كتب جورج شاهين في” الجمهورية”:
باعتراف مسؤولين لبنانيين فان بيروت التي استقطبت مساحة واسعة من الحراك الديبلوماسي الدولي باتت على اقتناع غير مضمون بكامله بأن موجة التصعيد ابتعدت عنها في المرحلة القريبة على الأقل. وهي استندت في اقتناعها المحدود إلى ان الحركة الناشطة التي اعقبت التطورات الدراماتيكية الاخيرة ولا سيما منها مفاوضات الدوحة جمدت أكثر من خطة للرد على عمليتي اغتيال كل من اسماعيل هنية في طهران وفؤاد شكر في الضاحية الجنوبية على الأقل في المدى المنظور. كما فهمت جيدا الموقف المستجد في محور الممانعة» بعدما تم الفصل بين ما هو متوقع من رد فعل ومساعي وقف النار في غزة، ونمي إلى بعض المسؤولين انه يمكن غض النظر عنه مؤقتا وقد ينتفي في حال واحدة تختصرها الوساطة الدولية ان نجحت في لجم العدوان على غزة ولبنان وتثبيت وقف النار فيها وامداد القطاع بما يحتاجه الشعب الفلسطيني من المساعدات الغذائية والطبية والانسانية.
على هذه القواعد، رست القراءة الأخيرة للتطورات، فزيارة الموفد الرئاسي الأميركي عاموس هو كشتاين، ومن بعده وزير الخارجية الفرنسية ستيفان سيجورنيه فوزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي الى بيروت الاسبوع الماضي اعطت دفعا لمساعي التهدئة على جبهة لبنان في المدى القريب. فقد قطع الموفدون وعودا بالتهدئة يمكن ان يأتي بها مسلسل الضغوط على الجانبين الاسرائيلي والفلسطيني وهو ما سعت اليه الادارة الاميركية بكل قوة وهي التي أوفدت امس وزير الخارجية أنتوني بلينكن الى إسرائيل بعد تردد سبق انعقاد لقاءات الدوحة الخميس الماضي قبل ان يقصد القاهرة لاحقا لاستكمال محادثاته التي يرغب في أن تكون حاسمة ومحصورة بالخطوات التنفيذية لما يمكن ان يجري التفاهم عليه في المرحلة التي تلي الخطوات الأولى المبادرة بايدنان تم تحقيقها خصوصا على مستوى ضمان الإنسحاب الاسرائيلي من القطاع قبل نهاية عملية تبادل الاسرى التي كانت وستبقى الورقة الاخيرة في يد الفلسطينيين التي من بعدها قد يخسرون أوراق القوة كافة، ولا يمكن التفريط بأقواها فاعلية قبل ضمان اي خطوة اسرائيلية تبعد شبح العدوان والمجازر.
والى هذه المؤشرات فقد سجلت الديبلوماسية اللبنانية عتبا كبيرا على معظم الدول العربية التي ما زالت في موقع المتجاهل لما يجري في لبنان وغزة، فضلا عن الاستنكاف الكبير عن اتخاذ أي مبادرة وممارسة أي من الضغوط الاقتصادية والديبلوماسية الموجعة التي يمكن ان تغير في بعض المعادلات. فباستثناء القاهرة التي استهلت منذ تشكيل حكومتها الجديدة حملة ديبلوماسية في اتجاه لبنان اراحت اللبنانيين واعطتهم املا بوجود من يسعى لتجنيب بلدهم أي ضربة لا يحتملها البلد الضعيف الواقف على شفير الانهيار، وذلك من قلب الحلف الثلاثي الجديد الذي يجمعها مع الدوحة وواشنطن. وان وضعت قطر في موقع الواهب الدائم بالنسبة الى مساعداتها الكبيرة للجيش اللبناني والمؤسسات الاخرى، والعراق في المجال النفطي ومن بعده الجزائر، فقد اكتفت الدول الاخرى بالتحذير من الوضع في لبنان والإصرار.