كتب طوني جبران في “المركزية”:
قبل ان يعود السفير السعودي وليد البخاري إلى بيروت لن تتوفر المعلومات الدقيقة عما آلت إليه اللقاءات التي عقدها الموفد الرئاسي الفرنسي جان إيف لودريان في الرياض مع المستشار لدى الديوان الملكي المكلف بالشؤون اللبنانية الوزير المفوض نزار العلولا في حضور السفير البخاري، و ليكتمل عقد السفراء الخمسة الذين يكَونون “الخماسية الدولية” لبدء التحضير للقاء المرتقب في ما بينهم في 14 ايلول الجاري إن بقي الموعد قائما الى حينه على خلفية بعض الاقتراحات بتأجيله لأيام قليلة لبلورة بعض الأفكار التي أطلقها الجانب الفرنسي لتكون ملائمة ومتطابقة مع المواقف التي تتحكم بميزان القوى الداخلية من الاستحقاق الرئاسي واولويات الإدارة الاميركية.
وفي المعلومات التي نقلتها بعض التقارير الدبلوماسية الاولية التي اطلعت “المركزية” على جوانب منها، ان المناقشات الفرنسية – السعودية توغلت في الكثير من التفاصيل التي جُمعت من مجموعة المبادرات السابقة التي انهارت او تلك التي ما تزال قيد التداول من دون القدرة على حسم المواقف النهائية من بعض الخطوات المقترحة ولا سيما تلك التي تقود الى دعوة مجلس النواب الى جلسة لانتخاب الرئيس، على ان تليها دورات متتالية يتوفر لها النصاب القانوني الى حين انتخاب الرئيس.
وفي المعلومات الاولية القليلة التي تحتاج الى ما يكمل بعضها او ينفي البعض الآخر منها، ان الفرنسيين اقترحوا الإسراع بالخطوات التي تضمن توافق اللبنانيين على مرشح ثالث بعدما سقطت الطروحات السابقة التي باتت من الماضي البعيد وترك المجال مفتوحا امام لائحة صغيرة من المرشحين الذين من الممكن ان يتوفر من حولهم الحد الأدنى من الاجماع وتطرح على اي شكل من اشكال التشاور وليس ضروريا ان يكون جميع الأطراف على طاولة واحدة على قياس التجارب السابقة، ومنها التي اختلطت فيها النصائح الدولية التي طرحت في الكواليس الدبلوماسية والسياسية بالمواقف الداخلية المعلنة التي ظللت التمديد لقائد الجيش بأكثرية وازنة قبل ان يدعو رئيس المجلس الى الخطوات الدستورية البرلمانية التي تقول بها آلية انتخاب الرئيس.
ولم يظهر ان الجانب الفرنسي كان متمسكا بالمراحل الخاصة بهذا الإقتراح ولكنه تلمس من الاميركيين وباقي اطراف الخماسية رفضا واسعا لصيغة طاولة الحوار التي اعتبرها البعض مسا بالدستور وخروجا على الآليات الخاصة بانتخاب الرئيس. وهو أمر رأت فيه مراجع دستورية فرنسية وغير فرنسية انها قراءة صحيحة للدستور اللبناني المستند الى الدستور الفرنسي وفق آلية معتمدة في أكثر من دولة لها نظام برلماني، ومنها إيطاليا مثلا التي تعتمد الآلية عينها، ولكن الفارق ان في هذه الدول من يحترم الاستحقاقات الدستورية في مواعيدها ولم يخرج عنها ولم يلجأ يوما اي منهم الى استخدام ما يسميه اللبنانيون الحق بتعطيل النصاب الى الدرجة المعتمدة في لبنان والتي مددت فترة خلو سدة الرئاسة من شاغلها إلى اقل من عامين بشهرين تقريبا.
وبعد المشاورات التي كانت الرياض قد استبقتها باستمزاج رأي اللبنانيين ومن اطراف الخماسية ، قالت المعلومات ان هذه الآلية الفرنسية المقترحة لن تمر في ظل تمسك “الثنائي الشيعي” بالآلية التي طرحها بري والإصرار على مرشحهما، ولم تنجح المحاولات في تقريب وجهات النظر بين قائل إن الحوار يجب ان يكون قبل انتخاب الرئيس فيما يقترح المعارضون للفكرة بأن يجري الحوار بعد انتخاب الرئيس فله وحده الحق بادارة مثل هذا الحوار.
وإن كانت التجارب السابقة حول بعض العناوين الخلافية لم تكتمل كما كتب لها بشأن المسائل الخلافية كما جرى بالنسبة الى ملفي الاستراتيجية الدفاعية ومصير “اعلان بعبدا” اللذين خصصت لهما طاولتا حوار امتدت لسنوات في ساحة النجمة عام 2006 وفي قصر بعبدا ما بين عامي 2013 و2014 فإن هناك من يشكك ويخشى من سقوط الأفكار المطروحة إن بقيت في هذا الإطار الشكلي المطروح. وهي حالة التقى على تشخيصها المسؤولون السعوديون والاميركيون. فالادارة الاميركية حتى اللحظة لم تلاحظ ان هناك من يشجع على إمكان القيام بهذه الخطوات وان توقيتها رهن المعالجات الجارية للوضع في غزة لتنعكس نتائجها على الوضع في جنوب لبنان ومن بعده يبدأ البحث باستحقاق انتخاب الرئيس.
وإلى ان تتوفر التفاصيل الدقيقة حول ما انتهت اليه مناقشات الرياض من دون نفي اهمية ما قد تليها من تفاهمات وخطوات مشتركة وربما كانت على لائحة الإيجابيات، غابت المعلومات عن امكان ان يوسع لودريان من جولته باتجاه الدوحة او القاهرة.اما الزيارة المحكى عنها الى بيروت فهي بالتأكيد مؤجلة الى ما بعد لقاء 14 ايلول، ان بقي في موعده في السفارة السعودية. والى تلك اللحظة يبدو للمراقبين ان حديث رئيس مجلس النواب بأن لا إنتخاب لرئيس في المدى المنظور أقرب الى منطق ما هو متوقع على هذا المستوى. وما يزيد في الطين بلة التعبير عن مخاوفه من ان تتزامن هذه الازمة الرئاسية والدستورية مع الورشة النيابية التي يسعى الى فتحها “الثنائي الشيعي” في وقت قريب. وهي ورشة انتهت التحضيرات لها من قبله حول تعديلات مقترحة على قانون الانتخاب من اجل معاقبة المستفيدين المحتملين من الصيغة الحالية التي نسجت بالتنسيق بين القوى الخمسة التي جمعت في تلك اللجنة النيابية ممثلي الثنائي نفسه والقوات اللبنانية والتيار الوطني الحر والحزب التقدمي الاشتراكي توصلا الى خلطة نيابية لا تناسب إلا حصرية “التمثيل الشيعي” الذي لا نقاش فيه ولا من حوله لا انتخابا ولا ترشيحا.