كتب غاصب المختار في “اللواء”:
باتت معروفة «الأسباب الوجيهة» التي دفعت الإدارة الأميركية إلى إيفاد كبير مستشاري الطاقة آموس هوكشتاين الى بيروت وفلسطين المحتلة، عشية الموعد المفترض اليوم لعقد مفاوضات جديدة حول وقف النار في غزة، إذا تمّت ولم يعطّلها الكيان الإسرئيلي كالعادة، وبالتزامن مع ضخ المعلومات والفرضيات والتوقعات حول موعد ونوعية الرد الإيراني على اغتيال الشهيد إسماعيل هنية في طهران والقائد الشهيد فؤاد شكر في الضاحية الجنوبية، وكذلك بالتزامن مع حشد عسكري بحري أميركي ضخم لحماية الكيان الإسرائيلي من الرد، معطوفاً على كلام أميركي بالسعي لمنع توسّع الحرب، لكنه لم يأخذ بعد أشكالا تنفيذية فعلية، بل اقترن بإطلاق يد حكومة الاحتلال لإرتكاب المجازر في غزة والاغتيالات في لبنان عبر دفق السلاح إليه.
ومما تنامى من مواقف على لسان الرئيسين نبيه بري ونجيب ميقاتي تم ابلاغها لهوكشتاين وما قاله هذا الموفد، يظهر ان شيئاً فعلياً لم يتحقق من وراء زيارته، بل تكرار للتحذيرات والنصائح بعدم الانجرار الى الحرب والذهاب الى المفاوضات.
ومع ان بعض التسريبات تحدثت عن «إيجابية لافتة» ظهرت خلال لقاءاته، لكن لم تتضح طبيعتها، فقد علمت «اللواء» من مصادر تابعت جزءاً من لقاءات هوكشتاين ان «الجديد الإيجابي في الزيارة هو تأكيد الاهتمام الأميركي بلبنان والسعي لتجنيبه الحرب المُكلفة، وان الجهود قائمة لتحقيق وقف إطلاق النار في غزة، وهناك تفاؤل أميركي بنجاح مفاوضات الدوحة اليوم، لأن الوسطاء، لا سيما الأميركي، وضعوا كل ثقلهم لإنجاحها، وهو أمر بحسب ما قال هوكشتاين ينعكس إيجابا على لبنان ويؤدي الى منع الحرب»
وبرأي المصادر، ظهرت علامات «الإيجابية»، في كلام هوكشتاين عن ان «مفاوضات غزة ستعقد (اليوم) في الدوحة لإنجاح الحل الديبلوماسي الذي دعا إليه الرئيسان الأميركي والمصري وأمير قطر وتستمر أياماً عدة»، لكن ثمة من رأى «ان السبب الرئيسي للدفع الأميركي من خلال زيارة هوكشتاين، هو وقف أو تأخير رد إيران وحزب الله على اغتيالات إسرائيل بما يؤدي الى منع توسّع الحرب لو نجحت مفاوضات الدوحة»، خاصة ان المعلومات الأميركية أفادت أمس، ان مدير المخابرات المركزية وليام بيرنز وكبير مستشاري الرئيس الأميركي جو بايدن لشؤون الشرق الأوسط بريت ماكغورك توجّها الى الدوحة للمشاركة في المفاوضات المقررة اليوم. فيما أعلنت جهات إعلامية أميركية «ان حركة حماس لن تشارك في المفاوضات، لكنها منفتحة على لقاء الوسطاء بعد الاجتماع».
ولكن حسب مصادر متابعة لكل المفاوضات السابقة والاقتراحات التي طرحت، تبقى ممارسات إسرائيل هي الفيصل في تقرير مدى الإيجابية أو السلبية، حيث انها عطّلت كل المبادرات أكثر من مرة، عبر ارتكابها المجازر وشنّ الهجمات العسكرية على مناطق قطاع غزة بحجة «تحرير الأسرى»، فكانت النتيجة وكما أقرّ قادة ومسؤولون كبار في كيان العدو مزيداً من قتل الأسرى بالسلاح الإسرائيلي، ما دلّ برأيهم أيضاً على ان رئيس حكومة العدو لا يأبه لمصير الأسرى بقدر ما بات يهمّه تحقيق ما يصفه «الانتصار الكامل» بهدف حماية رأسه بعد وقف الحرب، وهو الأمر الذي خالفه فيه أيضا الكثير من مراكز صنع القرار السياسي والعسكري الإسرائيلي، حيث ان أي نصرا لم يتحقق ويبدو انه لن يتحقق.
كما يبقى المهم ما سيحققه هوكشتاين «من إيجابيات» مع قادة اليمين المتطرف في الكيان الإسرائيلي وعلى رأسهم نتنياهو، وهم الذين يدفعون كل يوم نحو توسيع الحرب ورفض أي تسوية أو صفقة مع حماس وحزب الله.
لذلك يبقى التفاؤل الأميركي معلّقاً على مدى تجاوب الكيان الإسرائيلي مع الطرح الأميركي والعربي، بعدما استنفذ لبنان كل ما لديه من اجراءات عملية ومواقف سياسية تتعلق بسير المواجهات القائمة منذ عشرة أشهر. فما لم تستطع الإدارة الأميركية تحقيقه في عشرة أشهر قد تعجز عن تحقيقه خلال ثلاثة أشهر قبل الانتخابات الأميركية الرئاسية، ما لم تمارس الضغط القوي المطلوب على كيان الاحتلال لوقف عدوانيته العسكرية المفرطة القوة.