كتبت زينة طبارة في “الانباء الكويتية”:
إعتبر الخبير المالي والاقتصادي د. ايلي يشوعي في حديث إلى «الأنباء» ان «توصيات المرصد الأوروبي للنزاهة في لبنان، لزوم ما لا يلزم». وقال: «كان أجدى بالقيمين عليه ممارسة الضغوط على دول القرار الغربية لمنع تزويد إسرائيل بالأسلحة الفتاكة، قبل إسداء نصيحتهم إلى لبنان بتحريك العجلة الاقتصادية عبر البدء بالاصلاحات».
ورأى يشوعي «ان الحرب الراهنة تحت شعار الإسناد والمشاغلة، قد دمرت بفعل الآلة العسكرية الاسرائيلية ما تبقى للبنان من قوة اقتصادية يرعاها القطاع الخاص، بمثل ما دمرت بقايا البنى التحتية للدولة، ناهيك عما احدثته من انكماش إضافي في النقد والاقتصاد، ومن تراجع بالناتج المحلي وبحجم الصادرات، في مقابل ازدياد عمليات التهرب من الضريبة، والتهريب عبر الحدود السائبة دون رقيب وحسيب، ونفاذ الاقتصاد غير الشرعي».
وقال: «بغض النظر عن توصيات المرصد الأوروبي، فان السياسة الاقتصادية العبقرية للحكومة اللبنانية التي على مدى 4 سنوات قبل عملية (طوفان الاقصى) في 7 تشرين الاول 2023، لم تفلح حتى في تحقيق إنجاز اقتصادي واحد يتيم، بل ذهبت في المقابل إلى إصلاحات غريبة عجيبة قضت بتصنيف ودائع الناس المسروقة من المصارف بين مؤهلة وشرعية وجديدة، للوصول إلى نتيجة واحدة وهي اقتطاع 80% من مجموع الودائع. فيما كان المطلوب كخطوة أولى لتحريك العجلة الاقتصادية، إعادة هيكلة المصارف أو أقله إجراء دراسات حول كل مصرف بمفرده للكشف عما يملكه من سيولة وموجودات وأملاك، تمهيدا للسير في عملية التصفيات وبالتالي الدمج». وأضاف: «المضحك المبكي ان الحكومة اللبنانية توهم الناس بأنها لاتزال حتى الساعة تبحث عن سر الفجوة المالية ومكمن ضياع الأموال، علما انها أكثر من يعلم وبالأرقام الدقيقة، ان السرقات وعمليات النهب المنظم للأموال العامة حصلت داخل القطاع العام بالتآمر مع الحاكم السابق لمصرف لبنان رياض سلامة، ما يعني ان المرصد الأوروبي للنزاهة في لبنان، اما انه غير مطلع على عبقرية الحكومة اللبنانية وعلى الاداء السيئ لمجلس النواب، واما انه يبيع مواقف للتسويق الاعلامي ليس إلا.
وهذه الحكومة التي لم تتمكن من قطع خيط القطن في زمن الاستقرار الأمني، كيف لها ان تبدأ بالاصلاحات وسط مشهدية الدماء والموت والاغتيالات وتهجير اللبنانيين وتدمير القرى الجنوبية، وكل ذلك بفعل آلة الدمار الاسرائيلية؟ كفى استغباء لعقول الناس». وقال يشوعي ردا على سؤال «المطلوب واحد لا غير، انتخاب رئيس للجمهورية من خارج مدرسة الإخوة السبعة في لبنان (غمز من قنوات الأحزاب الرئيسية) وتشكيل حكومة مستقلة حيادية من متخصصين في معالجة الانهيارات المالية والاقتصادية للدول، والا فالفراغ أفضل من العودة إلى تقاسم الدولة وأموال الخزينة، واستمرار المنظومة المافياوية في تصفية ما تبقى من مقومات للدولة اللبنانية. لبنان يحتضر سريريا وما عاد باستطاعته الاستمرار في الانهيارات الأمنية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية، وسط مجموعات سياسية لا تفقه سوى تقديم مصالحها الحزبية والطائفية والشعبية عل حساب مصلحة الدولة». وتابع: «لبنان بتركيبته الطائفية، لا يستطيع ان يكون منحازا لأي من المحاور الإقليمية والدولية، ومن واجب حكوماته بالتالي تنقية السياسة الخارجية للبنان من تداعيات الصراعات الخارجية، الأمر الذي سيستقطب حكما التعامل معه بالمثل من قبل دول العالمين العربي والغربي، ويعيد الثقة الدولية به بما تكتنزه من استثمارات وتدفق أموال ينعش الخزينة وينشط الدورة الاقتصادية، لا بل يعيدها إلى سابق عهدها قبل الحروب العبثية. وأذكر ان المشروع الصهيوني يقضي بإحاطة الكيان الإسرائيلي بدويلات مهزومة ماليا واقتصاديا، وبمجتمعات فقيرة. من هنا وجوب التصدي لهذا المشروع التدميري من خلال تحييد لبنان عن الصراعات الخارجية، والأهم إعادة بناء كل جسور التعاون مع اللبنانيين المنتشرين في العالم».