كتبت يولا هاشم في “المركزية”:
مرة أخرى، وصلت أحدث جولة في مفاوضات وقف إطلاق النار في غزة، التي جرت في العاصمة المصرية القاهرة أمس، إلى طريق مسدود ، في ظل “جمود صعب” في المحادثات، حيث لم توافق حركة “حماس”، ولا إسرائيل، على عدد من الحلول التي قدّمها الوسطاء، مما يزيد الشكوك إزاء فرص إحراز تقدم في أحدث الجهود لإنهاء الحرب المستمرة منذ 10 أشهر.
فهل ستتمكن واشنطن من إحراز خرق في جدار الأزمة المستعصية أم سيستمر الوضع في “هدنة ساخنة” وسبتقى المماطلة سيدة الموقف بانتظار نتائج الانتخابات الاميركية؟
السفير السابق في واشنطن رياض طبارة يؤكد لـ”المركزية” ان “لا أحد ينتظر الانتخابات الاميركية، أو يؤجل الأمور بسببها، لأن العهد الجديد في الولايات المتحدة الاميركية يحتاج الى نحو خمسة أشهر بعد. صحيح ان الانتخابات تجري في تشرين الثاني، لكن الرئيس يتسلم مهامه في 20 كانون الثاني، ثم يحتاج بعدها إلى “شهر عسل” كما يقال في أميركا، لترتيب أوراقه. ونتحدث هنا عن نحو ستة أشهر، فلا أعتقد ان الأمور مجمدة لهذه الأسباب. ثم من يعلم ما ستكون نتائج الانتخابات”، مشيرا الى انها محطة أساسية، ومن يصل الى البيت الأبيض ستؤثر سياسته على المنطقة، لكن لا أعتقد ان رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو او الأفرقاء الآخرين كايران وغيرها ينتظرون نتائجها “.
ويرى طبارة ان ما يحصل هو نتيجة ضغط أميركي غير مسبوق، لأن الرئيس الاميركي جو بايدن يسعى لتحقيق إنجاز قبل نهاية عهده، خاصة وانه مضى أربعين عاماً في العمل السياسي ولم تنجح الأمور معه، لذلك يصرّ على ترك إرثه وراءه، وليس أمامه مجال آخر لتحقيق حلمه إلا من خلال وقف إطلاق النار في غزة، وإقناع نتنياهو بحلّ الدولتين، ليقول بأنه حقق إنجازاً وبدأ بعملية السلام. هذا برأيي التوجه الاميركي. بايدن لا يريد الحرب، لأن من شأن ذلك ان يقوّض كل العملية. فكل حديث الرئيس السابق دونالد ترامب خلال حملته الانتخابية الماضية والحاضرة تمحور حول ان بايدن قام بحروب بينما في عهده لم تحصل أي حرب، وأنه عندما يصل الى الرئاسة سيحلّ قضية اوكرانيا والشرق الاوسط إضافة الى التوتر مع الصين”.
ويضيف: “لذلك ليس من مصلحة بايدن او ترامب الدخول في حرب. فالولايات المتحدة في المستقبل المنظور لا تريد الحرب، خاصة وانها تعلّمت الدروس من تجاربها في العراق وأفغانستان وحتى في اليمن. حرب أفغانستان كلفتها تريليونات الدولارات للتخلص من طالبان، لكن في النهاية انتهوا بأن أتوا بطالبان ولم يتغير الواقع في البلد. وبالتالي لن يقبل الديمقراطيون أو الجمهوريون أو عامة الشعب بحرب مفتوحة في الشرق الاوسط، خاصة مع ايران”.
ويعتبر طبارة ان “نتنياهو لديه أيضاً هدف البقاء في الحكم ويسعى لتحقيق انتصار، كإلقاء القبض مثلاً على رئيس المكتب السياسي لحماس يحيى سنوار، يريد أي إنجاز كي يقول بأنه خرج من الحرب بعد أن أنجز هدفه، لكن المشكلة ان هدفه يتعارض مع هدف بايدن الذي يريد الحصول على إرث وبأنه بدأ بوقف إطلاق النار وعملية السلام، ونتنياهو يريد استكمال الحرب للوصول إلى انتصار ما. نحن في مرحلة شد حبال. لا أرى ان الحبل يميل الى جهة دون الاخرى، هذه هي الحالة اليوم، ولذلك مضت أشهر على المفاوضات دون تحقيق نتائج. يحاولون لكنهم لم يصلوا الى نتيجة ملموسة على الارض وما زلنا في مرحلة الستاتيكو، ضمن حدود معينة، لن يخرج أحد عنها، بانتظار ايجاد حلّ”.
ويختم: “الامور رهن حصول تطور ما، كأن يحقق نتنياهو انجازا ما ويعتبره نصرا يسمح له بالتنازل للاميركيين دون الخروج من العملية السياسية، لأنه عندها سيدخل السجن بتهم الفساد. يجوز في النهاية، ان يتمكن الاميركيون من نسف حكومته، حاولوا مع بيني غانتس لكنهم لم ينجحوا، اليوم يحاولون مع وزير الدفاع يوآف غالانت ولذلك نجد ان الأخير غيّر مساره، وبعد ان كان يتحدث عن تحويل لبنان الى العصر الحجري، بدأ يقول ان اسرائيل لا تستطيع ذلك حقيقة، وان “حماس” هي فكرة وليست جيشا، وبالتالي لا يمكن الوصول الى الانتصار الكامل، ويميل أكثر فأكثر الى الموقف الاميركي. لكن لا نعرف ما الذي سيحصل في النهاية. فقد تتمكن واشنطن من تسليم الحكومة لغالانت الذي بدوره سيسير معهم او ان نتنياهو سيحقق نوعاً من الانتصار. لا أحد يعلم كيف تتطور الامور. لو سألنا منذ سنة عما سيحصل في الشرق الاوسط، هل كان أحد يعلم ان حماس ستقوم بعملية طوفان الاقصى في 7 اكتوبر؟ كانت المنطقة تتحدث عن التطبيع مع اسرائيل، خاصة مع السعودية، لكننا دخلنا في حرب لا نعرف متى تنتهي”.