جاء في “الشرق”:
العالم يغلي وكل الأحداث تنذر بمتغيرات هائلة على الأبواب، ولا تزال خطة الطوارىء التي وضعتها حكومة تصريف الأعمال لمدة 3 أشهر في حال اندلعت حرب تصطدم بأكثر من ” مطب” مالي –إقتصادي معيشي وصحي.
من حسن حظ الحكومة أنه تعاون أهل الجنوب مع النازحين منذ اندلاع الحرب في الجنوب اللبناني حيث تمّ تامين المنازل المجانية وشبه المجانية لهم، والتغطية الصحية الشاملة للنازحين بينما الدولة عاجزة عن تامين خطة دوائية واضحة بالتالي لو خضعت حكومة تصريف الأعمال للإمتحان لكانت رسبت .
ماذا عن المجلس النيابي ، حيث طمأن رئيس لجنة الصحة النيابية الطبيب بلال عبدالله اللبنانيين أنه تمّ الإتفاق مع دولة قبرص بان يجري إستيراد الأدوية عبرها في حال وقوع حرب وتعذر وصول البواخر الى لبنان ، لكنه لم يوضح كيف تنقل الأدوية من قبرص الى لبنان ، ولما لا تكون دولة عربية قريبة يمكن التواصل معها ونقل الأدوية براً؟ بالتالي لو خضع النائب عبدالله للإمتحان لكان رسب أيضا.
في هذا الصدد، يؤكد نقيب الصيادلة في لبنان الدكتور جو سلَوم في حديث لجريدة ” الشرق” أن صيدليات قرى الجنوب تعاني من نقص في الدواء، فالشركات الموزّعة علقت عمليات توزيع الأدوية في القرى الأمامية بسبب القصف الإسرائيلي الذي منع مندوبي شركات التوزيع من الوصول الى القرى الجنوبية بحجة ان التامين لا يغطي أي أضرار قد تصل لسيارات الشركات والسلامة المفقودة على الطرقات .
لكنه أكد ، ان القطاع الصيدلي لا يمكنه إلا أن يكون على اكبر قدر من الجهوزية متخوفا من فقدان الأدوية في الصيدليات إذا توسعت الحرب ، لا سيما أن الدولة لا تملك إمكانية تامينها وايصالها للمرضى.
وتابع سلوم، أن المخزون المكدّس في مستودعات الجنوب قد نفذ، مشيرا الى ان قسما من الأدوية مؤمن والقسم الآخر غير متوفر لأن نصف الصيدليات مغلقة ولا أحد يوزع لها الأدوية قائلاً: نحن نعرف كم تبلغ كلفة المجيىء الى بيروت لشراء الأدوية وحجم المخاطر الأمنية ، لافتا الى ان الدولة هي الغائب الأكبر عن كل ما يتعلق بصحة المريض وتأمين الدواء له.
وطالب بخطة طوارىء دوائية تحاكي سيناريوهات الحرب إذ ينبغي أن تعالج الحكومة في خطتها بعض الثغرات لا سيما إنشاء أماكن تخزين للدواء في المحافظات اللبنانية كافة وتوزيع آمن للدواء في كل لبنان تحسبا لأي حرب.
ولفت سلّوم، الى أن ادوية الأمراض المزمنة مؤمنة تكفي لمدة تتجاوز الثلاثة اشهر إنما المشكلة تكمن في أدوية الأمراض المستعصية المدعومة كالسرطان والتصلب اللويحي هي اليوم متواجدة بشكل ضئيل ما يمنع حوالى 50 ألف مريض من الحصول عليها ، هل سألنا يوما ماذا سيحل بهؤلاء اذا اندلعت الحرب ؟
واعتبر سلّوم، اذا توسعت الحرب تصبح الأمور أكثر صعوبة ، قد لا يجدون المرضى أدوية قائلاً : انا احتكم لصرخة المرضى ، في ندائي للمعنيين في السلطة من أجل معالجة تلك الثغرات لتجنب مأساة جديدة ، فإذا أدركنا حجمها يتعين علينا التحرك، بإعطاء التعليمات وتجهيز المستودعات وتزويدها بالطاقة للتمكن من المحافظة على حرارة الأدوية في البرادات دون انقطاع الكهرباء حرصا على سلامتها لا سيما أدوية الأمراض المستعصية.
