كتبت لارا يزبك في “المركزية”:
غرق لبنان في عز الصيف في العتمة الشاملة. رئيس الحكومة نجيب ميقاتي وجّه امس كتاباً إلى رئيس هيئة التفتيش المركزي، طلب عبره إجراء تحقيق فوري في موضوع الانقطاع الكلي للتيار الكهربائي، غير ان مصادر سياسية معارضة تخشى عبر “المركزية”، ان يلقى هذا التحقيق مصير كل التحقيقات في قضايا فساد في لبنان، والذي يتكرر منذ عقود، حيث تمر الاشهر والايام ولا تظهر حقيقة ولا تحصل محاسبة، ذاك انه لو كانت الامور معاكسة، لما وصلنا الى هذا الحد من الانهيار على الصعد كافة عموما، وعلى الصعيد الكهربائي خصوصا.
على اي حال، وبغض النظر عن الواقع السلبي هذا، ثمة اليوم مخارج وحلول يمكن الركون اليها لوضع حد نهائي لـ”قصة ابريق زيت” الكهرباء التي طالت كثيرا وصار عمرها اكثر من 20 عاما، والتي يتخبّط لبنان وشعبه فيها بلا رحمة، حلول تسمح بمعالجة هذا الجرح النازف، مرة لكل المرات، وقد اقترحها الخبراء والتقنيون، من لبنان والخارج، منذ سنوات وباتت معروفة للجميع، وآخرها طرحه امس رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع. هو اصدر بيانا قال فيه: (…) لم يكتفِ البعض في هذه الحكومة بارتكاب خيانة عظمى، بل يقوم ايضا بارتكاب خيانة صغرى، من خلال مزيد من حرمان المواطن اللبناني المحروم أصلا بضعَ ساعات كهرباء كانت مؤمنة له، وذلك بعدما كانت مؤسسة كهرباء لبنان قد رفعت أسعار الكهرباء والتي أصبحت مع ملحقاتها توازي في مكان ما أسعار المولدات في الأحياء، وبعدما قام العراق الشقيق بتأمين مئات آلاف الأطنان من الفيول على مدى السنتين المنصرمتين، وبعدما وعِدنا مرات ومرات ومرات أقله بعشرين ساعة كهرباء. ان أزمة الكهرباء التي وقعت فيها البلاد في اليومين الأخيرين ليست الأولى من نوعها، وتدلل بشكل لا يقبل الجدل على ان إدارة قطاع الكهرباء كما هي عليه منذ 15 سنة وحتى اليوم هي فاشلة تماماً ولا يوجد اي مؤشر يدل على ان هذه الإدارة ستتغير. ولذلك، لم يبقَ سوى حل واحد وهو إشراك القطاع الخاص فورا في عملية توليد الكهرباء وتوزيعها في لبنان. إني أتوجه الى رئيس اللجنة النيابية للأشغال النائب سجيع عطية كي يستعجل مناقشة اقتراح قانون أو أكثر موجودين أمامه لإشراك القطاع الخاص، ويرسلها الى اللجان المشتركة في أسرع وقت ممكن، وبناء عليه، يُطلب من الرئيس نبيه بري الدعوة إلى جلسة تشريعية تحت بند الضرورة القصوى، لأن إخراج المواطن اللبناني من العتمة هو أقصى الضرورات التي تتطلّب إقرار قانون واضح وصريح في المجلس النيابي لإشراك القطاع الخاص في إنتاج الكهرباء وتوزيعها في لبنان.
لكن بحسب المصادر، يبدو ان لا نية لدى الممسكين بمقاليد البلاد، وخزينتها وقراراتها الكبرى منها والصغرى، السيادية منها والسياسية والاقتصادية.. بحل أزمة الكهرباء. عرض سيمنز والعرض الكويتي، خير دليل على انتفاء هذه الرغبة، وخير دليل ايضا على استفادة هذه الجهات، مِن واقع الكهرباء المهترئ هذا. اليوم، السلطة امام امتحان جديد لاظهار حسن نيتها في اراحة اللبنانيين من عبء ازمة الكهرباء، اليومي والمادي، وذلك عبر الجلسة التشريعية، التي أبدت القوات التي ترفض اي تشريع في ظل الشغور الرئاسي، استعدادا للمشاركة فيها، نظرا الى اهميتها على حياة المواطنين والدورة الاقتصادية في لبنان.. فهل يدعو اليها بري؟