كتبت بولا أسطيح في “الشرق الاوسط”:
أكدت المواقف التي أطلقها كل من رئيس المجلس النيابي اللبناني نبيه بري ورئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع، بشأن الحوار المتعلق بالاستحقاق الرئاسي المعطل منذ نحو سنتين، أن الهوة بين الطرفين اللذين يشكلان رأسي حربة في الصراع على رئاسة الجمهورية، واسعة ويصعب ردمها من دون تدخل خارجي مباشر.
وشهدت مساعي «اللجنة الخماسية» التي تضم الدول المعنية بالشأن اللبناني منذ ما يُقارب الشهرين، «استراحة صيفية»، لذلك يُعوَّل على تنشيط هذه المساعي قريباً، وإن كان يبدو واضحاً أن هذه الدول باتت منهمكة في ملفات أكبر من ملف الرئاسة اللبنانية، وعلى رأسها التطورات العسكرية في المنطقة.
زخم دولي جديد
وبحسب مصادر دبلوماسية، فإنه «سيُعاد تزخيم الجهد الدولي للدفع قدماً لانتخاب رئيس للبنان، على أن يبدأ ذلك من خلال اللقاء المزمع عقده هذا الأسبوع بين الموفد الرئاسي الفرنسي جان إيف لودريان والمستشار في الديوان الملكي السعودي نزار العلولا». ولفتت المصادر في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، إلى أن «البحث في الملف عاد من منطلق وجوب التوافق على سلة متكاملة، تلحظ إلى جانب اسم رئيس الجمهورية برنامجه، والحكومة الجديدة ورئيسها وبرنامجها، وغيرها من الاستحقاقات المترابطة».
وتؤكد المصادر أن «اللجنة الخماسية متفاهمة على وجوب البناء على التراكمات التي سبقت العطلة الصيفية، وأبرزها ضرورة تفاهم القوى السياسية اللبنانية على مرشح رئاسي ثالث».
الانتخاب بالتشاور
ويرفض النائب في تكتل «الاعتدال الوطني» أحمد الخير، تحميل المسؤوليات لجهة في تعطيل انتخاب رئيس للبلاد، قائلاً: «نحن في موقع السعي إلى تقريب وجهات النظر، انطلاقاً من مبادرة تكتل (الاعتدال الوطني)، التي تتكامل مع جهود (اللجنة الخماسية) وباقي المبادرات، من أجل كسر هذه الحلقة المفرغة، وتأمين انتخاب رئيس جديد للجمهورية يتحقق بالتشاور، ومزيد من التشاور، باعتباره الممر الوحيد لتقريب وجهات النظر بين الطرفين، ولا يتحقق بالاستمرار في رفع المتاريس السياسية والطائفية وتصعيد الخطاب السياسي والسجالات، كما هو حاصل اليوم».
ويوجه الخير عبر «الشرق الأوسط»، دعوة إلى الجميع، لـ«تجميد السجالات وكسر المتاريس والانفتاح على ما يمكن أن يفتح كوة في جدار الأزمة للوصول إلى حلول تنهي الفراغ الرئاسي وتداعياته الخطيرة».
ويضيف: «ليس خافياً على أحد أن الملف الرئاسي اللبناني لم يعد أولوية في الأشهر الماضية، في ظل الانشغال الإقليمي والعالمي المستمر بتداعيات حرب غزة ومخاطر توسع الحرب إلى لبنان، ربطاً بما يسود من ترقب لنتائج الانتخابات الأميركية وتأثيرها على كل الأوضاع، وقد أضعنا كلبنانيين، في الأشهر الماضية، كثيراً من الفرص التي كانت متاحة، من ملاقاة المبادرات الداخلية إلى الاستفادة من الزخم العربي والدولي الذي تمثله (اللجنة الخماسية) للدفع باتجاه انتخاب رئيس، على أمل أن تكون المعلومات عن جو دولي جديد جدية كي يعود الملف الرئاسي أولوية، في خضم كل هذه الأحداث الكبيرة».
مبادرة بري
ويصرّ الفريق الذي يرأسه رئيس المجلس النيابي نبيه بري، على أن موقف «اللجنة الخماسية» من كيفية مقاربة الملف الرئاسي أقرب إلى موقفه لا لفريق المعارضة، وهو ما عبّر عنه عضو كتلة «التنمية والتحرير» (برئاسة بري) النائب قاسم هاشم، الذي لفت إلى أن «اللجنة الخماسية مقتنعة بأن مبادرة الرئيس بري هي الأسرع والأسهل».
وأشار هاشم في حديث تلفزيوني، إلى أن «هناك لقاءات فرنسية – سعودية ستحصل في الأيام القليلة المقبلة، وقد تكون دافعاً لإعادة تفعيل عمل اللجنة الخماسية»، مشدداً على أن «من يريد رئيساً للجمهورية عليه أن يفتش عن كل آلية تؤدي لانتخاب الرئيس، وأسرعها التواصل والحوار».
ورد هاشم على جعجع، قائلاً: «طريق بعبدا تمر بالآلية الدستورية في مجلس النواب، وعندما دعا بري للتشاور فعل ذلك وفق الآلية القانونية، لكن البعض لا يحلو له إلا أن يفتش عن الإشكالات».