IMLebanon

لودريان في بيروت قريبًا… والكلمة الفصل أميركية – إيرانية

كتب أنطوان الأسمر في “اللواء”: 

يُنتظر أن يحدّد الاجتماع الذي يعقده سفراء المجموعة الخماسية، اليوم السبت، ملامح الدينامية العربية والدولية في المرحلة المقبلة الفاصلة عن الانتخابات الرئاسية الأميركية، والاتجاه الذي سيتخذه الضغط الخارجي على المسؤولين في لبنان من أجل إنهاء المراوحة في الملف الرئاسي، واستطرادا الملفات الإصلاحية المعلّقة.

الأكيد أن السفراء الخمسة على بيّنة كاملة بأن لا نية لدى الجهات الفاعلة لختم الجرح الرئاسي:

1-حزب الله منصرف إلى حرب الاسناد، لا يهتمّ لأي ملف آخر مهما بلغت درجة أهميته، لا بل ثمة مِن بين قيادييه مَن لا يتوانى عن استفزاز مكوّن بأكمله بتصريحات أقل ما يقال فيها وعنها إنها غير مسؤولة، على غرار ما صرّح قبل يومين النائب السابق نواف الموسوي عن وجود لوبي يمين صهيوني إسرائيلي في لبنان (…) «يتوهم بأنه سيعود إلى موقع السلطة» عبر رئاسة الجمهورية، لكن «هو لن يتمكّن من ذلك، لن يصل. وعلى فرض أن (هناك) من قال له إنك ستصل، لن يعيش، لن يبقى، لن يكون له الحُكم. هذا صار. في واحد انتُخب وطلع حبيب الشرتوني وعمل واجبه الوطني. ومن بعده أتى أخوه وحكم. شو حكم؟ في أيلول 1983، تحررت الضاحية. وفي شباط 1984، تحرّرت بيروت الغربية».

من نافل القول إن هذا الكلام يستجلب كلاما مقابلا ومتضادا – وهو استجلب بالفعل-  يزيد التوتير ويضيّق المساحات الحوارية.

2-التشتّت السياسي المسيحي لا يساعد في خدمة الهدف الرئاسي.

أ-ترفض القوات اللبنانية الطرح الحواري لرئيس مجلس النواب نبيه بري بحجة عدم تكريس سابقة خارجة عن الدستور (كأن صيغة التداعي التي تقترحها بديلا ليست تكريسا لسابقة خارجة عن الدستور!)، وتركّز على الاستقطاب الانتخابي في البيئة المسيحية تحضيرا لانتخابات ٢٠٢٦ في مواجهة التيار الوطني الحر.

ب-تحذو الكتائب اللبنانية الحذو القواتي نفسه، مع الفارق في القدرة والتمثيل والأداء. لكنها صارت أسيرة المزايدات ممّا أفقدها موقع المبادر.

ج-لا يمانع التيار المشاركة في أي صيغة حوارية لكن بشروط محددة. ويُحسب له أنه تمكّن من تجاوز الحساسيات ومنطق التنافس على أصوات الناخب المسيحي، ليؤسّس لتلاقٍ على قاعدة تعدّدية سياسية.

3-يحول هذا التشتت المسيحي دون تأمين الـ٨٦ نائبا الذي يشترطه رئيس مجلس النواب نبيه بري من أجل الدعوة إلى الحوار الرئاسي المفترض. وثمة شبهةُ تقاطع، كلّ لغاية منفصلة، على رفض انتخاب الرئيس في الظرف الراهن، يغذيه الرفض القواتي للحوار واشتراط بري التغطية النيابية المسيحية قبل الشروع، لتبقى بذلك رئاسة الجمهورية شاغرة إلى أجل.

بالتوازي، سُوّقتْ مناخات إيجابية عن المهمّة التي أجراها الموفد الرئاسي الفرنسي جان- إيف لودريان في الرياض. إذ تردد أن الحصيلة اللبنانية لاجتماعه بالمستشار في الأمانة العامة لمجلس الوزراء للشؤون الخارجية المكلف ملف لبنان نزار العلولا، بمشاركة السفير السعودي وليد البخاري، جاءت على قدر من الإيجابية، خصوصا لجهة إمكان أن تعاود المملكة العربية السعودية انخراطها الكامل في لبنان، سياسيا واقتصاديا وإنمائيا.

كما تردّد أن لودريان بنى على نتيجة لقاءاته واتصالاته اللبنانية، وعلى جولة واسعة من الاتصالات والتواصل بين القوى العربية والإقليمية النافذة والمؤثّرة لبنانيا، للاستنتاج بأن ثمة فرصة حقيقية لإنجاح الخيار الثالث بتغطية عربية ودولية، وهو الخيار الذي يفترض حكما الابتعاد عن مرشحين خلافيين ويعزّز إمكانات التلاقي، وهي من العناصر الأساس لنجاح العهد الرئاسي المقبل.

في أي حال، سيتّضح ما جمعه لودريان من خلاصات في زيارته المقبلة إلى بيروت والتي حدّد لها 22 أيلول موعدا مبدئيا. وهي تأتي بعد أيام من استعادة سفراء المجموعة الخماسية نشاطهم الجماعي المُعلّق منذ بداية الصيف.

بات واضحا أن باريس تحضّ في كل مناسبة الرياض على الانخراط من جديد في الشأن اللبناني، لما لدورها من تأثير مباشر على أكثر من طرف معني ووازن، وسط معطيات عن طلب فرنسي من حلفائها العرب الضغط على القوات اللبنانية لتغيير موقفها الرافض لتلبية صيغة بري الحوارية، الأمر الذي لم يقدْ بعد إلى النتيجة المتوخاة فرنسيا.

مع ذلك، ثمة قناعة راسخة بأن الموقف الراجح والفاصل يبقى لكل من الولايات المتحدة الأميركية والجمهورية الإسلامية في إيران. وهما على تماس حواري في سلطنة عُمان، في مسائل ملحّة ليس بالضرورة أن يكون من بينها الملف اللبناني.