IMLebanon

صوت الحرب أعلى من الهدنة.. ورسائل ترسم المرحلة

جاء في “الأنباء الإلكترونية”:

نفّذ “حزب الله” ردّه المنتظر على اغتيال القيادي فؤاد شكر فجر الأحد، وأعلن عبر لسان أمينه العام حسن نصرالله استهداف قاعدة أساسية للمخابرات العسكرية للاحتلال الإسرائيلي، وهي قاعدة غليلوت الواقعة على بعد كيلومتر ونصف من تل أبيب، بمسيّرات انقضاضية.

عملية الرد استدعت قصفاً معادياً، إذ شنّ الطيران الحربي الإسرائيلي غارات عنيفة جداً، تكاد تكون الأعنف منذ الثامن من أكتوبر، قُدّر عددها بالمئات، قال جيش الاحتلال الإسرائيلي إنها استهدفت منصّات إطلاق صواريخ ومسيّرات.

ولأوّل مرّة منذ سنوات كثيرة، ظهر نصرالله وكأنّه متحدث عسكري لا سياسي، شرح عملية الرد بشكل دقيق، من أسباب التأخير التي تمحورت حول تنسيق الرد مع إيران ومنح مفاوضات الهدنة فرصة، مروراً بالأهداف وصولاً إلى السلاح المستخدم وهو صواريخ الكاتيوشا والمسيّرات، ولم يتحدّث إلّا قليلاً بالسياسة وغزّة والمفاوضات.

لكن ثمّة نقاط أساسية وجب التوقف عندها في خطاب نصرالله تعكس أفق المرحلة المقبلة، وتشي بأن التصعيد سيكون سيّد الموقف لا التهدئة، إذ إن نصرالله على حمّل مسؤولية عدم التوصل إلى هدنة إلى إسرائيل والولايات المتحدة بقوله إنهما تكذبان بشأن اتفاقات وقف إطلاق النار.

ثم إن نصرالله تطرّق في حديثه إلى الصواريخ الباليستية، وإذ أكّد أن إسرائيل لم تستهدفها وهي موجودة بمواقع “آمنة”، قال إن موعدها قد يحين و”حزب الله” قد يستخدمها في المستقبل، وفي حديثه رسائل ردع من جهة وتهديدات بأن “حزب الله” لم يكشف عن كامل ترسانته العسكرية، وأي مغامرة إسرائيلية ستُواجَه بأسلحة جديدة غير مستخدمة بعد.

وإذ لفت المتابعون إلى أن استهداف المخابرات العسكرية، وبشكل خاص الوحدة 8200، وهي الوحدة المسؤولة عن عمليات الاغتيال التي يتعرّض لها “حزب الله” يومياً، يعكس حجم تأثير عمل هذه الوحدة على الحزب، وقرأوا في الرد رغبة في عدم تدحرج الأمور إلى حرب واسعة وشاملة بين الطرفين، لكن الأمر يبقى متوقفاً على تفلت نتنياهو من كل الضغوط والضوابط.

واذا كان أعلن نصرالله أن عدداً من المسيّرات أصابت أهدافها، أي مركز المخابرات العسكرية، لكنه لم يكشف عن حجم الأضرار، وترك للأيام والمصادر والمعلومات مهمّة كشف نجاح العملية من فشلها، ليُبنى على الشيء مقتضاه، فإما ينتهي الرد أو يُستكمل، حسب نصرالله.

وقد حاول “حزب الله” يوم أمس إعادة رسم معادلات الردع التي اختل توازنها لصالح إسرائيل في الفترة الأخيرة، فوضع معادلة ضواحي تل أبيب مقابل ضواحي بيروت، والأهداف العسكرية الاستراتيجية مقابل نظيرتها على المقلب الآخر من الحدود، والمزيد من الأسلحة النوعية كالصواريخ الباليسيتة والأنفاق الضحمة مقابل أي تصعيد محتمل، لكنه حرص على إيصال رسائل واضحة مفادها أنّه لا يُريد أي تصعيد أو خروج عن قواعد الاشتباك.

وبعد انتهاء رد “حزب الله”، فإن الأنظار تتجه نحو الرد الإيراني الذي يبدو أنّه سيكون في المدى المنظور، إذ إن سبحة الردود كرّت، وحجّة تأخير الرد بانتظار المفاوضات انتفت على لسان نصرالله، وبالتالي فإن لا موانع، لكن وحسب الترجيحات، فإن العملية لن تخرج عن سياق عملية “حزب الله”، أي أنها ستكون محسوبة ولن تجر المنطقة إلى حرب أوسع نطاقاً.

في غزّة، فإن عملية نوعية قامت بها كتائب “القسّام” حينما قصفت تل أبيب بصاروخ “مقادمة إم 90” لم تعترضه القبّة الحديدة، وهو تصعيد إضافي في المنطقة لا يوحي بأن ثمّة فرص لوقف حقيقي لإطلاق النار والمحادثات الجارية في القاهرة، والتي من المنتظر أن يظهر لون دخانها في الساعات والأيام القليلة المقبلة، فإمّا تستمر الحرب وتتصاعد حدّتها وهو الخيار المرجّح، أو تهدأ.

في المحصلة، فإن طبول الحرب لا زالت تقرع وبصوت مرتفع، لكن مضبوط نسبياً إلى أن تنجلي الصورة بشكل أوضح لجهة القرار الإسرائيلي إما في التصعيد أو الحفاظ على سقف اشتباك معيّن أو وقف لإطلاق النار.