فالحديث عن أن لبنان في جهوزية شاملة في حال حصول ما هو غير متوقع ، إنه لأمر مضحك حقا، ففي مقارنة لافتة يقول سلّوم، إن دولة اسرائيل دخلت في حالة إستنفار لسيناريوهات الحرب واتخذت الإجراءات اللازمة تحسبا لأي حرب فأصدرت وزارة الصحة الإسرائيلية تعليمات بتجهيز المستشفيات بالوقود وأجهزة توليد الكهرباء وإخلاء مرائب السيارات لاستخدامها مستشفيات محصنة ، وتزويد المستشفيات بهواتف تعمل بالأقمار الصناعية تأهبا للتعامل مع انقطاع الإتصالات ، بينما لبنان يستعد للحرب بخطة طوارىء غير معلنة وتفتقد الى بيان كيفية إنفاذها على المستوى المحلي ، سائلاً: من سيؤمن كلفة معالجة الجرحى في المستشفيات ؟ هل تمّ تامين أدوية الأمراض المزمنة والمستعصية لهذه الفترة؟وهل تمّ تامين المستلزمات الطبية؟
ختم سلوم قائلاً: تنبع هذه الأسئلة من حرصنا على أولوية المريض أو الجريح إذا توسعت الحرب لا سمح الله.معتبرا أن هناك طرقا عديدة لإبعاد شبح الحرب ، فإذا السلطة السياسية عاجزة عن ذلك من الأجدى أن تستقيل.
يؤكد مدير وحدة الحد من مخاطر الكوارث في الصليب الأحمر اللبناني قاسم شعلان في حديث لجريدة ” الشرق” أن الصليب الأحمر اللبناني يمتلك خططا إحترازية معدّة مسبقا للتعامل مع مختلف السيناريوهات المحتملة، هذه الخطط وضعت بالتنسيق مع اللجنة الدولية للصليب الحمر والهلال الأحمر وباقي الشركاء بالإضافة الى ذلك، تمّ تدريب المتطوعين والموظفين على كيفية التعامل مع هذه السيناريوهات مشيرا الى أن جميع المراكز والفرق في مختلف القطاعات والوحدات تعمل بجهوزية عالية مما يضمن الاستعداد الكامل للتعامل مع أي تطورات ميدانية ، وهذه الإجراءات تاتي ضمن دور الصليب الأحمر اللبناني المنصوص عليه في خطة الإستجابة الوطنية.
ورداً على سؤال، يؤكد شعلان، أن الصليب الأحمر اللبناني يعمل على الإستجابة المستمرة للإحتياجات ، على صعيد قطاع الإسعاف والطوارىء، خدمات نقل الدم، أو الخدمات الطبية الإجتماعية ، مستخدما المعدات المتوفرة لديه لتلبية الإحتياجات والمساعدة قدر الإمكان من اجل الوصول الى جميع المواطنين ، ويرى ان وجود مخزون دائم عبر التمويل والدعم المستمر هما عاملان أساسيان لضمان استمرارية الإستجابة الفعالة، لافتا الى إحصائيات وزارة الصحة ولتاريخ 31 تموز 2024، تمّ تسجيل 515 شهيدا ، بالإضافة الى 2156 جريحا.
وفي الحديث عن حجم المساعدات الدولية والمحلية للصليب الأحمر اللبناني، يؤكد أن حجم الإحتياجات كبير، والصليب الأحمر اللبناني يعمل على الإستجابة على اكمل وجه من خلال قطاع الإسعاف والطوارىء الذي يستجيب لأكثر من 80% من خدمات الإسعاف في لبنان ويجب تسليط الضوء على ان هذه الجهود تعود أيضا للجمعيات الدولية .
وأكد أن الصليب الأحمر اللبناني يعمل باستمرار على تعزيز شراكاته المحلية والدولية لضمان استمرارية وجودة خدماته.كما يتوجه الصليب الأحمر نحو بناء القدرات وتعزيز جهوزية الفرق الميدانية بالتنسيق مع المحافظات والسلطات المحلية والأجهزة المعنية الأخرى .
ويختم شعلان، أن الصليب الأحمر اللبناني لا يسعى فقط لتلبية الإحتياجات الكبيرة في الجنوب إنما في كل لبنان، ومن هذا المنطلق، يسعى الصليب الأحمر الى ضمان استدامة خدماته على المدى الببعيد، مما يعكس دوره المحوري كجزء لا يتجزأ من الجهود الإنسانية في المنطقة.