كتب داود رمال في “الأنباء الكويتية”:
يكشف تحليل الوضع الرئاسي في لبنان عن أن الحراك القائم حاليا لا يحمل معطيات جدية لإحداث خرق حقيقي في الملف الرئاسي، على رغم كثافة الحركة الديبلوماسية والتصريحات المتفائلة التي تصدر عن أطراف متعددة في الداخل والخارج.
ويعود هذا الجمود إلى عوامل خارجية وداخلية، حيث يبدو أن المحركين الأساسيين لهذا الملف هما الولايات المتحدة وإيران، مع غياب واضح لأي مبادرة داخلية لبنانية أو خارجية جدية قادرة على قلب الموازين.
هذه الصورة التشاؤمية تحدث عنها مرجع نيابي معارض متناولا تحريك الملف الرئاسي «ومصدره العاصمة الفرنسية باريس».
وقال المرجع لـ «الأنباء»: «من الواضح أن التحريك الأساسي للملف الرئاسي في لبنان يأتي من محورين رئيسيين: الأول هو الولايات المتحدة، التي تسعى من خلال ديبلوماسيتها إلى إيجاد حل يضمن استقرار لبنان ضمن إطار مصالحها الاستراتيجية في المنطقة، بما في ذلك الحفاظ على التوازن السياسي وعدم السماح بزيادة النفوذ الإيراني. والمحور الثاني هو إيران، التي تعتبر الفاعل الأبرز في دعم حزب الله وتوجهاته السياسية في لبنان، وتعمل على حماية نفوذها الإقليمي، بما في ذلك الحفاظ على دورها في تشكيل القرار اللبناني عبر التحالفات الداخلية».
وأضاف المرجع «في السياق الإيراني، لا يوجد جديد يمكن أن يعول عليه في الملف الرئاسي. وعلى رغم ذلك، تشير المعطيات إلى أن حزب الله، الذي يعد حليف إيران الأبرز في لبنان، أصبح أكثر تشددا في موقفه الرئاسي عن السابق. هذا التشدد قد يكون انعكاسا لقراءة الحزب أن الملف الرئاسي أصبح ورقة ضغط لا يمكن التنازل عنها بسهولة، في ظل التوترات الإقليمية والمفاوضات القائمة بين القوى الكبرى وإيران. لذا يبدو أن الحزب في الوقت الراهن يفضل الإبقاء على الوضع القائم بدل الدخول في تسويات قد تعتبر في غير مصلحته».
وأوضح المرجع «من جهة أخرى، كان هناك حديث فرنسي عن وجود مستجدات في الملف الرئاسي، إذ أعرب المسؤولون الفرنسيون مرارا عن تفاؤلهم بإمكانية حدوث اختراق في المشهد السياسي اللبناني. ولكن مع مرور الوقت، تبين أن هذه الوعود لم تتجسد في خطوات عملية، ولم يحمل الموقف الفرنسي أي ضغط فعلي على الأطراف المعنية لتقديم تنازلات تفضي إلى انتخاب رئيس جديد. هذا التناقض بين التصريحات والوقائع على الأرض يعكس فشل المساعي الفرنسية في تغيير معادلة الجمود المسيطرة».
واعتبر المرجع انه «بناء على المعطيات التي تجمعت أخيرا، يبدو أن الملف الرئاسي في لبنان لا يزال عالقا بين محوري النفوذ الأميركي والإيراني، من دون وجود معطيات جديدة قادرة على تحريك المشهد نحو حلول جدية. وبينما تظل الأطراف المحلية رهينة للقرار الخارجي، يبقى الشعب اللبناني المتضرر الأكبر من هذا الفراغ المستمر، في ظل التدهور الاقتصادي والمعيشي الذي يفاقمه غياب رئيس للجمهورية قادر على إدارة البلاد، وإعادة الحياة إلى المؤسسات الدستورية والإدارات والمؤسسات العامة التي يتمدد فيها الفراغ ومعه الشلل القاتل».