IMLebanon

نتنياهو يستدرج “الحزب” إلى الحرب

كتب منير الربيع في “المدن”:

يوماً بعد آخر، يتضح أكثر فأكثر أن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو يرفض كل الصيغ المقترحة لوقف إطلاق النار. هو قادر على الالتفاف على كل المسارات أو المبادرات، بما فيها المساعي الأميركية. بشكل غريب، نجح نتنياهو في تغيير موقف وزير الخارجية الأميركي أنطوني بلينكن. إذ عمل الأخير على تحميل حركة حماس مسؤولية عرقلة المفاوضات أو عدم الموافقة على الصفقة المقترحة. علماً أن الأميركيين هم الذين غيّروا المقترح الذي تقدموا به بأنفسهم. أصبح سلوك نتنياهو خطراً على المنطقة كلها. هو يسلك مساراً واضحاً لتوسيع الحرب أو تفجير المنطقة، ويسعى إلى استدراج الأميركيين إليها.

أمام ما يحاول تكريسه نتنياهو من توسيع لنطاق الحرب، أصبحت المنطقة مقبلة على خطر أكبر. وسط عدم اتضاح للقدرة الأميركية الفعلية أو الجدية للجمه عن توسيع الحرب وإقناعه بتفاديها. بالتزامن مع كل جولة تفاوضية يلجأ رئيس الوزراء الإسرائيلي إلى تصعيد عملياته العسكرية في قطاع غزة أو في لبنان. إذ في الفترة الأخيرة انتقل الإسرائيليون إلى مرحلة عسكرية وقتالية جديدة تجاه لبنان، وصولاً إلى العمق اللبناني في البقاع، من خلال استهداف مخازن أسلحة ومواقع أساسية للحزب، بالإضافة إلى تكثيف عمليات الاغتيال. يأتي ذلك في ضوء تصريح وزير الدفاع الإسرائيلي يوآف غالانت، الذي أعلن عن انتقال ثقل العمليات الإسرائيلية إلى “الشمال”، أي إلى لبنان. وقد وضع استهداف البقاع في خانة الترقب لأي تطور سيحصل لاحقاً.

أصبح هدف الغارات وتكثيف العمليات واضحاً، وهو محاولة لإحراج حزب الله أكثر وإجباره على الردّ على عملية استهداف الضاحية الجنوبية لبيروت، بالإضافة إلى القول من قبل الإسرائيليين إنهم لا يعيرون أي اهتمام للمفاوضات أو للمساعي الديبلوماسية. وذلك ربما ينعكس من خلال طريقة تعاطي الحكومة الإسرائيلية مع كل المحاولات الأميركية، لمنع توسيع نطاق الحرب، أو من خلال عدم زيارة المبعوث الأميركي آموس هوكشتاين لتل أبيب بعيد زيارته الأخيرة للبنان. وهو ما يطرح علامات استفهام كثيرة، تثير المزيد من الريبة.

كذلك فإن الساحة اللبنانية تضج بكم كبير من الأخبار والرسائل. وهي قد تكون جدية، أو على سبيل الشائعات أو من آليات الضغط على الداخل اللبناني، أو على حزب الله حتى. ومن ضمن هذه الرسائل التي وصلت مؤخراً ما يشير إلى أن الإسرائيليين سيرفضون تطبيق وقف إطلاق النار في لبنان، في حال تم الوصول إلى وقف لإطلاق النار في غزة، واعتبار الجبهة اللبنانية منفصلة عن جبهة غزة، وأن الإسرائيليين يعملون على التحضير لتعاطٍ مختلف، لناحية توسيع نطاق العمليات بهدف تغيير الوقائع العسكرية.

تتكامل الرسائل مع العمليات التي ينفذها الإسرائيليون، في محاولة واضحة لإحراج الحزب أكثر، أو استدراجه إلى معركة تسعى تل أبيب إلى فرضها وفق توقيتها، وفي ظل استفادتها من واقع الانتخابات الأميركية من جهة، ومن البوارج والأساطيل الحربية الأميركية الموجودة في المنطقة، لمساعدتها على الردع في حال اندلعت تلك الحرب.
طبعاً في المقابل، يتعاطى حزب الله بعقل بارد مع كل هذه التطورات. وهو يزن عملياته بدقّة. إذ لا يريد الانجرار إلى حرب حسب التوقيت الإسرائيلي، إنما حسب تقديرات متعددة. فعدم الردّ لاستعادة الردع، سيدفع الإسرائيليين إلى تكثيف عملياتهم أكثر، بشكل لا يتمكن فيه الحزب من البقاء على الوتيرة العسكرية نفسها. ما يستدعيه إلى ردّ أقوى. وهو ما سيقابله ردّ إسرائيلي يدفع إلى أيام قتالية تصعيدية تنتظر تدخلات دولية جدية للحدّ منها.
المسار الديبلوماسي

إلى جانب هذا المسار، يتّبع لبنان ودول أخرى مساراً مختلفاً يتعلق في البحث عن مقومات لتخفيف التصعيد، وإرساء أجواء تبقي الإطار العسكري قابلاً للاحتواء ديبلوماسياً. وهو ما يتم العمل عليه من خلال إعادة التجديد لقوات الطوارئ الدولية العاملة في لبنان “اليونيفيل”، باعتبارها القوة التي ستكون معنية بمراقبة خفض التصعيد، وتكريس الاستقرار في مرحلة ما بعد انتهاء الحرب، بالتعاون مع الجيش اللبناني.

صيغة التمديد للقوات الدولية أصبحت ناجزة، على الرغم من محاولة الإسرائيليين الضغط على الولايات المتحدة الأميركية، لتقليص فترة التمديد من سنة إلى 6 أشهر. وهذا مرفوض لبنانياً ومن دول متعددة. كما أن الأميركيين أرادوا إدخال تعديلات على الصيغة المعتمدة سابقاً، والانتقال من كلمة وقف إطلاق النار وتثبيت الاستقرار، إلى اعتماد صيغة “خفض التصعيد العسكري”. وهو أمر أيضاً رفضه لبنان ودول أخرى، فسّرت ذلك بإعطاء المجال لإسرائيل لمواصلة عملياتها ضد الحزب ولو حصراً في الجنوب