IMLebanon

محور إيران يبحث “ردًّا بالتوازي” أو “منفردًا ومُنسّقًا”

جاء في “الراي الكويتية”:

عشية مرورِ 10 أشهرٍ على حرب غزة، يقف لبنان والمنطقة على مشارف منعطفٍ غير مسبوقٍ يؤشّر إلى اقترابِ ملامح تَمَدُّد نيرانها عبر ساحاتِ «محور الممانعة» وعلى امتداده بعدما اندفعتْ إسرائيل إلى سياسةِ «وحدة الضربات» ودخول العالم في حالِ انتظارٍ ثقيلٍ لردٍّ يتم ترسيمُ رقعته الجغرافية ومحاكاة السيناريوهات المضادّة له وسط قرقعةِ مواعيد، أقرب إلى «عمليات الإلهاء» و«حرْف الأنظار»، تُضرب للضربة الواقعة، سواء من إيران لوحدها «عن نفسها» أو مع أخواتها من جبهاتٍ (العراق واليمن وسورية)، أو من «حزب الله» عن «حسابه» المنفرد مع تل أبيب.

وفي اليوم 300 على فتْح جبهة الإسنادِ لغزة عبر جنوب لبنان، لم يكن ممكناً التكهّنُ بما ستؤول إليه في ضوء دخولها ومعها ساحات محور الممانعة الأخرى مرحلةً جديدة من مواجهةٍ رَفَعت إسرائيل درجةَ التصعيد فيها إلى منسوبٍ هو الأخطر، بدت معه وكأنها تستدعي الحربَ الشاملةَ أو ترْك هذا المحور «يتجرّع السمّ» تباعاً بضرباتٍ مؤلمة تفوق قدرته على «العضّ عليها»، من امتهاِن سيادة طهران باغتيال إسماعيل هنية في قلبها، إلى امتحانٍ كان الأقسى لـ «حزب الله» باغتيال «رئيس أركانه» فؤاد شكر في الضاحية الجنوبية لبيروت.

وعاش لبنان منذ مساء الجمعة مناخاتٍ عصيبةَ مع «شدِّ الأعصاب» الذي ساد المنطقةَ بأسْرها في ظلّ التسريباتِ عن أن الردَّ الإيراني «السريع والقوي» و«مَشاهده المذهلة والمدهشة» بات قابَ قوسين، والدعوات للإسرائيليين بمغادرة بلدهم «فالصواريخ آتية»، وإن كانت التقديراتُ التي يصعب الجزمُ بنهائيتها تشير إلى أن الحزب سيتولّى بنفسه «الثأر»، بما يَتناسب مع ما ارتكبتْه إسرائيل بخرْقها الخطوط الحمر، ومن دون إسقاط إمكان أن يتمّ الأمر على وهج انتقام طهران لتحدّيها في عقر دارها أو أن يكون «فاتحةً» له.

وفيما كانت «روزنامةُ» الردّ المفترض تشهد ما يشبه «الحزورة»، وسط توقعاتٍ مثلاً بأن تَختار طهران وحلفاؤها 12 أو 13 أغسطس بوصْفه سيكون «يوم تيشاع بآف»، أي «الأكثر حزناً في التقويم اليهودي» أو ذكرى «خراب الهيكل»، ذهبت أوساطٌ للاستدلال من تحديد الحزب بعد غد موعداً لكلمة يلقيها أمينه العام السيد حسن نصرالله، لمناسبة مرور أسبوع على مقتل شكر، على أنه يعني أن ضربةَ الحزب لن تكون حصلتْ.

وعلى وقع اشتعال «الميدان الأصلي» جنوباً على المقلبيْن، عملياتٍ من الحزب وغاراتٍ من إسرائيل بلغتْ البازورية في صور (مسقط نصرالله) حيث اغتالت مَن وصفتْه بـ «الصيد الثمين» بالتوازي مع غاراتٍ على الحدود اللبنانية – السورية وفي البقاع أمس وليل الجمعة – السبت، فإنّ هذا الاحتدامَ اعتُبر مؤشراً إلى تَصاعُد التحمية بالنار وصولاً إلى «الساعة صفر» للردّ الذي بات يُقابَل بما يشبه «حال طوارئ» في إسرائيل و«خلايا طوارئ» في لبنان لقطاعات صحية واقتصادية، والذي دخلتْ دول عدة في سباقٍ معه عبّر عنه تَوالي الدعوات لمغادرة «بلاد الأرز» فوراً وتعليق سفارات عملها في بيروت (السويد) وتمديد شركات طيران وقْف رحلاتها.

وما عزّز الخشيةَ من أن ما بعد الردّ على اغتيال شكر كما هنية، لن يكون كما قبْله وأنه قد يكون شرارةَ حرب واسعةٍ، وإن على شكل ضربةٍ تستجرّ ضربةً أكثر إيلاماً، تَعَمُّد إيران إصدار مواقف «باسم حزب الله» وعن ردّه المتوقّع، حيث نُقل عن بعثة إيران لدى الأمم المتّحدة ان الحزبَ سيختار في رده «أهدافاً أوسع وأعمق وربما تكون مدنية وعسكرية داخل إسرائيل»، في حين أعلنت السفارة الإيرانية في بيروت انَّ «اليد التي ستمتد إلى لبنان ستُقطع».

وأكدت البعثة أن رد الحزب «لن يقتصر على الأهداف العسكرية».

وبحسب مصدر في «حزب الله»، فإن «إيران وحلفاءها يبحثون احتمالين للردّ، ما بين الردّ بالتوازي، بمعنى أن تقصف إيران وحزب الله والحوثيون أهدافاً إسرائيلية في الوقت ذاته، أو أن يرد كلّ طرف بمفرده إنما بشكل منسّق».

وإذ انطبع الميدان أمس، بغارة البازورية التي سقط فيها العنصر في «حزب الله» علي نزيه عبد علي (جون) الذي وصفه الجيش الإسرائيلي بأنه «المسؤول في الجبهة الجنوبية»، والتي ارتسمت فيها مفارقة إنسانية تمثلت في وصول أحد عناصر «الهيئة الصحية» إلى مكان السيارة المستهدَفة لإسعاف المصابين ليكتشف أن الضحية شقيقه فاكتفى بالتعليق: «الدمعة ممنوعة» وتابَعَ عمله، فإنّ الغارة على طريق دمشق – بيروت خطفت الأضواء في ظل سقوط شخص فيها لم تُحدد هويته.

في الأثناء، ووسط تقارير إعلامية عن أن الحزب أخلى مواقع قيادات للحزب في الضاحية الجنوبية لبيروت، تَواصل التحسب للأسوأ في إسرائيل ولبنان.

من جانبها، أصدرت السفارة الأميركية، بياناً شجعت فيه رعاياها «الذين يرغبون في مغادرة لبنان على حجز أي تذكرة متاحة لهم، حتى لو لم تتوافق مع خيارهم الأول».