جاء في “الراي الكويتية”:
لم يكن لبنان خَرَج بعد من الصدمة الصاعقة التي شكّلتْها «الضربة الشاملة» السيبرانية – الأمنية التي نفّذتْها إسرائيل، الثلاثاء بنحو 3 آلاف جهاز «بيجر» ملغوم انفجرتْ بعناصر من «حزب الله» في مختلف المناطق وصولاً إلى سورية مخلّفة نحو 12 ضحية و3 آلاف جريح، حتى باغتتْه موجةٌ جديدة من تفجيرات «اللاسلكي المحمول» بعد ظهر أمس، وُصفت بأنها المرحلة الثانية من العملية الاستخباراتية الإسرائيلية الأضخم ضد شبكة اتصالات الحزب وأدت في حصيلة أولية الى 14 قتيلاً وأكثر من 450 جريحاً.
وفيما كان الجميع في لبنان والعالم مشدودين إلى خفايا وتداعيات الاعتداء الجَماعي المروّع من إسرائيل على «حزب الله» وبيئته في مناطق واسعة من بيروت والضاحية الجنوبية والبقاع والجنوب، لم تترك تل أبيب للحزب «التقاط الأنفاس» وتعمّدتْ الانتقال الى مرحلة ثانية من التفجيرات التي طاولت بعد نحو 24 ساعة من «مجزرة البيجر» أجهزة لاسلكية غالبيتها نوع Icom v82 المحمولة (تتلقى وترسل) وفُجّرت في عدد كبير من المناطق متسبّبة بسقوط ضحايا ومئات الجرحى وباندلاع حرائق في المنازل والسيارات والمحال التجارية.
وعلى طريقة «موجات الصدمة» المتوالية، وفي أعتى اختراق أمني متلاحق تسدد معه تل أبيب ضربة تلو الضربة«تحت الحزام» هي الأقوى للحزب في صراعها معه وقد تكون من الأكثر مكراً في سياق الحروب، أصيب لبنان بذهول شديد جديد ابتداء من الخامسة عصر أمس، حيث بدأ تفجيرات «ايكوم» خلال مراسم تشييع عدد من ضحايا «البيجر» في الضاحية الجنوبية لبيروت والجنوب، وبينهم نجل نائب الحزب علي عمار، ما أدى إلى حال هلع في صفوف المشيّعين.
وسرعان ما انتقل «الرادار» من «تسونامي البيجر» إلى عاصفة الـ «ووكي توكي ايكوم» التي ضربتْ في غفلةٍ من كل الإجراءات التي كانت ركّزت على استيعاب «كابوس الثلاثاء» وأبعاده الأمنية وتضميد جراح نحو 2800 أدخلوا المستشفيات وقسم كبير منهم تَعَرَّضَ لإصابات في العيون وبتر يدٍ، وتصدّرت الشاشات على شكل عواجل وفيديوات عن انفجارات متزامنة وحرائق ومعلومات عن ضحايا وجرحى كان عدّادهم يرتفع تباعاً، وصولاً لتقارير (قناة العربية) عن أن التفجيرات شملت النظارات الخاصة بصواريخ «كورنيت» وعن انفجار جهاز في سيارة أمام مستشفى الجامعة الأميركية في بيروت الذي يستقبل أكثر من 100 من جرحى إعصار أول من أمس.
نظام الطاقة الشمسية
وفي حين كان سيناريو الثلاثاء يتكرّر على شكل نداءات للمواطنين للابتعاد عن أماكن الأحداث الأمنية إفساحاً أمام نقل الجرحى إلى المستشفيات المتخمة أصلاً، تمدّدت حالات ذعرٍ فاقَمَها تزامن الانفجارات الجديدة مع غارات في الجنوب وتحليق مسيرات فوق الضاحية الجنوبية، وصولاً لما نقلته «الوكالة الوطنية للإعلام» الرسمية عن إصابة فتاة من بلدة المروانية (الجنوب) جراء انفجار نظام الطاقة الشمسية في منزل ذويها، متحدثة عن «انفجار نظام الطاقة في عدد من البيوت تزامناً مع الانفجارات في مناطق عدة».
وقال مصدر أمني لـ «رويترز» إنّ «الأجهزة التي انفجرت أمس هي لاسلكية محمولة ومختلفة عن(البيجر الملغومة)، كاشفاً أن هذه»الأجهزة تم شراؤها من «حزب الله» قبل 5 أشهر، وهي الفترة نفسها تقريباً التي اشترى فيها الحزب آلاف أجهزة النداء (البيجر) من شركة مقرّها المجر (اسمها «بي ايه سي») وأعلنت «غولد أبوللو» التايوانية أن لديها ترخيصا لاستخدام علامتها التجارية.
