كتب يوسف دياب في “الشرق الأوسط”:
تسعى السلطات اللبنانية لمواجهة أزمة العام الدراسي الجديد لطلاب القرى الحدودية النازحين من بلداتهم جرّاء الحرب القائمة ما بين إسرائيل و«حزب الله»، وتدمير منازلهم، وصعوبة استئناف الدراسة في مدارسهم الأساسية التي باتت مدمرة مع بيوتهم التي لم تعد صالحة للسكن.
وقال مدير التعليم الثانوي في وزارة التربية خالد فايد إن وزير التربية عبّاس الحلبي «يبحث مع المسؤولين في الوزارة كل الخيارات التي تمكنه من التعامل مع الموضوع بشكل يتيح للتلاميذ متابعة دراستهم بشكل طبيعي»، وأوضح فايد أن الوزير الحلبي «يعكف الآن على دراسة الحلول التي تنقذ العام الدراسي لأبناء القرى الجنوبية الواقعة مدارسهم ضمن (المنطقة الحمراء)؛ أي تلك التي تدور فيها المعارك الفعلية، وبما يمكنهم من متابعة دراستهم بشكل آمن».
وتحدث فايد لـ«الشرق الأوسط» عن سيناريوهات عدّة ما زالت قيد البحث، منها نقل كل المدارس الرسمية والثانويات الواقعة ضمن منطقة الخطر إلى مناطق أكثر أمناً للطلاب والمعلمين والإداريين، لكن ثمة صعوبة لأن هؤلاء من مناطق مختلفة ولا يمكنهم الانتقال إلى نفس المكان.
وتسعى وزارة التربية إلى المواءمة ما بين الحفاظ على أمن الطلاب والجهازين التعليمي والإداري، وحق التلامذة بمواصلة تحصيلهم العلمي، وأشار مدير التعليم الثانوي إلى أن «السيناريو الأكثر قابلية الآن أن ينطلق العام الدراسي في هذه المدارس الموجودة ضمن منطقة الخطر عبر الـ(أون لاين) بناء على رغبة الأهالي والطلاب الذين يرفضون ترك بلداتهم أو تسجيل أبنائهم بمناطق أخرى وبعيدة عنهم»، لافتاً إلى أن «أغلب هذه المدارس والثانويات تقلّص عدد طلابها من 500 طالب تقريباً إلى 130، وهؤلاء بالإمكان تدرسيهم عن بُعد وإكمال البرنامج التعليمي لهم من دون عوائق، وهذا الواقع يشمل 12 ثانوية في الجنوب، باستثناء مدينة مرجعيون التي رفض أبناؤها ترك المنطقة وأبدوا استعدادهم لتسجيل أبنائهم في مدارسها والتعليم حضورياً على مسؤوليتهم باعتبارها أقلّ خطراً من سواها».
وكشف فايد عن أن باقي التلاميذ «توزعوا على مدارس رسمية أخرى في مناطق صور والنبطية وصيدا (الجنوب اللبناني) وبيروت وجبل لبنان والبقاع، وهؤلاء تم تسجيلهم للعام الدراسي الجديد، واستطاعت المدارس استيعابهم وتوفير الجهاز التعليمي لهم». ورأى في الوقت نفسه أن «الظروف الاقتصادية الصعبة والتي راكمتها الحرب خلقت هجرة معاكسة من المدارس الخاصة إلى المدارس الرسمية، خصوصاً مع تحسّن مستوى التعليم الرسمي وتوقّف حركة الإضرابات التي كانت تهدد العام الدراسي بشكل دائم ومستمرّ».
وبموازاة اهتمام وزارة التربية بوضع الطلاب، تواكب المنطقة التربوية في الجنوب هذه التطورات، أقلّه إلى حين عودة الأمن والاستقرار إلى القرى الواقعة على خطّ النار، وقلل رئيس المنطقة التربوية في جنوب لبنان أحمد صالح، من خطورة تطيير العام الدراسي، وذكّر بأن «المشكلة أولاً وأخيراً هي مشكلة أمنية، بحيث إن معظم مناطق الجنوب لم تعد آمنة، بدليل أن الغارات الإسرائيلية تطول مدينة صيدا (البعيدة عن الحدود مع إسرائيل) وتمتدّ إلى البقاع».
وأوضح صالح في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، أن «كل الطلاب الذين هُجروا من بلداتهم ومدارسهم خلال السنة الدراسية الماضية، يمكنهم البقاء في نفس المدارس التي نزحوا إليها، إلى حين توقّف الحرب وعودتهم إلى قراهم ومدارسهم الأساسية». وقال: «كما في العام الماضي كذلك الآن، لا تزال وزارة التربية تقوم بواجبها لجهة توفير الظروف الملائمة للطلاب النازحين إلى مدارس أخرى، عبر تأمين الـ(تابلت) والقرطاسية ووسائل النقل، ومن يتعذّر وصوله إلى المدرسة يمكن تعليمه عن بُعد (أون لاين)». ولفت صالح إلى أن «أعباء العام الماضي كانت أكبر من أعباء العام الدراسي الجديد؛ لأن الحرب اندلعت بعد انطلاق العام الدراسي، وحصل بعض الإرباك، لكن الأمور الآن تحت السيطرة».