كتبت بتول بزي في “النهار”:
صدّق أو لا تصدّق… حبّة الكبتاغون الواحدة بـ20 ألف ليرة فقط في سوق المخدّرات اللبنانية، أي بأقلّ من نصف دولار! واقع خطر يواجه الفئة الشابّة في الآونة الأخيرة، ويُهدّد سلامة المجتمع وعموده الفقري، بعدما تمادت العصابات المصنِّعة للمخدّرات محليّاً في عملها، وبدأت بترويجها بأسعار زهيدة جدّاً، ما قد يدفع الشباب للانجرار خلفها والسقوط في مستنقع الإدمان.
خلال الأشهر الماضية، كثّفت مخابرات الجيش ومكتب مكافحة المخدّرات في قوى الأمن الداخلي عمليّات الدهم في مختلف المناطق، ولم يكُن التركيز فقط على البقاع حيث تنشط مصانعها، إلّا أنّ المداهمات شملت مُدناً لبنانية عدة، إضافة إلى المخيمات الفلسطينية.
الإشكالية الأساسية تكمن في أنّ “تصنيع حبوب الكبتاغون بات رائجاً محليّاً، وبتكلفة زهيدة، ما يُسهّل بيع الحبة بـ20 ألف ليرة فقط في لبنان، ونحو 20 دولاراً في بعض #الدول العربية”، وفق ما أفادت مصادر متابعة لـ”النهار”.
طوّر صنّاع حبوب الكبتاغون أسلوب عملهم أخيراً، فباتوا يعتمدون على مصانع صغيرة داخل “فانات” متنقّلة لتسهيل الفرار من دوريات الجيش نحو المناطق المتداخلة بين لبنان وسوريا، والتي تعتبر معقلاً لتجار المخدّرات ومصدراً أساسيّاً للتصنيع والترويج.
وما يُسهّل عملية الترويج أيضاً وجود “ديليفري الكبتاغون” في لبنان، فيما الكميات المصنَّعة محليّاً متاحة بكميات كبيرة، بدءاً من الحبة الواحدة إلى المليون حبة!
هذا الخطر الحقيقي الذي يدقّ باب الشباب اللبناني، دفع برئيس جمعية “جاد”- شبيبة ضدّ المخدّرات، جوزيف حوّاط، إلى رفع الصوت، إذ أكد عبر “النهار” أنّ “ما يحصل اليوم ليس مصادفة، ومبدآ العرض والطلب مترابطان، فبمجرد توافر المخدرات بكثرة ستستقطب المدمنين بكثرة، وهذه الظاهرة تتقصّد الشباب لضرب نواة المجتمع اللبناني”.
بحسب حوّاط، “ثمة معلومات تُفيد بضبط ملايين حبات الكبتاغون المصنّعة لبنانياً في إحدى الدول المجاورة خلال الأيام الماضية، وقد تواصلنا مع رئيس مكتب المخدرات للتأكد من مصدرها وصناعتها لخطورة الأمر”.
وفي حديث لـ”النهار”، يُعرب حوّاط عن قلقه من ظهور مصانع الكبتاغون مجدّداً في السوق اللبنانية بعدما “قضى الجيش اللبناني على المصانع الكبرى”، لافتاً إلى أنّ”المصانع الصغيرة في مخيم عين الحلوة، على سبيل المثال، غير قادرة على تصنيع هذه الكمية الكبيرة”.
كما يُناشد المسؤولين “لوعي خطورة الموضوع، فأولادهم يتورطون أيضاً، وهذه الظاهرة باتت مجتمعية”، معلناً عن إطلاق “المرصد اللبناني” في 25 أيلول الجاري، في مجلس الوزراء، بالتعاون مع الوزارات المعنية، والأجهزة الأمنية، والمنظمات الدولية، والجمعيات الأهلية والنقابات، في مسعىً لتعزيز دور الدولة ومؤسساتها في مكافحة آفّة المخدّرات.
ينصبّ جهود مكتب مكافحة المخدّرات في قوى الأمن الداخلي يوميّاً على ملاحقة تجار ومروّجي المخدرات والمدمنين، وتُعَدّ التوقيفات في جرائم المخدرات من الأعلى بين المهمّات اليوميّة في مختلف المناطق اللبنانية.
وبالرغم من عودة انتشار الكبتاغون في السوق المحليّة، يؤكد مصدر أمني لـ”النهار” أنّ “المكافحة لم تتوقّف، إلّا أنّ المصانع الصغيرة ليست صعبة التجهيز، ولا تحتاج إلى أمكنة متخصصة أو استثنائية، إنّما يُمكن بناؤها ببعض القدرات والمعدّات”، مشيراً إلى أنّ “توزيع الحبوب فرديّاً أسهل من التوزيع الجماعي”.
أمّا حول المسار القضائي، فيوضح المصدر الأمني لـ”النهار” أنّ “ترويج المخدّرات يعتبر جناية في قانون العقوبات، والمحاسبة تأخذ المنحى القانوني المعتاد… أمّا الإدمان فيُعدّ جنحة، ويُترَك المدمن إذا تعهّد بمتابعة التأهيل العلاجي، فيما يُمكن إعادة توقيفه في حال القبض عليه في حالة تعاطٍ أخرى”.
أبرز ما تتخوّف منه المؤسسة الأمنية هو محاولة تشريع المخدّرات في عددٍ من الدول الأجنبية، ما قد ينعكس على الشباب اللبناني برغم مخاطره. وهنا يؤكد المصدر الأمني على “دور المواطنين بضرورة الإبلاغ عن المروّجين وأماكن التصنيع”، داعياً الشباب إلى عدم “الانجرار وراء السعر الزهيد للمخدرات، لأنّه مسار إلى الجحيم”.
وإزاء هذا الواقع، ثمّة مخاوف أيضاً حيال عملية التأهيل في المراكز الطبيّة والأهلية المتخصّصة، والتي تأثّرت بالأزمة الاقتصادية وانقطاع المساعدات الدورية من وزارة الشؤون الاجتماعية، ما يُسلّط الضوء على ضرورة التوعية حيال آفّة المخدّرات، والبحث عن مصادر لدعم مراكز التأهيل لتتمكّن من معالجة المدمن ومتابعته حتى الشفاء.