وإذ رَفَعَ من «حبس الأنفاس» ما نقله موقع «أكسيوس» عن مصدرين قالا إن «إسرائيل فجّرت آلاف أجهزة الاتصال اللاسلكية وأن هجوم اليوم (أمس) هو المرحلة الثانية من العملية الاستخباراتية ضد شبكة اتصالات«حزب الله»، زاد هذا التطور الخطير طبقةَ على«السرّ الكبير» لكيفية نجاح تل أبيب في اختراق أولاً شحنة «البيجر» ثم «ايكوم» الذي أفيد بأن استخدامه محصور أكثر ويتركّز على عناصر حماية التجمعات، وهو ما ترك ايضاً علامة استفهام حول الصيغة التي ستُعتمد لإطلالة الأمين العام للحزب السيد حسن نصرالله عصر اليوم وهل ستكون كلمته (عبر الشاشة) أمام جمهورٍ محتشد أم تُبث تلفزيونياً فقط».
وفيما كان القيادي في «حزب الله» هاشم صفي الدين يعلن«اننا أمام مرحة جديدة من العدوان والعقاب آت»، فإن الاعتداء الجَماعي المزدوج و«المفتوح» من إسرائيل على«حزب الله»وبيئته في مناطق واسعة من بيروت والضاحية الجنوبية والبقاع والجنوب، والذي طاول «بالصوت والصورة» عدداً كبيراً من العناصر الذين كانوا بلباسٍ مدني ويمارسون مَهماتهم اليومية على بُعد كيلومتراتٍ من الجبهة والكثير منهم داخل بيوتاتهم ومع عائلاتهم، وُضع تحت المجهر من زاويتين:
– الأولى الطابع التقني الذي أظْهَرَ التفوّق الهائلَ لإسرائيل في الحرب الأمنية والاستخباراتية والسيبرانية، وتعمُّدها النفاذ من هذه «الخاصرة الرخوة» الأكبر للحزب لتوجيه صفعةٍ لم يقلّ بُعْدها المعنوي عن حصيلتها الموجعة والمُرْعبة التي ترجمتها الأرقام المخيفة غير النهائية لضحايا «نكسة الثلاثاء» والتي بلغت 12 ضحية بينهم طفلان وسيدة، وما بين 2750 و2800 جريح إصاباتُ 300 منهم حرجة، قبل أن ينضمّ الى «لائحة الدم» أمس ما لا يقل عن 14 ضحية و450 جريحاً بعضهم وقع خلال تشييع في بلدة كفرصير الجنوبية.
– والثانية ما بعد هذا العدوان الذي يرتقي الى مستوى «الحرب الشاملة» الأمنية – الاستخباراتية، سواء على صعيد كيفية ردّ«حزب الله»على هذه «الإهانة الكبرى» ومدى إمكان ذهابه بعيداً في ضربة يستعيد معها الحدّ الأدنى من الردع ما دام مكبَّلاً بقرارِ عدم الانجرار الى حرب عسكرية كبرى لا رغبة لديه – ومن خلفه إيران – بها ولا قدرة له عليها، أو على صعيد ارتدادات الضربات المتسلسلة لجهة «تقطيع أوصال» شبكات التواصل والاتصال التي تلعب دوراً مركزياً في إدارة الحزب لـ «التحكم والسيطرة» على جبهة المشاغلة في الجنوب.
وفي حين بقيت التحريات عن لغز توقيت ضغط إسرائيل على زرّ تفعيل المتفجرات داخل البيجر أولاً، بدا أن الجواب المحتمل يردّ تلقائياً على سبب الموجة التالية من الانفجارات يوم أمس، حيث نُقل أولاً عن مسؤول أميركي قوله لموقع «أكسيوس» إن قادة إسرائيل «عجّلوا بشن الهجوم الثلاثاء بعدما انتابَهم القلقُ من احتمالِ انكشاف زرْع المتفجرات في البيجر«، ليفيد الموقع نفسه أمس بأن تفجيرات اللاسلكي المحمول»جاءت بعد تقييمٍ بأن تحقيق الحزب بانفجارات البيجر سيكشف عن خرق في الأجهزة اللا سلكية».
