IMLebanon

الأميركيون يحذّرون: صفقة بشروط نتنياهو أو حرب شاملة

كتب منير الربيع في “المدن”:

على حدّ الشفرة، تسير الوقائع العسكرية والسياسية في لبنان. إنه السباق المتجدد بين الوصول إلى تسوية واتفاق ديبلوماسي لوقف إطلاق النار في الجنوب اللبناني، وفصله عن جبهة غزة، وبين توسيع الحرب التي يريدها رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، ويسعى لاستدراج الأميركيين إليها.

يرفض الأميركيون الحرب بالمطلق. يزيدون من الضغوط. يحاولون تقديم عرض بكل المخاطر التي ستواجهها إسرائيل، في حال استمرّت بالتصعيد في غزة، الضفة الغربية ولبنان. وفي إطار الوساطات والمساعي، أُعلن عن تحديد مواعيد رسمية للقاءات سيعقدها المبعوث الأميركي آموس هوكشتاين مع المسؤولين الإسرائيليين يوم الإثنين المقبل. علماً أن هوكشتاين كان قد نقل رسالة قبل أيام حول ضرورة منع التصعيد.

ما يحمله هوكشتاين
حجم الضغط الأميركي هو الذي دفع الإسرائيليين لتحديد مواعيد لهوكشتاين، لا سيما أنه في الزيارتين الأخيرتين إلى المنطقة لم يعقد لقاءات مع نتنياهو. وكان ذلك إشارة إضافية من قبل رئيس الوزراء الإسرائيلي بعدم تأييده للمقترحات الأميركية. ليس هوكشتاين هو القناة الوحيدة المعتمدة أميركياً مع إسرائيل تجاه الملف اللبناني، بل هناك قنوات عديدة، أبرزها البنتاغون والجيش الأميركي. وإحدى أبرز الرسائل الرافضة للتصعيد كانت بسحب حاملتي الطائرات وعدد من البوارج الحربية من المنطقة.

يحمل هوكشتاين تحذيرات كثيرة للإسرائيليين من مخاطر انفجار الصراع. كما أنه يحاول تقديم مغريات كثيرة تتصل بفوائد الحلّ الديبلوماسي، إلا أنه من غير المعروف مدى تجاوب رئيس الوزراء الإسرائيلي معه. علماً أن نتنياهو أفشل أكثر من مرة اتفاق وقف النار في غزة وصفقة التبادل، وألزم الأميركيين على مجاراته، حتى بلغت الأمور وصفه بأنه يتخذ من الرئيس الأميركي جو بايدن رهينة. ولذا، لا تعويل على مساعي هوكشتاين حتّى الآن.

رسائل التحذير
يوصل الأميركيون المزيد من رسائل التحذير والتخويف للإسرائيليين، أبرزها حجم الخسائر التي ستلحق بإسرائيل من جراء اندلاع الحرب مع حزب الله، وأنها ستكون كبيرة جداً، وإسرائيل غير جاهزة لها. يأتي ذلك في ظل إعلانات الجيش الإسرائيلي تطوير الخطط وتجهيزها استعداداً لحرب أوسع مع لبنان.

ما يرتكز عليه الأميركيون في لجم نتنياهو عن توسيع الحرب، هو العملية التي تم تنفيذها على جسر الملك حسين انطلاقاً من الأردن، على اعتبار أن زيادة الضغط على الضفة الغربية سيشعلها، بما يشكل مخاطر كبيرة على تل أبيب، ويحفز على المزيد من العمليات المسلحة ضد إسرائيل على نحو يؤدي إلى اشتعال كبير.

صراعات داخلية
جانب آخر من الضغوط الأميركية ضد إسرائيل تتصل بالتحذيرات من الواقع الداخلي الإسرائيلي، مع تقديم قراءات حول حجم الانقسام بين القيادة السياسية والعسكرية، والإشارة إلى حجم الاستقالات في المؤسسة الأمنية والعسكرية، من استقالة قائد الوحدة 8200 إلى استعداد رئيس الأركان هرتسي هاليفي للاستقالة أو التقاعد. ذلك لا يمكن فصله عن الخلاف بين نتنياهو ووزير الأمن الإسرائيلي يوآف غالانت، والذي وصل إلى حدّ التلويح بإقالته.

الخلاصة هنا، أن دولة تعيش كل هذه الصراعات السياسية والعسكرية، وتشهد هذا الكم من الاستقالات، لا يمكنها خوض حرب كبرى على مستوى المنطقة أو في لبنان.

في المقابل، هناك ضغوط إسرائيلية داخلية جديدة على نتنياهو لدفعه إلى إبرام الصفقة، بينما هو يحاول توسيع إطار حكومته، ويتفاوض مع جهات عديدة لضم المزيد من الشخصيات إليها. إذ يواصل مفاوضاته مع جدعون ساعر وغيره للإنضمام إلى الحكومة.

كل هذا يدفع جهات دولية وديبلوماسية لقراءة التهديدات الإسرائيلية بأنها عناصر ضغط جديدة على إيران وحزب الله ومن خلالهما على حماس، للقبول بالصفقة وفق الشروط الإسرائيلية. وفي حال عدم الموافقة، فهو سيواصل الضغط على الأميركيين لاستدراجهم إلى حرب إقليمية، لأن المسؤولين الإسرائيليين مقتنعون بأنهم غير قادرين على توسيع المواجهة لوحدهم.

إنها مرحلة لا يمكن فيها التنبؤ أو الاستنتاج بما يمكن أن تتجه نحوه التطورات، التي وصلت إلى مرحلة حرجة حيث المسارات مفتوحة على كل الاحتمالات.