كتب داود رمال في “الأنباء الكويتية”:
تعتبر العملية السيبرانية التي استهدفت أجهزة الاتصالات الخاصة بـ ««حزب الله» إحدى أعقد الهجمات التي نفذت ضد الحزب، ومن المعروف أن «حزب الله» يعتمد على شبكة اتصالات خاصة ومنفصلة عن الشبكات العامة لضمان سرية اتصالاته وأمنها، سواء داخل لبنان أو في سورية.
وجاءت قدرة إسرائيل على اختراق هذه الشبكة وتفجير آلاف الأجهزة في شكل متزامن، لتشير إلى مستوى عال من التطور في الحرب الإلكترونية التي تديرها إسرائيل ضد خصومها.
وفي تحليل لكيفية الاختراق، قال خبير سيبراني أمني لـ «الأنباء»: «قد تكون إسرائيل اخترقت النطاق الترددي الذي يستخدمه حزب الله للتواصل. وبشكل عام، لكل تردد قدرة استيعابية محددة من حيث عدد الأجهزة التي يمكنها استخدامه في شكل آمن وفعال. ومن خلال الدخول إلى هذا التردد وإرسال إشارات إلكترونية معينة، يمكن تحميل هذا النطاق بأعباء تفوق قدرته الاستيعابية، ما يؤدي إلى زيادة حرارة البطاريات أو المكونات الإلكترونية داخل الأجهزة المتصلة. وبالتالي، قد يؤدي ذلك إلى انفجارها نتيجة السخونة المفرطة».
وأوضح المصدر انه «لم تتأثر أجهزة الاتصال اللاسلكي الخاصة بالقوى الأمنية والمستشفيات والمؤسسات، لأن تلك الأجهزة على الأرجح تعمل على ترددات مختلفة ولم تتعرض لنفس الهجوم الإلكتروني. فالهجوم استهدف شبكة الاتصالات الخاصة بالحزب تحديدا، ما يشير إلى دقة التخصيص والتوجيه في هذا الهجوم».
وشرح المصدر عن «البيجر» كأداة اتصال، وأشار إلى انه «جهاز اتصال لاسلكي صغير يعتمد على إرسال إشارات رقمية عبر التردد اللاسلكي. تم تطويره في الستينيات وكان يستخدم في شكل واسع في القطاع الطبي والأمني، وكذلك من قبل العاملين في خدمات الطوارئ، نظرا إلى سهولة استخدامه واعتماديته العالية في إرسال واستقبال الرسائل في حالات الطوارئ. مع تطور الهواتف الذكية، أصبح استخدام البيجر محدودا، ولكنه لا يزال يلعب دورا مهما في بعض المجالات الحساسة».
واعتبر المصدر ان هذه العملية السيبرانية تحمل أبعادا عدة أبرزها:
1 ـ رسالة تحذير: تشير العملية إلى أن إسرائيل تمتلك قدرات متقدمة جدا في الحرب الإلكترونية. وهذه رسالة واضحة لـ«حزب الله» بأن قدراته التقنية ليست محصنة كما كان يعتقد.
2 ـ استهداف دقيق: استهدفت العملية الأجهزة الخاصة بعناصر الحزب فقط، ما يظهر تفوقا تكنولوجيا من خلال تحديد واختراق الترددات التي يستخدمها «حزب الله» دون التأثير على الأجهزة الأخرى في المنطقة.
3 ـ ضربة معنوية: هذا النوع من الهجمات لا يستهدف فقط البنية التحتية التقنية للحزب، بل يراد منه زعزعة الثقة الداخلية لأعضائه في أمن وسائل الاتصال.
وأكد المصدر أن رد حزب الله على هذه العملية السيبرانية يعتمد على عدة عوامل:
أولا: محاولة إصلاح الثغرات: على الأرجح سيعمل «حزب الله» على تعزيز أمان شبكة اتصالاته واتخاذ إجراءات تقنية لتجنب حدوث مثل هذه الاختراقات في المستقبل.
ثانيا: رد سيبراني: من المحتمل أن يكون الرد على شكل عملية سيبرانية مضادة تستهدف البنية التحتية الإلكترونية الإسرائيلية.
ثالثا: رد عسكري: إذا اعتبر «حزب الله» أن هذه العملية جزء من تصعيد أمني كبير، فقد يتجه إلى الرد بشكل تقليدي عبر عمليات عسكرية ضد أهداف إسرائيلية منتقاة.
رابعا: تصعيد غير مباشر: يمكن أن يلجأ «حزب الله» إلى تصعيد غير مباشر عبر حلفائه في المنطقة، أو عبر أنشطة في مناطق أخرى لإيصال رسالة ردع.
ورأى المصدر ان عملية اختراق شبكة اتصالات «حزب الله» هي ضربة نوعية في الحرب الإلكترونية تحمل أبعادا أمنية ومعنوية كبيرة، وتظهر تطورا لافتا في قدرة إسرائيل على تنفيذ هجمات سيبرانية دقيقة. ومع أن رد «حزب الله» غير واضح حتى الآن، إلا أن السيناريوهات تتراوح بين تعزيز البنية التحتية الدفاعية السيبرانية، والرد السيبراني المضاد، أو حتى التصعيد العسكري في مرحلة لاحقة.