ولم تكن عابرة القراءة الاسرائيلية لـ «إنجاز تل أبيب» والتي ركّزت على أن حزب الله يواجه «كابوسه الأسوأ، الفوضى»، وفق ما نقلت صحيفة «جيروزاليم بوست»، معتبرة «أن العدد الكبير من الجرحى الذين يتلقون علاجهم في المستشفيات سيمنعهم من أداء دورهم العسكري لفترة معيّنة، وحتى بعد عودتهم إلى خدمتهم العسكرية، سيواجهون صعوبات بسبب بتر أعضاء إثر الانفجارات، بالأخص الأيدي».
كما ركّزت تقارير عبرية على «ان الحزب سيواجه تحدياً يتمثّل في إيجاد وسيلة أخرى للتواصل بين عناصره بعدما تبيّن أن البيجرز غير آمنة»، لافتة إلى «أن الفوضى بدأت تظهر في حزب الله، فقيادة الحزب طلبت من عناصرها عدم استخدام أجهزة الاتصال ومن المفترض أن تجد البديل»، وبالتالي «قد يواجه عناصر الحزب مشكلة تواصل في المرحلة المقبلة، خصوصاً وأن أجهزة اتصال أخرى قد تكون مهدّدة أيضاً، ولا يستطيع الحزب تنسيق إطلاق صواريخه إذا لم يتمكن من الوصول إلى عناصره في منصّات الإطلاق».
حقبة جديدة
وفي السياق، أكد وزير الدفاع الإسرائيلي يؤاف غالانت مساء أمس، «نحن في بداية حقبة جديدة في هذه الحرب وعلينا أن نتكيف»، بينما قال رئيس الأركان هيرتسي هاليفي لدينا قدرات كثيرة لم نستغلها بعد وعلى وقع تفجيرات «البيجر»، يعقد مجلس الأمن جلسة طارئة غداً، بناء على طلب الجزائر.
السفير الإيراني الجريح: فخر واعتزاز
في أول تغريدة بعد إصابته بانفجار جهاز النداء «بيجر»، كتب السفير الإيراني في بيروت مجتبى أماني عبر حسابه الخاص على منصة «إكس»، «لمن دواعي فخري واعتزازي أنّ دمائي قد امتزجت بدماء الجرحى من أبناء الشعب اللبناني الشريف، جراء الجريمة الإرهابية المهولة التي استهدفت لبنان الشقيق يوم الثلاثاء. هذا البلد الأبي الذي وقف وقفة عز وشموخ منذ اليوم الأول لمعركة طوفان الأقصى».
وكانت السفارة الإيرانية نفت ما تم تداوله حول الوضع الصحي للسفير، مشيرة إلى أن ما نشر حول حالته الصحية وحالة عينيه (أشيع انه فقد إحداها)«مجرد إشاعات ومعلومات غير صحيحة»، ومؤكدة أن علاج السفير أماني يتم بشكل جيد.
كما أعلنت زوجة السفير نرجس غديريان، في منشور على«إكس»أن زوجها«أصيب بجروح طفيفة ولكنه بخير وقد زال الخطر عنه».
جهاز «ايكوم»… السيرة الذاتية
مع استهداف إسرائيل «ووكي توكي ايكوم» (icom v82 ) اللاسلكية، أوردت تقارير صحافية معلومات عن هذا الجهاز المعروف بأن بطاريته ضخمة بما يسمح بوضع كمية متفجرات أكبر «الأمر الذي يفسر دوي الانفجارات وسقوط عدد من الجرحى».
وبحسب موقع «النهار» الإلكتروني فإن ايكوم (Icom) هي مجموعة متنوعة من أجهزة الاتصالات التي تستخدم تقنيات مختلفة للاتصال عبر الراديو.
تتنوع هذه الأجهزة لتلبية احتياجات مختلفة، بما في ذلك الاتصالات البحرية، والاتصالات في الطوارئ، والاتصالات المتنقلة.
ويُعد البيجر والووكي توكي أكثر أماناً في التواصل من الخليوي.
وicom هي شركة تصنيع عالمية لمعدات الاتصالات المتقدمة، بما في ذلك أنظمة الراديو ثنائية الاتجاه، وإلكترونيات الطيران، وأنظمة الملاحة البحرية، والشبكات القائمة على بروتوكول الإنترنت.
تأسست في أوساكا – اليابان عام 1954. وبدأت كمستورد للمعدات الإلكترونية الأميركية الصنع قبل أن تنتقل إلى التصنيع.
كان المنتج الأول عبارة عن مذبذب بلوري لأجهزة الراديو. وتوسعت خطوط الإنتاج لتشمل أجهزة الراديو البحرية والطيران، وأجهزة الراديو المتنقلة البرية للسلامة العامة والصناعات التجارية.
والبديل عن الـ icom أجهزة منها «موتورولا» و«كينوود» و«بايسو».