كتبت يولا هاشم في “المركزية”:
نقلت مجلة “بوليتيكو” الأميركية عن مسؤولين أميركيين وإسرائيليين قولهم، إنّ مقترح الاتفاق الهادف إلى وقف إطلاق النار في غزة والإفراج عن الرهائن الإسرائيليين المحتجزين “على وشك الانهيار، ولا يوجد اتفاق بديل واضح يمكن طرحه ليحلّ محلّه”.
واعتبر المسؤولون أن الاقتراح الحالي، الذي توصلت إليه الولايات المتحدة وإسرائيل ومصر وقطر على مدى عدة أسابيع في تموز الماضي، هو “أفضل اتفاق حتى الآن، لأنه يتضمن شروطاً تتناسب مع مطالب حماس وإسرائيل”.
وأشارت هيئة البث الإسرائيلية إلى ان الاجتماع بين وزير الخارجية الاميركية انتوني بلينكن ورئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو لم ينجح في تقليص الفجوات ولم يحرز تقدما بشأن الصفقة. كما نقلت القناة 14 الإسرائيلية عن تقارير أميركية ان الرئيس الاميركي السابق دونالد ترامب حث نتنياهو على عدم إبرام صفقة بشأن غزة لأنه يعتقد أن ذلك سيساعد حملة المرشحة كامالا هاريس في انتخابات الرئاسة.
مسار مفاوضات غزة يتعثر مجددا اذا، وكلما تقدم المفاوضون خطوة يتراجعون خطوات بفعل الشروط التي تفرضها اسرائيل والعكس ، ويضع الطرفان العقبات أمام الاتفاق. فهل من نية حقيقة للتوصل إلى سلام ام ان الجميع ينتظرون الانتخابات الاميركية ؟
العميد المتقاعد جورج نادر يؤكد لـ”المركزية” ان “نتنياهو لا يريد ان يفاوض بل يريد القضاء على “حماس” والدخول الى غزة، حتى انه لا يكترث لأمر الرهائن، فإذا أتيحت له فرصة تحريرهم كان به. حتى “حماس” قبلت بورقة الرئيس الاميركي جو بايدن، لكن نتنياهو لم يقبل ويماطل. الادارة الاميركية اليوم في وضع جامد حتى موعد الانتخابات، واستلام الرئيس الجديد زمام الأمور . اذا علينا انتظار أربعة أشهر أخرى في حال كان الرئيس جمهورياً، وشهرين إذا كان ديمقراطياً، أي حتى أواخر تشرين الثاني. نتنياهو أمام شهرين حاسمين سيحاول خلالهما القيام بأي خطوة بغية تحقيق إنجاز، لكن حتى الآن الإنجاز الوحيد الذي قام به هو أنه دمّر غزة وقتل الأطفال والنساء ولم يتمكن من القضاء على “حماس”، كما كان هدفه منذ بداية العملية”.
ويعتبر نادر ان “نتنياهو لا يريد التفاوض، واسرائيل تخوض حربا وجودية ولن تقبل بإبقاء أي شيء اسمه “حماس”. الحرب ستنتهي بانتصار أحد الفريقين. ومن المؤكد ان “حماس” موافقة لأن كل ما تطلبه هو وقف إطلاق النار فقط ولم تعد تتحدث عن إطلاق سراح أسرى أو أي أمر آخر. “حماس” خسرت لأن الهدف الاول الذي وضعته لعمليتها كان “تنظيف السجون في اسرائيل”، لكنها لم تتوصل إلى ذلك، وحرّرت فقط ما يقارب الستين سجيناً. كان لديها ستة آلاف سجين أصبحوا اليوم عشرين ألفا، بالاضافة الى خمسين ألف قتيل ومئة ألف جريح. في المقابل، يستغل نتنياهو هذا الوضع ولا يريد القيام بمفاوضات ، أم أنه يجريها شكلية فقط لكسب الوقت، ويكون قد أعطى الوفد المفاوض تعليماته مباشرة، لأن نتنياهو يسمع للرأي العام الاسرائيلي الذي 70 في المئة منه يطالبه بالاستمرار والقضاء على “حماس”. الاختلاف فقط هو على الطريقة، وكيفية القضاء على عليها، وهل بإمكانهم إنقاذ الرهائن. أي أن ضغط الرهائن والمستوطنين هو ما جعل نتنياهو يتوقف وإلا لكان استمر في معركته رغم الخسائر البشرية. لذلك، اعتقد ان مسار المفاوضات لن يصل الى نتيجة بل سيؤدي الى مزيد من الدمار في غزة. بالطبع يبقى هذا رأي تحليلي لمجريات الاحداث والامور قد تتبدّل”.
عن توسّع الاعتداءات والاستهدافات في لبنان، يشير نادر الى ان “هذا دليل على اتساع بيئة العملاء، وليس أي كان، بل عملاء من الصف الاول، يعرفون تحركات القادة الميدانيين. اسرائيل اليوم عندما تتاح لها الفرصة، حتى لو كانت قد عقدت اتفاقات سلام، ان تقتل هدفاً دسماً من “حماس” او “حزب الله” او”الجماعة الاسلامية” لن تقصّر. وعندما يتاح لها المجال لقتل أحدهم فهي لن تتوانى، حتى لو اضطرها ذلك لقتل مئة شخص معه. من كان يسمع بفؤاد شكر؟ فقد تبيّن أنه القائد العسكري الرقم واحد في “حزب الله”. فكيف عرفت اسرائيل مكان تواجده لو لم يكن هناك مخبِر من الداخل؟ يقولون ان اسرائيل تتبع بصمة العين وبصمة الصوت، لكن إذا لم تصلها معلومات عن تنقلات هذا الشخص فكيف سيتبعون بصمة العين ويتأكدون منها؟ هناك بيئة عملاء كبيرة جدا”.
وعن تأخر حزب الله في الرد على مقتل شُكر رغم مضي نحو ثلاثة أسابيع، يقول نادر: “الحزب” أكد ان الرد حتمي. وأعتقد أنه سيرد على أهداف عسكرية لكنه سيكون هدفاً دسماً كي يرضي جمهوره، خاصة وان فؤاد شكر لم يكن مقاتلاً عادياً. وقد يكون سبب التأخير ان الهدف “الدسم” لم يتوفر له بعد”.
وحول المفاوضات مع لبنان، يشير نادر الى “أنها تجري بين “حزب الله” واسرائيل عبر الموفد الاميركي آموس هوكشتاين، لأن الدولة اللبنانية مجرد صندوق بريد، ينقلون ما يريده هوكشتاين او “حزب الله”، ولا علاقة لها بالامر. المفاوضات في لبنان تتم عبر هوكشتاين الذي ينقل الرسائل ويحذرهم ويدعوهم للانتباه لأنه سيتعرضون لضربة، والموفد الفرنسي كذلك الامر والقطري ايضاً، والدولة غائبة عن السمع، مستقيلة من دورها، والدور الاساسي لحزب الله، هو الآمر والناهي والمفاوِض. وبرأيي لن نصل الى نتيجة، إلا إذا أَنهت اسرائيل أهدافها في غزة، عندها تدار المفاوضات باتجاه لبنان وتعطي نتيجة، لأن أي حرب ستنتهي بمفاوضات وتسوية”.
ويختم: “الخلاف اليوم حول اليوم التالي، وكيف سيكون، ومن سيحكم المنطقة عندما تنتهي الحرب، وهل هو الجيش اللبناني بعد تطبيق القرار 1701، ام انه حزب الله؟ كل الامور تدور حول من سيحكم في اليوم التالي للحرب”.