثوري فيها، او اي اسلوب آخر، عبر التنظيمات والمليشيات المذهبية التابعة لها في الدول المجاورة. ولكن مهما كان اسلوب الرد الإيراني المتوقع، يجب أن يراعي رد الاعتبار شكلاً لايران على الاقل، ويدغدغ مشاعر الايرانيين الغاضبين من عملية الاغتيال، وينفس احتقان حلفاء النظام على حد سواء، على أن لا يوثر سلباً على قنوات التواصل المفتوحة مع الجانب الاميركي، ويحافظ على ما تحقق بنتيجتها في المرحلة الماضية، ويفسح في المجال، لاستكمالها على يد الرئيس الاصلاحي وفريقه، وهذا هو الخيار المرجح في رأي المراقبين، بالرغم من سلبيات اغتيال هنية وتداعياتها على مسار العلاقات الايرانية الاميركية.